اخبار تركياالأخبار

تركيا تكثف عملياتها الجوية شمالي سوريا والعراق. فهل تمهد لعمليات برية؟

كثف الجيش والاستخبارات في تركيا خلال الأيام الأخيرة العمليات الجوية ضد تنظيم “بي كا كا” في شمالي العراق والوحدات الكردية المرتبطة بالتنظيم في شمالي سوريا، وسط تكهنات حول ما إذا كانت هذه العمليات الجوية تمهد لعمليات برية تستهدف مناطق سيطرة التنظيم خلال المرحلة المقبلة.

 

وإلى جانب تكثيف العمليات الجوية هناك، دعم هذه التكهنات التهديدات التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإمكانية القيام بعملية عسكرية واسعة ضد تنظيم “بي كا كا” المصنف إرهابياً في أمريكا وأوروبا، في سنجار شمالي العراق، والحديث عن إمكانية حصول انسحاب أمريكي من شمالي سوريا على غرار ما جرى مؤخراً في أفغانستان.

 

والشهر الماضي، هدد أردوغان لأول مرة بإمكانية تنفيذ عملية عسكرية واسعة ومباشرة ضد منطقة مخمور والمعسكر الواقع فيها شمالي العراق، والذي قال إنه بات بمثابة حاضنة لتفريخ الإرهابيين، لافتاً إلى أنه بدون القضاء على قنديل ومخمور لن يتم القضاء على الإرهاب والعنف.

 

وقال أردوغان في لقاء على التلفزيون الرسمي: سوف أقول لكم هنا لأول مرة، نحن نولي أهمية كبيرة جداً لما يجري في مخمور، على الأقل بقدر أهمية قنديل، مخمور تحولت إلى حاضنة لتفريخ الإرهابيين وتصديرهم إلى قنديل وإذا لم نوقف هذا الأمر سوف يستمر تفريخ الإرهابيين، مضيفاً: قلنا للجانب العراقي إذا تريدون القيام بهذا الأمر (تطهير المنطقة) فسنترك الأمر لكم، لكن إذا لن تقوموا بهذه المهمة سوف نقوم نحن بها، سندخل ونضرب هناك”، وشدد على أن تركيا اليوم مصممة على تجفيف منابع الإرهاب.

وعقب هذه التصريحات، وسّع الجيش التركي عملياته الاستخبارية والجوية ضد عناصر وقيادات التنظيم في سنجار، حيث نفذ سلاح الجو التركي سلسلة ضربات جوية ضد أهداف يقول إنها معسكرات ومقرات تابعة لتنظيم “بي كا كا”، إلى جانب عدد من الاغتيالات التي طالت قيادات التنظيم هناك سواء بعمليات استخبارية سرية أو بضربات للطائرات المسيرة التركية على سيارات وأهداف متفرقة.

 

والثلاثاء، نفذ سلاح الجو التركي عملية قصف واسعة استهدفت مواقع للتنظيم في منطقة “أسوس” بعمق 200 كيلومتر داخل الأراضي العراقية. وقالت وزارة الدفاع إن العملية التي تضمنت تنفيذ 20 غارة جوية وأشرف عليها وزير الدفاع وكبار قادة الجيش بالتعاون مع الاستخبارات أدت إلى تدمير 28 هدفاً لتنظيم بي كا كا.

 

والأسبوع الماضي، استهدفت المسيرات التركية سيارة تقلّ قياديا كبيرا في “وحدات حماية سنجار” التي غيرت اسمها إلى “الفوج 80” في الحشد الشعبي. وتقول تركيا إنها ذراع لتنظيم “بي كا كا”، حيث أدت العملية إلى مقتل القيادي وعدد من عناصر التنظيم، قبل أن تؤدي غارة أخرى في سنجار إلى مقتل 8 أشخاص قالت تركيا إنهم عناصر بالتنظيم، بينما قالت مصادر عراقية إن الغارة استهدفت مستشفى استقبل عناصر من بي كا كا.

 

وقال أردوغان في اتصال مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عقب إدانة العراق للغارة، إنه “خلافا لادّعاءات التنظيم الإرهابي، فإنّ الموقع المستهدف ليس مستشفى أو مركزا صحيا، بل أحد أماكن إيواء هذه المنظمة”، معتبراً أنّ التنظيم يلجأ إلى “هذا النوع من الأكاذيب” عندما يشتدّ عليه الخناق.

 

والأسابيع الأخيرة شهدت أيضاً اغتيال عدد من قيادات التنظيم بينهم “أولاش دوغان” الذي قالت الاستخبارات التركية إنه قيادي بارز في العمال الكردستاني مطلوب دولياً بالنشرة الحمراء، وذلك خلال عملية في مدينة السليمانية شمالي العراق، وسبق ذلك اغتيال “حسن أدير” الذي قالت تركيا إنه مسؤول مخيم مخمور شمالي العراق، وجاءت هذه العملية بعد أيام من الإعلان عن اغتيال قيادي كبير آخر في مخمور يدعى سلمان بوزكير

 

وفي حزيران الماضي، أعلن أردوغان “تحييد” القيادي البارز في التنظيم “صوفي نور الدين” الذي تقول تركيا إنه الزعيم الأول لتنظيم العمال الكردستاني في سوريا، واعتبرت وسائل إعلام تركية آنذاك أن صوفي هو أرفع قيادي في “العمال الكردستاني” يتم قتله، وهو من أعضاء المجلس المصغر الذي يتلقى أوامره من زعيم التنظيم الحالي مراد قارا يالان.

 

وفي سوريا، استهدفت غارة جوية يعتقد أن طائرات مسيرة تركية نفذتها، سيارة قيادي بارز في الوحدات الكردية بمدينة القامشلي، ما أدى إلى مقتل القيادي وعدد من عناصر الوحدات، كما استهدفت غارات أخرى أهدافا للوحدات في منطقتي تل تمر وعامودا التابعتين لمحافظة الحسكة شمالي سوريا، حيث طالبت قوات سوريا الديمقراطية التحالف الدولي وروسيا بالتدخل لوقف الهجمات التركية المتصاعدة.

 

وتتحدث مصادر تركية غير رسمية عن أن المستويين السياسي والعسكري في أنقرة يضعان في حساباتهما احتمال حصول انسحاب أمريكي من شمال وشرقي سوريا على غرار ما جرى في أفغانستان مؤخراً، وهو ما قد يدفع تركيا للقيام بعمليات برية جديدة لمنع تمدد الوحدات الكردية.

 

وعلى الرغم من أن الكثير من التقديرات السياسية تشير إلى عدم رغبة في تركيا للقيام بعمليات عسكرية واسعة قد تؤدي إلى تخريب مساعي تحسين العلاقات مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وحتى عدد من الدول العربية والتي توليها أنقرة أولوية كبيرة في هذه الفترة، إلا أن تغيرات عسكرية مفاجئة وحسابات تركية داخلية قد تقود المستوى السياسي للتحرك باتجاه عملية كبيرة لا سيما لو صحت التكهنات حول إمكانية حصول انسحاب أمريكي من شمالي سوريا.

زر الذهاب إلى الأعلى