أخبار عالميةالأخبار

ولاء بلا حدود لترامب

رفعت ولاية جورجيا إجمالي الاتهامات الجنائية التي يواجها الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى أكثر من 70 اتهاما بعد مواجهته أمس الخميس بـ13 تهمة جديدة تتعلق بجهوده لإلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولاية عام 2020.

 

ويواجه ترامب اتهامات منفصلة في 3 قضايا سابقة رفعت أولها ولاية نيويورك بتهم ترتبط بتزوير سجلات تجارية ودفع أموال سرية لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز، قبل أيام من الانتخابات الرئاسية عام 2016.

 

والقضية الثانية والثالثة رفعتهما الحكومة الفدرالية بتهم ترتبط بتعامله مع مواد سرية ورفضه إعادة مئات الوثائق التي تحتوي على معلومات حكومية، ولدوره في أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021 واقتحام أنصاره لمبنى “الكابيتول” لعرقلة التصديق على نتائج انتخابات 2020. ويقول ترامب إنه غير مذنب في جميع التهم.

 

تقدم رغم الاتهامات

 

ورغم ظهوره المتكرر منذ بداية العام الجاري أمام المحاكم واحتمال تعرضه للسجن حال إدانته، لم يتغير ولاء ودعم أغلبية الكتلة التصويتية الجمهورية لترامب. بل تظهر استطلاعات الرأي المتكررة والمحايدة استمرار تقدمه الواسع على بقية الساعيين لنيل بطاقة الحزب الجمهوري للترشح في انتخابات 2024.

 

وحصل ترامب في استطلاع شبكة “سي بي إس”، الذي نشرت نتائجه الأحد الماضي، على أصوات 62% من الناخبين الجمهوريين، متقدما بنسبة 46% من الأصوات على أقرب منافسيه رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا الذي حصل على 16% فقط من الأصوات، في حين حصل بقية المرشحين على نسب ضئيلة.

 

ويمثل دعم الناخبين الجمهوريين لترامب معضلة في ظل وجود بدائل له ظهرت في المناظرة الأولى بين المرشحين الجمهوريين أول أمس الأربعاء.

 

منطق داعمي ترامب

 

واستطلعت الجزيرة نت آراء عدة خبراء في الشؤون السياسة الأميركية حول أسباب استمرار الدعم الشعبي الواسع بين الجمهوريين لترامب.

 

وفي حديث مع الجزيرة نت، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي وعضو الحزب الجمهوري بيتر روف، إن العديد “من مؤيدي ترامب يعتقدون أن مشاكله القانونية هي ثمرة لمعركته لتجفيف مستنقع الفساد السياسي بواشنطن. وبالتالي، فإن التهم، حتى تلك التي ترقى إلى مستوى جنائي وخطير، يرونها كشكل من أشكال المضايقات من أعدائه السياسيين ولا ينبغي أخذها على محمل الجد”.

 

من ناحيتها، تضع الخبيرة في السياسة الأميركية والبروفيسورة في جامعة ولاية جورجيا أليكسا بانكرت، في حديثها للجزيرة نت، تفسيرين مفيدين لمحاولة تفكيك استمرار دعم الكتلة التصويتية الجمهورية لترامب:

 

يرتبط التفسير الأول بأن ترامب حاليا هو المرشح الأوفر حظا في السباق على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة. وتقدمه على رون ديسانتيس ضخم ويتسع ومن الصعب أن يلحق به. وتقليديا يحب الناس دعم مرشح من المرجح أن ينجح (نحب أن نكون في الفريق الفائز).

وتقول بانكرت إن شعبية ترامب المتصاعدة ستكون عاملا حاسما في قرارات التصويت الأولية للجمهوريين ليس فقط بين الموالين له، ولكن أيضا بين من ليسوا بالضرورة من المعجبين به ولكنهم يرون أنه الخيار الوحيد القابل لمواجهة جادة في السباق ضد الرئيس بايدن.

