أخبار عربيةالأخبارليبيا

هل تفجر المادة 12 الخلاف حول الانتخابات الرئاسية في ليبيا؟

مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا، واستمرار حالة الاحتقان والخلاف في الأوساط الليبية على القوانين التي تنظم العملية، تبرز المادة 12 من قانون انتخاب الرئيس كأحد عوامل تفجير الأزمة، خاصة مع عدم استجابة البرلمان الليبي لمطالب تعديل المادة المثيرة للجدل.

 

ونصّت المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية الذي أصدره مجلس النواب، على أنه “يُعدّ كل مواطن، سواء أكان مدنيا أم عسكريا، متوقفًا عن العمل وممارسة مهامّه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم يُنتخب فإنه يعود لسابق عمله وتُصرف له مستحقاته كافة”، ما اعتبر أن المادة جاءت “مفصلة” لتمكين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، من الترشح للرئاسة، في حين يتم استبعاد منافسهم القوي، رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، بذريعة أن الأخير لم يلب شرط الاستقالة من منصبه، في الموعد المحدد كما تنص المادة المذكورة.

 

ورغم ترشحه للانتخابات، وقبول أوراقه من قبل المفوضية العليا للانتخابات، يرى محللون أن نص المادة 12 يستهدف بشكل مباشر عدم تمكين رئيس الحكومة الحالي، عبد الحميد دبيبة، من الاستمرار في السباق الرئاسي، الذي سيعقد في الـ24 من الشهر القادم، إذ إنه يمكن أن يتم الطعن على ترشحه في أي وقت.

 

الأعلى يجدد رفضه

 

جدد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، رفض المجلس إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد دون قوانين توافقية.

 

ووصف المشري العملية الانتخابية بالهزيلة، وقال إن المجلس لن يشارك في شرعنة هذه “المهزلة”، مؤكدا أن مواقفه ستنعكس من خلال إجراءات قانونية سيتخذها.

 

وذكر المشري أن المجلس الأعلى للدولة لن يسمح لأي طرف داخلي أو خارجي بتحميله مسؤولية عرقلة الانتخابات، قائلا، إن “من عرقل الانتخابات هو من أصدر قوانين معيبة ومخالفة للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي وخارطة الطريق”.

 

تخطي الخلاف

 

الكاتب والمحلل السياسي، السنوسي بسيكري قال إن تخطي الخلاف حول المادة 12، يفسح المجال أمام رئيس حكومة الوحدة الوطنية للترشح للانتخابات الرئاسية، مشددا على أن تحقق ذلك، يدفع إلى تراجع مكونات سياسية ومجتمعية وحتى عسكرية عن موقفها الرافض لإجراء الانتخابات وفق القوانين التي أصدرها البرلمان، الأمر الذي يعطي للانتخابات زخما ويسبغ عليها قدرا إضافيا من الشرعية.

 

وكتب بسيكري قائلا، نقلا عن مصادر مطلعة: إن التركيز على المادة 12 والاتجاه إلى انتزاع موافقة الطرف الآخر، طبرق والرجمة (معسكر عقيلة وحفتر)، هو ما تعتبره دول داعمة للجبهة الغربية -مثل تركيا- الرهان القابل للتحقيق، وأن تأجيل الانتخابات أو التعديل في القوانين لمنع ترشح حفتر أو سيف متعذر وترفضه بقوة الجبهة الشرقية وتساندها في ذلك الأطراف الدولية.

 

بالمقابل، يرى بسيكري أن وقوع هذا السيناريو سيكون سببا لإثارة جدل من نوع آخر سيحركه المرشحون للرئاسة الذين يستشعرون خطر الدبيبة والذي بدا الأكثر حظوظا في الفوز حتى من سيف الإسلام وحفتر، وهنا يكمن تعقيد الأزمة الليبية في هذا المنعطف الحاد من عمرها.

 

وشدد على أن فوز سيف الإسلام أو حفتر لن يحقق الاستقرار الذي تنشده الأطراف الدولية الغربية التي تقودها الولايات المتحدة، والأسباب معلومة، فالأول قد يكون مدفوعا بالرغبة في الانتقام وعودته للمشهد على الشكل الذي ظهر به والمفردات التي استخدمها في خطابه المقتضب تؤكد ذلك، أما الثاني فإن الدلائل كثيرة على أنه سينقلب على المنظومة عندما يستتب له الأمر.

 

والعامل الأهم في تحفظ الأطراف الغربية على سيف وحفتر، القلق من أن يفوز أحدهما بكرسي الرئيس وهو أنهما مدعومان من قبل روسيا، ونوازعهما قد تجعلهما مطية للمشروع الروسي في المنطقة.

 

الدبيبة الأفضل

 

من ناحية أخرى، أكد الكاتب أن الاختراق الذي حققه الدبيبة في الشرق والجنوب قبل الغرب، وكونه لم يكن طرفا في النزاع الدائر منذ سنوات، وأنه لا تحركه نوازع أيدولوجية أو جهوية، وأن تركيزه قائم على إطفاء الحروب وتحريك عجلة الاقتصاد، يعني أن الدبيبة هو الأفضل لضمان الاستقرار المنشود.

 

المحلل السياسي، فيصل الشريف يرى أن المادة “12” بنصها الأصلي والمعدل تقف عقبة أمام الدبيبة في التنافس على منصب الرئيس، إذ إنه من الممكن الطعن على قرار ترشحه في اللحظات الأخيرة قبل انطلاق السباق الرئاسي.

 

وشدد الشريف على أن مجرد قبول الدبيبة بدخول العملية الانتخابية، واستبعاده فيما بعد من السباق، بحكم صادر من المحكمة، لن يمكن الأخير من الوقوف في وجه القضاء، ولن يجد قاعدة شعبية حينها تلتف حوله، مشيراً إلى أن هذا هو الفخ السياسي الذي يراد للدبيبة أن يقع فيه.

 

لكن المحلل السياسي أوضح أن هناك مخرجا للدبيبة من الفخ يتمثل في أن “نص المادة 194 من قانون عمل مجلس النواب الذي يعتبر سحب الثقة من الحكومة بأنها مستقيلة، يبقي مجالًا للاحتجاج بأن سحب الثقة من الدبيبة الذي تم في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي يعد دافعا قويا له بأنه قد انسلخ عن الوظيفة قبل الميعاد المحدد للانتخابات بأكثر من ثلاثة أشهر، وأن إدارته الحالية للحكومة تأتي بحكم نظرية الموظف الفعلي التي ابتدعها مجلس الدولة الفرنسي وأخذت بها المحكمة العليا الليبية”.

 

لا انتخابات

 

يتوقع عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وعضو ملتقى الحوار السياسي، عبد القادر حويلي، أنه لن تكون هناك انتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.

 

وأوضح أن سبب ذلك يعود إلى أنه يجب الاتفاق أولا على القاعدة الدستورية، وتعديل القوانين، ومنع المجرمين من الترشح، الأمر الذي يُعدّ مستبعدا الآن، نظرا لضيق الوقت، وبالتالي فقد بات خيار تأجيل الانتخابات دون تحديد موعد بعينه هو السيناريو القادم في المشهد الليبي.

 

وشدّد على عدم القبول بنتائج الانتخابات الليبية حال إجرائها وفقا “للقوانين المعيبة”، وفق تعبيره.

 

وأوضح أن موقف بعض الدول الغربية من الانتخابات بدأ يتراجع بعد ترشح سيف القذافي وحفتر، وربما تضغط ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا لتأجيل الانتخابات لحين حل هذه الإشكالية.

زر الذهاب إلى الأعلى