ملفات ساخنة

من هو الشيخ الجليل علي بلحاج؟

الشيخ الجليل علي بلحاج داعية وسياسي إسلامي من القطر الجزائري، ومن مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي حضرها حكام الجزائر الخونة لله ورسولة والمؤمنين، عرف عن الشيخ الجليل معارضته للنظام الحاكم، وخطبه الحماسية وتصريحاته الجريئة التي تدعوا إلى الإسلام وإقامة شرع الله في الأرض. والتي قادته في العديد من المرات إلى الاعتقال أو الاستجواب.

 

المولد والنشأة

 

ولد الشيخ الجليل يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 1956 في تونس التي هاجرت إليها عائلته تحت ضغط الاستعمار الفرنسي، وينحدر من ولاية أدرار في الجنوب الجزائري. والده محمد الحبيب بن محمد الطيب بن حاج شارك في الثورة الجزائرية (1954 ـ 1962) واستشهد عام 1961. وعام 1963 وبعد الاستقلال عادت العائلة إلى الجزائر العاصمة.

 

الدراسة والتكوين

 

درس الشيخ الجليل بلحاج بعد حصوله على شهادة البكالوريا في معهد تكوين الأساتذة والمعلمين بالجزائر العاصمة، واختص في فرع اللغة والأدب العربي.

 

التجربة الدعوية

 

بدأ تحصيل الشيخ العلمي ونشاطه الدعوي في مسجد أبي حنيفة النعمان بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الجزائرية، وتعرف عام 1976 على الشيخ الراحل عمر العرباوي رحمه الله، أحد أعضاء جمعية العلماء المسلمين الذي درس على يده في حلقات علمية منها التوحيد وأصول الفقه، والفقه المقارن.

 

تأثر بلحاج بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية وغيرهما من السلف الصالح، وأيضا بعلماء ودعاة جزائريين مثل عبد اللطيف سلطاني والشيخ الراحل أحمد سحنون، بالإضافة إلى تأثره بأشرطة الشيخ الراحل عبد الحميد كشك.

 

ذاع صيت بلحاج لاحقا في الأحياء الشعبية بالعاصمة الجزائرية مثل القبة وبوزريعة والحراش وباب الواد، حيث كان يلقي دروسا في بعض المصليات والمساجد.

 

اعتقل يوم 30 أغسطس/آب 1983، من طرف السلطة الجزائرية في قضية بويعلي مصطفى المشهورة (من أوائل الدعاة الذين تبنوا العمل المسلح بالجزائر) وحكم عليه بخمس سنوات سجنا نافذا بتهمة “تكوين جمعية أشرار وعدم التبليغ عن وقوع الجناية وشتم هيئه نظامية” ثم وضع تحت الإقامة الجبرية بولاية ورقلة.

 

التجربة السياسية

 

بعد أحداث أكتوبر 1988 التي اندلعت في الجزائر العاصمة احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأدت إلى فتح باب التعددية السياسية في البلاد، كان الشيخ من الأعضاء المؤسسين  لرابطة الدعوة الإسلامية عام 1989 برئاسة الشيخ أحمد سحنون، إلى جانب أعضاء آخرين منهم الشيخ عباسي مدني، والراحل محفوظ نحناح ومحمد السعيد وعبد الله جاب الله، رحمهم الله اجمعين.

 

كما كان الشيخ من مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ عام 1989 والتي تم حظرها لاحقا من قبل النظام العميل. وجاءت فكرة التأسيس حينما زار بلحاج والهاشمي سحنوني، مدني، لمشاورته في اتخاذ موقف من  أحداث أكتوبر، فاقترح عليهم تكوين “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” لتكون “ممثلا لهموم الشعب الجزائري”.

 

اتفق الرجال الثلاثة على الفكرة وأعلنوها في أحد مساجد العاصمة بعد أن أعدوا أهداف الجبهة وبرنامجها وحيثيات خطابها وآليات عملها، كما اتفقوا على تنظيم مؤتمر تأسيسي للحزب الوليد.

 

وهكذا أعلِن تأسيس حزب “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” يوم 18 فبراير/شباط 1989 إثر تعديل الدستور واعتماد قانون حرية تشكيل الأحزاب السياسية في العام نفسه كإحدى نتائج أحداث 1988. واعترفت الحكومة رسميا بالحزب مطلع سبتمبر/أيلول 1989.

