أخبار عالميةالأخبار

نصائح أستاذ في هارفارد لحركة للطلاب: لا تنفروا الناس منكم.. خصومكم مثابرون على اختلاق الأكاذيب

قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد ستيفن وولت إنه يتعاطف مع الطلاب المحتجين ضد تصرفات إسرائيل في غزة ودعم الولايات المتحدة لها، وهذا لا يعني موافقته على كل ما يفعلونه.

وأشار، في مقال بمجلة “فورين بوليسي”، إلى أنك لو لم تكن ناسكاً، فإنك تعرف بما يجري في حرم الجامعات الأمريكية، والتي تشهد اضطرابات طلابية، ومخيمات اعتصام في المربعات والساحات العامة، وغيرها من الأماكن المفتوحة.

وتدعو الاحتجاجات إلى وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ودعم الولايات المتحدة لها. وفي بعض الأحيان تدعو إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل، وإبعاد نفسها عنها.

وتجد إداراتُ الجامعات نفسها عالقة بين طلاب عاطفيين ومثاليين، ومانحين غاضبين، وجماعات لوبي مؤثرة ومؤيدة لإسرائيل، وأعضاء في الكونغرس يمتهنون الكذب، ومخاوف الكليات من تعرّض عناصر في الحرية الأكاديمية للخطر.

ويعلق الكاتب: تعاطفي هو مع الطلاب، وهذا لا يعني أنني متفق مع كل شيء يفعلونه، أو ما نطق به بعضهم. ولم أشك أبداً في أن ما فعلتْه “حماس” لإسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان جريمة وخطأ، ولكنها جريمة لا تبرر الردّ الإسرائيلي المفرط والمتعمّد والعشوائي. ويجب ألا تنسينا جرائم “حماس”، معاناة وتشرد الفلسطينيين وعلى مدة عقود. ومع أن حفنة من المنخرطين في هذه التظاهرات نطقت بأمور منكرة، فمن الواضح أن غالبية المشاركين (بمن فيهم عدد كبير من اليهود الأمريكيين) لم تدفعهم معاداة السامية، بل التعاطف مع سكان غزة المحاصرين ومحنتهم. وكذا التقزّز من الدعم الأمريكي المستمر لإسرائيل والرغبة في دفع قضية السلام للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

وأضاف أنه “من المفارقة والمثير للسخرية أن ينشغل نقاد الطلبة بتصريحات مؤسفة لبعض الجهلة والمتهورين أكثر من انشغالهم بالقتل العشوائي لأكثر من 35,000 فلسطيني، أو المشاعر الإبادية التي عبّر عنها مسؤولون إسرائيليون بارزون.

فلو كنت تريد شجب ما قالته مجموعة من المتطرفين في جانب، فمِن الإنصاف شجب المتطرفين على الجانب الآخر.

وتساءل وولت إن كانت حركات الاحتجاج هذه ستحقق أهدافها المتعددة؟ مجيباً: لا أعرف، فرغم نجاحها في التركيز على أعمال إسرائيل المفترسة، والتواطؤ الأمريكي، فإنني أشعر بالقلق من أنهم قد يتصرفون بطرق تقوّض، بطريقة غير مقصودة، التعاطف الذي حصلوا عليه، وخاصة أن حفلات التخرج في الجامعات ستبدأ.

ويقول الكاتب إن أفكاره هي نتاج تجربة في كلية الفنون الليبرالية في ماساشوستس، وظهرت في مناسبة عامة عن الولايات المتحدة والشرق الأوسط إلى جانب مسؤول سابق في الخارجية، وقضينا ساعة أو أكثر نردّ على أسئلة أشرف عليها أحد مسؤولي الكلية. واتفقنا على بعض النقاط، واختلفنا بشكل كبير في الأخرى. وبالمجمل، كان تبادلاً محترماً ومثمراً للآراء. وكنت واضحاً حول أن السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط كانت في الماضي واليوم ضالة، وأن الولايات المتحدة الآن متواطئة في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل.

وأشار إلى أن المناسبة، التي كانت عبارة عن أسئلة وأجوبة، ظلّت هادئة حتى دُعي طالب للسؤال، لكنه بدلاً من توجيه السؤال بدأ بقراءة بيان شجبَ فيه ما يجري في غزة، وظلَّ يقرأ رغم الطلبات المتكررة لينهي بيانه. وعندما انتهى أخذ يهتف مع عشرة طلاب آخرين، حيث استُدعي الأمن، وخرج الطالب طوعاً من القاعة. وتكرر المشهد مرة ثانية، عندما قرأ طالبٌ، استدُعي لتوجيه سؤاله، بياناً مشابهاً، وخلافاً للأول، رفضَ الخروج من القاعة، ما اضطر منظم المناسبة لوقفها، وبشكل مبكر.

