أخبار عربيةالأخبارالعراق

محاولة اغتيال رئيس وزراء العراق.. هل تكون مدخلا لحل الأزمة أم لتفجيرها؟

تصعيد أمني كبير شهدته العاصمة العراقية بغداد بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بـ3 مسيرات فجر اليوم الأحد التي استهدفت منزله في المنطقة الخضراء، في محاولة تعتبر الأولى من نوعها منذ عام 2003. ومن شأن ذلك أن يضيف مزيدا من التعقيد للمشهد السياسي المحتقن بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

خلية الإعلام الأمني -عبر موقعها الرسمي- أكدت تعرض الكاظمي لمحاولة اغتيال، وأفادت في بيانها “محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة… وأن دولة الرئيس لم يصَب بأي أذى وهو بصحة جيدة”.

 

وأوضح بيان الخلية أن القوات الأمنية العراقية تقوم بالإجراءات اللازمة للتحقيق في هذه المحاولة الفاشلة، من دون الإشارة للجهة التي قد تقف وراء الهجوم وإذا ما كان قد أسفر عن أي إصابات في صفوف القوات الأمنية الموكلة بحماية الكاظمي.

 

تصعيد أمني

منذ 12 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وعقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات، يعيش العراق حالة من التصعيد الأمني والسياسي الناتج عن خسارة كتل سياسية لمقاعدها البرلمانية مقابل تصدر التيار الصدري للمشهد السياسي بعد أن حقق فوزا لافتا بـ73 مقعدا برلمانيا من 329، مجموع عدد مقاعد مجلس النواب العراقي، وفقا للنتائج الأولية للانتخابات.

 

وإثر ذلك رفض العديد من الأحزاب والكتل السياسية نتائج الانتخابات متهمين المفوضية والحكومة العراقية بتزويرها، مما حدا بهذه الكتل إلى الاعتصام والتظاهر أمام المنطقة الخضراء مما نتج عنه سقوط قتيل وعشرات الجرحى ليل الجمعة الماضية بعد أن تطور الموقف إلى اشتباكات بين القوات الأمنية والمتظاهرين.

 

مؤشرات خطرة

 

بدوره، يرى الخبير الأمني والإستراتيجي فاضل أبو رغيف أن استهداف الكاظمي يشكل حساسية كبيرة، لا سيما أن محاولة اغتياله تأتي في ظرف صعب أفرزته نتائج الانتخابات، لافتا إلى أن الحادثة قد تكون مناسبة جيدة لتعميق التفاهمات وتجاوز الخلافات بين الكتل السياسية للخروج من الأزمة الحالية.

 

وعن مآلاتها، يتابع أبو رغيف -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا الحادث لن يؤدي إلى ارتدادات تصعيدية، مشيرا إلى أن جميع الأطراف المستائين من الحكومة سيلتزمون جانب الصمت ريثما تنجلي ما وصفها بـ”الغمامة” وتنكشف نتائج التحقيقات، بحسبه.

 

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة جيهان بأربيل، مهند الجنابي، فيرى أن اعتراض الإطار التنسيقي على نتائج الانتخابات لا يقف عند النتائج الانتخابية، بل يتعدى ذلك إلى البرنامج الحكومي القادم الذي نوه به زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

 

وتابع الجنابي -في حديثه للجزيرة نت- أن ما جرى من محاولة اغتيال الكاظمي كان نتيجة للاحتقان السياسي الذي تعيشه البلاد، وأن بعض الكتل الخاسرة في الانتخابات فقدت الكثير من القوة التي كانت تتلقاها من الراعي الإقليمي الإيراني، وبالتالي -ولأجل الحفاظ على مكاسبها السياسية- فإنها اتجهت إلى التصعيد لأقصى حد ممكن، مما قد يؤدي إلى مواجهة شاملة في البلاد.

 

دلالات العملية

 

وعن دلالات محاولة استهداف الكاظمي، يرى الباحث السياسي مناف الموسوي (المقرب من التيار الصدري) أن الانتخابات الأخيرة أفرزت أوزانا انتخابية جديدة، وأن دلالات محاولة الاغتيال تتلخص في أمرين، الأول أنها جاءت لخلق الفوضى للدفع نحو التوصل لتسوية سياسية ترضي القوى الخاسرة بالانتخابات.

 

والدلالة الثانية -يضيف الموسوي- هي أن المشروع الذي قدمه مقتدى الصدر والمتضمن تشكيل حكومة أغلبية سياسية وحصر السلاح بيد الدولة استفز القوى المسلحة، مما حدا بها إلى استخدام السلاح في سابقة هي الأولى من نوعها.

 

وعن احتمالية التسوية السياسية بعد محاولة الاغتيال، يقول الموسوي إن التيار الصدري كان واضحا في عزمه على تشكيل حكومة أغلبية، وفي حال عدم قدرته على ذلك فإنه سيلجأ إلى المعارضة من دون أن يكون شريكا في حكومة توافقية، بحسب الموسوي.