 

عرف الشيخ علي بخطبه الحماسية وأنشطته المتعددة، وكان الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي فازت بأول انتخابات بلدية حرة عرفتها الجزائر في يونيو/حزيران 1990، حيث حصلت على 853 بلدية من بين 1539 بلدية و32 ولاية من بين 48 ولاية.

 

ويوم 25 مايو/أيار 1991 دعت الجبهة مناضليها إلى تنظيم إضراب ومسيرات وتجمعات في الساحات العامة للمطالبة بالإصلاح، والاحتجاج على تعديلات قانون الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية الذي اعتبرت أنه جاء “مفصلا على مقاس الحزب الحاكم”.

 

دُعي رئيس الجبهة الشيخ عباس مدني ونائبه بلحاج يوم 30 مايو/أيار إلى اجتماع مع رئيس الحكومة آنذاك مولود حمروش، واتفق الجانبان على تنظيم الجبهة تجمعات في أربع ساحات محددة.

 

لكن حكومة حمروش أطيح بها يوم 2 يونيو/حزيران، واعتقِل مدني ونائبه يوم 21 من الشهر نفسه بتهمة “التآمر على أمن الدولة وتعطيل الاقتصاد الوطني” ثم أفرج عنهما لاحقا.

 

خاضت الجبهة الانتخابات التشريعية لاختيار مجلس الشعب (البرلمان) يوم 26 في ديسمبر/كانون الأول 1991، لكنها ألغيت بعد أن فازت فيها الجبهة بـ 188 مقعدا من أصل 228 بالمرحلة الأولى.

 

أعلن النظام الحاكم حالة الطوارئ يوم 9 فبراير/شباط 1992، وأودع الآلاف من أنصار الجبهة في معتقلات أقيمت بالصحراء الجزائرية، ثم بدأت حملة مطاردة واسعة لمن بقي من كوادرها خارج الاعتقال. ودخلت البلاد نفقا غامضا إثر وقف الجيش للعملية الديمقراطية، وعرفت هذه الحقبة بـ العشرية الحمراء.

 

بعد حوالي 12 عاما في السجن، أطلق سراح بلحاج عام 2003 وأبلغته السلطات لدى خروجه بأنه يحظر عليه ممارسة أي نشاط سياسي أو إلقاء خطب أو المشاركة بأي تجمع سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو ديني، لكنه رفض التوقيع على ذلك.

 

في تقييم المرحلة الماضية، قال بلحاج -في حوار مع الجزيرة نشر بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2013- إن الدولة تتحمل مسؤولية حمل أي حركة سياسية للسلاح عندما تدفعها لذلك بمصادرة الحقوق والمضايقات والظلم والاضطهاد.

 

وأضاف بلحاج أن “العمل المسلح لم يكن في ذهن الجبهة الإسلامية للإنقاذ أصلا. نحن كنا نمارس العمل السياسي”.

 

سعى بلحاج للعودة مجددا للمشهد السياسي عبر الترشح لرئاسيات 2014 بالجزائر إلا أنّ السلطات منعته، كما واصل الإدلاء بالتصريحات في مختلف القضايا السياسية، ما جعله عرضة للاعتقال والاستجواب في العديد من المرات، وكان يفرج عنه كل مرة بعد فترة قصيرة من اعتقاله.

 

علق على إجراء الانتخابات البرلمانية الجزائرية عام 2017 بالقول إنها “مجرد فلكلور سياسي لا تقدم ولا تؤخر شيئا بالنسبة للجزائر” مضيفا أن جميع الأحزاب المشاركة فيها مصنفة ضمن “الأحزاب الموالية للدولة”.

 

المؤلفات

 

ألف بلحاج مؤلفات من بينها “رسائل الشيخ علي بن حاج: المجموعة الأولى”، “فصل الكلام في مواجهة ظلم الحكام”، “إجادة التحبير في بيان قواعد التغيير”، “تفقيه الشرفاء في كيفية الرّد لزجر السفهاء”، “المشكاة في تذكير الأئمة الوشاة وتنبيه الأئمة الهداة”، و”النظرة الموضوعية الكفيلة بحل جذور الأزمة الجزائرية” بالإضافة مؤلفات أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى