أخبار عربيةالأخباراليمن

قوة أمنية تداهم مسجدًا في اليمن وتطلق النار داخله وتختطف إمامه

داهمت قوة أمنية تابعة لإدارة أمن عدن، خلال صلاة فجر الخميس، مسجد عمر بن الخطاب في حي ساحة الشهداء بمديرية المنصورة بمدينة عدن جنوبي اليمن، وأطلقت النار في حرم المسجد، واختطفت إمامه الشيخ محمد الكازمي، في واقعة أثارت موجة غصب واستنكار واسع.

وقالت قناة (يمن شباب) التلفزيونية إن قوة أمنية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي اقتحمت، فجر الخميس، المسجد، وأطلقت النار داخله، قبل أن تختطف إمامه الشيخ محمد الكازمي، واقتادته إلى جهة مجهولة؛ مما أثار ذعرًا بين المصلين.

ووفق فيديو متداول في منصات التواصل الاجتماعي؛ فإن قوة أمنية بعض أفرادها ملثمون ويرتدون ملابساً مدنية، والبعض الآخر يرتدون ملابسًا عسكرية، وجميعهم مدججون بالسلاح، داهمت المسجد، وأطلق بعض أفرادها النار في أرجائه، ما أثار حالة من الهلع والذعر بين المصلين، فيما اعتدى البعض الآخر على خطيب المسجد وإمامه قرب محراب المسجد، واقتادوه بالقوة إلى جهة مجهولة.

ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي) على الوضع الأمني والعسكري في مدينة عدن.ونشر موقع صحيفة (عدن الغد) مساء أمس الخميس، صورة للشيخ الكازمي يحيط به مجموعة من الناس، وقالت إنها عقب الإفراج عنه، دون مزيد من التفاصيل.

وحتى الساعة الخامسة من مساء اليوم بتوقيت غرينتش، لم تُعلن أي جهة رسمية بيانًا توضح فيه أسباب الاعتقال، وقبل ذلك مسؤوليتها عما حدث.

وتصاعدت ردود الفعل اليمنية الغاضبة على منصات التواصل الاجتماعي، والتي أدانت واستنكرت الواقعة، واعتبرتها اعتداءً على مكانة المسجد وهوية المجتمع.

المحامية والناشطة الحقوقية، هُدى الصِراري، قالت إن ما حدث في مسجد مديرية المنصورة هو عار وفضيحة أخلاقية وقانونية وإنسانية. مجموعة مسلحة ملثّمة، مدججة بالسلاح، تقتحم بيتًا من بيوت الله أثناء صلاة الفجر، وتُرَوِّع المصلين بإطلاق النار، ثم تختطف إمام المسجد الشيخ محمد الكازمي وكأنه مجرم حرب، وليس رجل دين يقود الناس في صلاة آمنة في بيت آمن.

وأضافت في «تدوينة»: هذه ليست قوة أمنية، بل تشكيل مسلح لا يخضع لأي سلطة قضائية أو مدنية. وطريقة الاقتحام والاختطاف لا تختلف عن سلوك العصابات، بل إنها أسوأ؛ لأنها تُمارس باسم مؤسسات يُفترض أن تحمي لا أن تُرهب.

وأردفت: الوجوه الملثمة، السلاح، الرصاص، اقتحام المساجد، الخطف خارج القانون، كل ذلك يُعيدنا إلى نمط معروف من الانتهاكات التي تمارسها تشكيلات تُسمى بـ»قوات مكافحة الإرهاب»، أو مجموعات مسلحة تتبع قيادات أمنية معروفة، والتي كثيرًا ما تلطخت سمعتها بجرائم تعذيب وخطف وترويع للمواطنين، دون حسيب أو رقيب. إنها ليست المرة الأولى، ولكننا نرفض أن تصبح عدن ساحة مستباحة لهذا العنف المنفلت.

واعتبرت ما جرى انتهاكًا صارخًا للقوانين اليمنية والدستور والشرائع الدولية، وخصوصًا الحق في الأمان، وحرمة المساجد، والحق في المحاكمة العادلة. لا يمكن أن نقبل بأن يتم اختطاف الناس بهذه الطريقة الهمجية، وبغطاء صامت من الجهات الرسمية.

المركز الأمريكي للعدالة، أدان اقتحام قوات الحزام الأمني (تابعة للانتقالي) للمسجد وما حصل من اطلاق نار واعتداء واختطاف، واعتبرها مخالفة صريحة للإجراءات القانونية وضمانات الحرية الدينية وسلامة دور العبادة.

وحذر المركز من خطورة استمرار الانتهاكات بحق أئمة وخطباء المساجد في عدن والمناطق المجاورة، بعد موجة طويلة من الاغتيالات والتهديدات، ما دفع العشرات منهم لمغادرة المدينة حفاظًا على حياتهم، وسط غياب المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب.

لم يقتصر الاستنكار على الحقوقيين أفرادًا ومؤسسات، بل عبرت عنه قيادات حكومية.

وأعرب وزير الشباب والرياضة، نايف البكري، عن استنكاره الشديد لهذه الحادثة المؤسفة، ورفضه التام لهذه التصرفات غير المسؤولة التي تُعدّ انتهاكاً لحرمة بيوت الله، وترويعاً للمواطنين والمصلين الآمنين.

وقال البكري في «تدوينة»: صليتُ ظهر اليوم في مسجد عمر بن الخطاب بمديرية المنصورة.

وأضاف: خلال تواجدي، التقيت بعدد من المصلين والمواطنين، الذين عبّروا عن صدمتهم ورفضهم الشديد لما جرى، وأكّدوا لي أن الشيخ الكازمي يتمتع بسمعة طيبة وسيرة حسنة، ويُعرف باعتداله ووسطيته ونشاطه الدعوي المعتدل.

وأكد الوزير البكري أن تطبيق القانون له أدواته وإجراءاته المعروفة، والتي يجب أن تُمارس عبر القنوات القانونية والرسمية، وليس عبر اقتحام المساجد واستخدام القوة غير المبررة.

فيما اعتبر وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد، مختار الرباش الهيثمي، في «تدوينة» أن ما حدث يمثل انتهاكًا صارخًا لحرمة المساجد وإهانة لمكانتها وقدسيتها، وإساءة لعدن وأهلها وتاريخها النضالي.

وطالب الرباش رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس مجلس الوزراء، ووزيري الدفاع والداخلية، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام، ومحافظ ومدير أمن عدن، وقادة القوات الأمنية، بالقيام بواجبهم الديني والوطني عبر توقيف الجناة وتقديمهم للعدالة.

وقال موقع (درع الجنوب)، التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي، إن عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبد الرحمن المحرمي، وجه بالتحقيق مع مدير قسم شرطة دار سعد بعدن والأفراد المتورطين في اقتحام المسجد في المنصورة واعتقال إمامه.

ونقل عن مصدر مسؤول إن المحرّمي، وجه الفريق الأمني التابع لمكتبه بالتحقيق مع مدير قسم شرطة مديرية دار سعد مصلح الذرحاني، والأفراد المشاركين في الحادثة. مشددًا على محاسبة كل من تورط في الاقتحام وإطلاق النار داخل المسجد واعتقال الإمام، وفقاً للنظام والقانون.

وشهدت عدن خلال السنوات القليلة الماضية موجة من اغتيالات أئمة المساجد، ذهب ضحيتها عديد من الائمة والخطباء، ولم تعلن التحقيقات، حتى الآن، مَن كان يقف خلفها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى