أخبار عالميةالأخبار

انقلاب في بوركينا فاسو بطعم الكارثة لفرنسا

ستكون عواقب الانقلاب الحالي في بوركينا فاسو على التدخل الفرنسي في المنطقة متعددة ووخيمة، لدرجة أنه قد يمثل الضربة القاضية للمشاركة العسكرية الأوروبية في المنطقة.

 

هذا ما يراه لوران لارشي في تحليل له بصحيفة لاكروا  (La Croix)، حذر فيه من أن هذا الانقلاب وما ينجم عنه من عدم استقرار، يهدد مستقبل عملية برخان الفرنسية في كل منطقة الساحل الأفريقي.

 

وطرح الكاتب 3 أسئلة جوهرية لإلقاء الضوء على ملابسات هذا الانقلاب وما قد ينجر عنه من تداعيات.

 

أولا: ما النتائج المباشرة لهذا التطور على التدخل الفرنسي في المنطقة؟

 

للإجابة عن هذا السؤال، يوضح لارشي أن الوجود العسكري الفرنسي في بوركينا فاسو يقتصر الآن على القوات الخاصة، “فرقة السيف الضالع”، وهي بطبيعتها قوة سرية من حوالي 350 جنديا، لا تُستخدم إلا في مطاردة وضرب “الجهاديين”، وقد استخدمت في السابق كقوة كوماندوز فأخذت مثلا الرئيس السابق بليز كومباوري عندما أطيح به في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2014 إلى برّ الأمان.

 

لكنها لا يتوقع -بحسب الكاتب- أن تستخدم في الوضح الحالي في بوركينا فاسو لحماية الرئيس المخلوع روش كابوري، إذ إن الموقف حساس للغاية، كما أن باريس ليست لديها مصلحة -وربما لم تعد لديها وسيلة- للعب دور الشرطي في أفريقيا، كما فعلت في 2014.

 

غير أنها يمكن أن تستخدم -وفقا للكاتب- في حالة وجود تهديد للأوروبيين، وهو سيناريو غير مرجح في الوقت الحالي.

 

فالأزمة في بوركينا فاسو يمكن أن تشكل قبل كل شيء مشكلة لوجستية للجيش الفرنسي، كما يرى الرئيس السابق للبعثة العسكرية الفرنسية لدى الأمم المتحدة الجنرال دومينيك ترينكوان، إذ إن قوافل تموين القوات الفرنسية من قاعدة جاو في شمال مالي ومن ميناكا في شمال النيجر تمر عبر بوركينا فاسو، لذا فإن فرنسا مضطرة لتجنب إغضاب السلطات التي تدير ذلك البلد.

 

ثانيا: كيف نتصور مستقبل عملية برخان؟

 

يرى الكاتب أن باريس ستظل -حتى نهاية الانتخابات الرئاسية الفرنسية- في موقف لا تحسد عليه، “إذ كيف لها أن تتخذ قرارات مهمة قبل أقل من 100 يوم عن هذه الانتخابات؟”، يتساءل الجنرال ترينكوان قبل أن يضيف أن ما يتوقع من السلطات الفرنسية في هذه الفترة هو الحرص على شيء واحد، وهو ألا تكون ثمة أي خسائر في الأرواح بين الجنود الفرنسيين، مما يعني أن الجنود لن يبرحوا قواعدهم كما كانت الحال في أفغانستان، بحسب قوله.

 

ويرى مارك آنتوان بيروز دي مونتكلو، مؤلف كتاب: “حرب خاسرة.. فرنسا في منطقة الساحل” الذي نشر عام 2020، أن هذه العملية “محكوم عليها بالفشل منذ البداية”.

 

ويتساءل: مع هذا الانقلاب الجديد، كيف يمكن لباريس أن تفكر حقًا في البقاء في الساحل؟ كم عدد الجنود الذين سيموتون مع تدهور الوضع في كل مكان؟

 

ويتوقع لارشي أنه بمجرد انتهاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفرنسية، سيبدأ التفكير الجدي في انسحاب أسرع من برخان. وينقل هنا عن مصدر عسكري فرنسي قوله مؤخرا للاكروا: في مالي، ندرس الانتهاء من الأمر مع نهاية العام.

 

ثالثا: ما عواقب التدخل الأوروبي؟

 

يرى الكاتب أن الانقلاب في بوركينا فاسو تسبب في إضعاف قوة تاكوبا الأوروبية، التي تتمثل مهمتها نظريا في تولي ما كانت تقوم به عملية برخان.

 

وتتكون تاكوبا اليوم من حوالي 800 جندي، نصفهم فرنسيون، لكن هذه القوة المكونة من 14 دولة أوروبية لم تظهر أبدا هشة كما هي الآن، وقد دفع التدهور الدستوري في مالي ووصول الروس إلى هذا البلد بالفعل السويديين للإعلان -في 14 يناير/كانون الثاني الحالي- عن انتهاء مشاركتهم في هذه القوة هذا العام، مما يعني انسحاب 150 جنديا من القوات الخاصة.

 

ويؤكد دي مونتكلو أن “الأوروبيين لم يؤمنوا أبدًا بهذه القوة”، بل إنها لا تعدو بالنسبة لهم كونها فرصة للمشاركة بتكلفة قليلة في عملية دولية، ولكن بشرط ألا يخسروا أي جندي.

 

كما تجدر الإشارة -وفقا للارشي- إلى أن بوركينا فاسو والنيجر تعارضان نشر قوة تاكوبا على أراضيهما، في الوقت الذي لم يكن فيه الأوروبيون أبدا حريصين أصلا على التدخل إلى جانب فرنسا في منطقة الساحل.

 

فكيف إذا كانوا سيضطرون لنشرها في بلدان تديرها مجالس عسكرية؟ يتساءل ترينكوا قبل أن يعبر عن خشيته من أن ذلك سيمثل سببا وجيها بالنسبة لهم للتخلي عن هذه العملية، خاصة أن الأزمة الأوكرانية تبدو لهم تهديدًا مباشرًا وخطيرًا أكثر بكثير مما يحدث في منطقة الساحل، على حد قوله.

زر الذهاب إلى الأعلى