أما التفسير الثاني، فيرتبط بحالة الاستقطاب العميقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي؛ “فكلا الحزبين يعيش في غرفة مغلقة (في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والأصدقاء، وما إلى ذلك) تعرضهم باستمرار لرسالة واحدة مفادها أن الجانب الآخر يكذب. وهذا يجعل من السهل جدا رفض أي معلومات قد تصور حزبك بشكل سلبي”.

وتضيف بانكرت: لدينا بعض الأبحاث في علم النفس السياسي التي تظهر أن الحزبيين قد يضاعفون ولاءهم الحزبي عندما يواجهون معلومات سلبية عن حزبهم وقادته، ونسمي ذلك المنطق بدوافع حزبية. وأعتقد أن الدعم الثابت لترامب بين أتباعه يدل على هذا السلوك.

 

الاستثناء في التاريخ الأميركي

 

يتناول جيريمي ماير البروفيسور بكلية السياسة والحكومة في جامعة جورج ميسون بولاية فيرجينيا، الأبعاد التاريخية والنفسية وراء دعم أنصار ترامب له.

 

وفي حديث مع الجزيرة نت، يرى ماير أن “الدعم المستمر لترامب غير عادي على الإطلاق في التاريخ الأميركي من حيث الجاذبية الشخصية الواسعة التي يتمتع بها عند نسبة كبيرة من السكان”.

 

ويقول البروفيسور: لم تعرف السياسة الأميركية شخصية لديها هذا النوع من الكاريزما. لقد كان لدينا رؤساء مشهورون من قبل، سواء أوباما في فترة حكمه الأولى، أو الرئيس أيزنهاور أو ريغان أو روزفلت. لكن لم يكن لدينا أبدا شخص مثل ترامب تركز شعبيته بالكامل تقريبا على شخصيته، وليس إنجازاته أو سياساته.

 

ويحدث هذا الدعم لترامب في وقت “عميق الاستقطاب”، كما يصفه ماير، وحيث “هناك عدد قليل جدا من الأميركيين المحايدين بشأن ترامب”.

 

ويقارن الأكاديمي الأميركي وضع ترامب بحالة الرئيس بيل كلينتون أثناء “فضيحة مونيكا لوينسكي” خلال سنوات حكمه “عندما أيده العديد من الديمقراطيين على مضض واعترفوا بأنه ارتكب خطأ، ولم يعتقدوا أنه كان قابلا للعزل”.

 

ولكن ماير يضيف “إذا ظهرت أدلة على جرائم في قضية وايت ووتر الأكثر خطورة وغير الجنسية، أعتقد أن الديمقراطيين كانوا سيتخلون عن كلينتون. وهذا يختلف تماما عن العديد من الجمهوريين اليوم الذين يعتقدون أن ترامب بريء من أخطر التهم، أو أن المحاكمة مزورة أو غير مناسبة”.

ويذكر ماير حديث ترامب عندما قال “ستبقى قاعدتي الانتخابية معي حتى إذا أطلقت النار على شخص ما في منتصف الجادة الخامسة بنيويورك!”. ويعلق “هذه ليست الطريقة التي من المفترض أن تعمل بها الديمقراطيات. ليس من المفترض أن نكون في حالة حب مع قادتنا لدرجة أننا نضعهم فوق القانون أو خارجه”.

 

ويقول ماير إن الجمهوريين اعتقدوا أن بعض الديمقراطيين كانوا يحبون أوباما أكثر من اللازم، لكن لو انخرط أوباما في سلوك إجرامي في منصبه أو حرض على تمرد أو احتفظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني، لتخلوا عنه في الغالب.

 

ويختم بالقول: هكذا كانت أميركا دائما. ومن هنا يغير أتباع ترامب المتحمسون قواعد اللعبة بالنسبة لطبيعة الجمهورية الأميركية.

زر الذهاب إلى الأعلى