 

تحذير من التصعيد

تشير محاولة اغتيال الكاظمي بطائرات مسيرة مفخخة إلى تغيير نوعي في قواعد الاشتباك بين الأطراف المتخاصمة بالعراق، وذلك بحسب الباحث السياسي زياد العرار الذي أوضح أنها تدل على نوايا لتصعيد أمني كبير قد تودي بالعراق إلى ما لا يحمد عقباه.

 

وأضاف العرار -في إفادته للجزيرة نت- أنه عقب محاولة الاغتيال ندد العديد من الأطراف المسلحة وغير المسلحة المناوئة للكاظمي بالمحاولة، مما يؤشر إلى وجود أطراف مسلحة داخل العراق لم تعد تلتزم بقواعد الاشتباك التي تضعها الفصائل ذاتها والتي تشرف عليها إيران ضمن ما يسمى بـ”محور المقاومة”.

 

وعن تأثير ذلك على تشكيل الحكومة القادمة، يؤكد العرار أنها لن تؤثر على عملية إعلان النتائج النهائية للانتخابات، إلا أنها بكل تأكيد ستلقي بظلالها على آلية تشكيل الحكومة القادمة التي وصفها بأنها “مخاض عسير”.

 

وعن احتمالية اتجاه البلاد نحو تصعيد أمني خلال الساعات القادمة، يستبعد العرار ذلك قائلا “أتوقع أنه سيكون هناك موقف واضح من قادة الفصائل وزعماء المشهد الذين يمتلكون السلاح، وأن إيران ستتدخل لتهدئة الأوضاع، لأن ذهاب العراق إلى الفوضى سينعكس سلبا على المحيط الإقليمي للعراق وعلى إيران بصورة مباشرة”.

 

تشكيك بالحادثة

نددت مختلف دول العالم بمحاولة الاغتيال، وأدانت الخارجية الإيرانية استهداف الكاظمي وأكدت موقفها في دعم الأمن والاستقرار في العراق، وعدت هذا الاستهداف محاولة لخلق فتنة تخدم مصالح من ضرب أمن العراق قبل 18 عاما، بحسب الخارجية الإيرانية.

 

من جهته، طالب الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي بلجنة فنية متخصصة وموثوقة للتأكد من سبب الهجوم وحيثياته، لا سيما أنه لم يتسبب في وقوع ضحايا، بحسب البيان الذي نشره على حسابه الرسمي في تويتر.

 

وأضاف “فإذا لم يكن انفجارا عرضيا أو ما شابه، وكان استهدافا حقيقيا، فإننا ندين هذا الفعل بكل صراحة، ويجب البحث عن منفذي هذه العملية ومعاقبتهم، لأنها أكيد محاولة لخلط الأوراق؛ لمجيئها بعد يوم واحد على الجريمة الواضحة بقتل المتظاهرين والاعتداء عليهم وحرق خيامهم”.

 

وأشار الخزعلي إلى أنه كان قد حذر قبل أيام من نية أطراف مرتبطة بجهات مخابراتية بقصف المنطقة الخضراء وإلقاء التهمة على فصائل المقاومة، بحسب قوله.

 

مسرحية

 

بدوره، وصف المحلل السياسي حيدر البرزنجي محاولة اغتيال الكاظمي بـ”مسرحية” واضحة المعالم وذات إخراج سيئ، معللا ذلك بأنه من غير الممكن استهداف منزل رئيس الوزراء بعد يوم واحد فقط من استهداف المتظاهرين الرافضين لنتائج الانتخابات حتى يلقى باللوم على الجهات المستهدفة بالتظاهرات الجمعة الماضية.

 

ويتابع البرزنجي -المقرب من الإطار التنسيقي الرافض لنتائج الانتخابات- أنه لو كان للمتظاهرين نية للرد على الاعتداء عليهم، فإنه كان من الممكن أن يكون الرد فوريا ومباشرا، من دون الدخول فيما وصفه بـ”سذاجة” استهداف الكاظمي.

 

واتهم البرزنجي أطرافا خارجية وطرفا ثالثا بمحاولة اغتيال الكاظمي لأجل استبعاد التعاطف مع المتظاهرين، مشيرا إلى أن حركات وممارسات رئيس الوزراء بعد محاولة الاغتيال تشير لما وصفه بـ”كذب القضية”، بحسب تعبيره.

 

وعدّ البرزنجي ما حدث “محاولة للانقلاب على القوى الرافضة للانتخابات” لأجل إعطاء ضوء أخضر للمجتمع الدولي والولايات المتحدة للتدخل بحجة أن السلم الأهلي للعراق بات مهددا.

 

وأحجمت قيادة العمليات المشتركة العراقية عن الرد على تساؤلات مراسل الجزيرة نت بشأن طبيعة حادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وإذا ما كانت تسببت في إصابات بين أفراد الطاقم الأمني المرافق للكاظمي، مكتفية بالإشارة إلى أن التحقيقات لا تزال جارية، وأنها ستعلن عن النتائج فور اكتمالها.

زر الذهاب إلى الأعلى