ويعلق وولت بأن الطالب لو خرج لمنحه الفرصة للتعليق على ما قاله وزميله، وموافقته تقريباً على كل ما قالاه. فلم يقولا أيّ شيء خطأ، أو فيه دعوة للعنف والتهديد، لكن تصرفهما أدى لانزعاج الحضور، وحرمه من مناسبة التعليق، وأدى لوقف مناسبة حافلة بالنقاش قبل موعدها.

ويؤكد وولت بأنه عانى من الجدل، وقدّمَ عدداً من المحاضرات حول العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية لجمهور لم يتفق مع مواقفه، ويقول إن ذلك يعطيه فرصة لتقديم جملة من النصائح للمحتجين الأمريكيين على الحرب في غزة وسياسة بلادهم بدعمها.

الأول: لا تنسَ أنك تحاول تعزيز ميول الناس الذين هم معك، وتحاول كسبَ الناس الذين لم يقرّروا بعد. ومن غير المحتمل أن تقنع صهيونياً ملتزماً وتغيّر مواقفه، أكثر من محاولته تغيير آرائك. لكن الناس الذين لم يتخذوا قرارهم بعد، عادة ينجذبون إلى الحقائق والمنطق والعقل والأدلة. ومن خلال تجربتي، فما يبعدهم هو الغضب والوقاحة وعدم التسامح، وخاصة من قبل شخص يتدخل في رغبتهم بالتعلّم أكثر. وعندما كنت ألقي محاضراتي حول اللوبي الإسرائيلي، قبل 15 عاماً، كان يساعدني صراخ شخص من بين الجمهور، أو يطلق الهجمات الشخصية، لماذا؟ لأن بقية الحضور ينظرون إلى هذا التصرف بأنه وقاحة، وليس مدعوماً بأي شيء قلته، وتوصلوا لنتيجة أن ما قلتُه كان صحيحاً.

الثاني: عليك معرفة أنك تتحرك ضد معارضين ملتزمين لديهم تمويل جيد وصلات أفضل، ولديهم منافذ واسعة على الساسة والإعلام. وهم مستعدون لاستخدام أيّ تصرف مفرط، حوادث مؤسفة، تصريحات متهورة، أو داعية للكراهية، في محاولتهم لنزع المصداقية عن الحركة ككل. ولو لم ينجحوا فسيحاولون اختلاق أكاذيب. ومن المنطقي ألا تتصرف بطريقة تعطي الطرف الأخيرة ذخيرة ضدك.

الثالث: عندما يحين موعد حفلات التخرج، من المهم ألا تعرقل الحفلة حتى لا يرتد الحاضرون ضدك. فمعظم الطلبة وعائلاتهم ليسوا منخرطين في النشاط مثلك. وهناك الكثيرون منهم ليس لديهم مواقف واضحة حول دمار غزة، والطرق التي تساعد الولايات المتحدة فيها. ومعظم الطلاب جاءوا إلى حفلة التخرج للاحتفال بإنجازاتهم أمام آبائهم وأجدادهم وأخوتهم وأصدقائهم. وسيغضب كلُّ هؤلاء على أيّ شخص يعطل فرحتهم، مع أن انزعاجهم لا يمكن مقارنته بمعاناة الفلسطينيين، لكن ليست هذه هي النقطة.

فالهدف هو أن تحاول جلب أكبر قدر من الناس إلى جانبك، وليس تنفير أي شخص قد يدعم ما تقوم به. ولهذا ارتدِ الكوفية لو أردتَ، واصرخْ: وقف إطلاق النار الآن عندما تمضي لأخذ شهادتك، لكن لا تمنع الناس من دخول الميدان، ولا تحاول التشويش على عريف الحفل، أو المتحدثين فيه، ولا تخلق جواً يغضب فيه الحضور عليك، بدلاً من غضبهم على ما يجري في غزة. أنْ تُغضِبَ الناس الذي يدعمونك، ليس حكيماً، لأن زملاءك الطلاب لن يغضبوا على الرئيس جو بايدن، أو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لو خربت حفلة تخرجهم، بل سيغضبون عليك، وهذا ما يريده الجانب الآخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى