ملفات ساخنة

هدفها الأول رحيل الإسلام من الهند.. تعرف على الحركة القومية الهندوسية وصعودها السياسي وعلاقاتها بإسرائيل

الحركة القومية الهندوسية (الهِندوتوا) سياسية، بدأت قبل نحو قرن بهدف تحقيق حاكمية الهندوس المطلقة بالهند، وتشن هذه الحركة حربا مستمرة على مسلمي البلاد ومسيحييها باعتبارهم خطرا على أمنها وهويتها الأصيلة.

 

وقامت هذه الحركة ببث دعايات مكثفة ودعاوى ملفقة جعلت الغالبية الهندوسية تظن أن حقوقها مهضومة في بلدها، وأن الأقليات قد استحوذت على كل الفرص، وأن ديانتها وثقافتها وحتى وجودها في خطر وخصوصا من قبل مسلمي هذا البلد.

 

وقد استغلت هذه الحركة قضية بناء معبد هندوسي مكان المسجد البابري، ليصبح جناحها السياسي (حزب الشعب) القومي المتطرف (بهاراتيا جاناتا) أكبر الأحزاب الهندية، والذي حكم الهند خلال 1999-2004، ويسيطر على مقاليد الأمور في البلاد حاليا منذ 2014.

 

النهضة الهندوسية

 

راود حلم “النهضة الهندوسية” زعماء الهندوس منذ القرن 19، ولم يعرف عن زعماء الحركة أنهم حاربوا المستعمر الإنجليزي، بل كانوا يسخرون من الذين يعارضون المستعمر ويُقتلون أو يذهبون للسجون خلال ذلك الكفاح.

 

وكانوا يقولون عن أنفسهم أنهم يستعدون لأمور أكبر من الاستقلال، مشيرين إلى أن هدفهم إنشاء دولة هندوسية، وكانوا يرون أن الإنجليز حلفاء لهم في هذه الحركة لأنهم يقضون على نفوذ المسلمين.

 

يرى عالم الاجتماع والمؤرخ المعروف راجنا كوتهارِي أن الهندوس يتكونون من عدد كبير من الأقليات، وهم موزعون على فرق وطوائف وطبقات، ولذلك ليس صحيحا اعتبار الهندوس أكثرية بالهند.

 

لذا فقد سعت هذه الحركة إلى التغلب على هذا التشرذم، وتوحيد الفرق والطوائف الهندية الخالصة تحت مظلة واحدة، على الأقل فيما يتعلق بأهدافها السياسية والثقافية.

 

وترى كذلك أن الهندوس أبناء الهند الحقيقيون، ولابد أن يسودوا البلاد سياسيا وثقافيا واجتماعيا، وما على الفئات الأخرى مثل المسلمين والمسيحيين إلا أن يقبلوا بالعيش في الهند كمواطني درجة ثانية وضيوف.

 

ويمكن القول إن الهندوتوا بالنسبة للهندوسية كالصهيونية بالنسبة لليهود، فكلتاهما حركة سياسية عنصرية تدعي العمل لأجل أتباع ديانة معينة، وبسبب هذا التماثل قامت أوثق العلاقات بين الهند وإسرائيل منذ وصل أتباعها سدة الحكم بالهند أواخر القرن العشرين.

 

سياسة التطهير

 

كان أهم جزء من برنامج الحركة الهندوسية منذ نشأتها، ولا يزال، هو ما يسمونه “شُودِّهي” أو التطهير، أي إعادة الملايين من الهنود الذين اعتنقوا الإسلام أو المسيحية عبر العصور إلى حظيرة الهندوسية، لأن أجدادهم كانوا هندوسا -كما يدعون- وعلى أحفادهم أن يعودوا إلى دين آبائهم.

 

سنة 1925 ظهرت من بطن حركات النهضة الهندوسية منظمة “الخدمة الذاتية القومية” التي تعرف بحروفها الأولى “آر إس إس.” RSS وهي الآن أقوى منظمات الحركة الهندوسية.

 

وقد تأثرت هذه الحركة بالنازية والفاشية، اقتبست منهما أفكارها حول النقاء الجنسي والفلسفة السياسية، وقد درس زعماء هذه الحركة أساليب تلكما الحركتين من أجل تطبيقها بالهند.

 

وبعد الاستقلال سنة 1947 لم تقبل هذه الحركة بالتوجهات العلمانية والديمقراطية التي كانت الحكومة المستقلة تنهجها برئاسة جواهر لال نهرو والتي كان أبوها الروحي المهاتما غاندي، بل كانوا يعتبرون الأخير مسؤولا عن التقسيم وحماية مسلمي الهند وقيام دولة علمانية بالبلاد، والتخاذل أمام باكستان، فقام أحد أعضائها باغتياله.

 

وتم حظر “آر إس إس” للمرة الأولى في فبراير/شباط 1948 وألغي الخطر في يوليو/تموز 1949 بعد أن طلبت المنظمة العفو عنها ووضعت دستورا لها، وأكدت للحكومة أنها منذ الآن فصاعدا ستكون منظمة “ثقافية” لا دور لها في السياسة. ولكنها لم تف بتعهداتها، وهي منذئذ دأبت على إنشاء عشرات المنظمات الفرعية المتخصصة لكل ميدان من ميادين الحياة مثل العمل السياسي، والفلاحين، والعمال، والطلبة والعمل الجماهيري، وحتى العمل المسلح، وغيرها في كل المجالات.

 

أخطار محدقة بالهندوسية

 

ترى الحركة الهندوسية أن هناك ثلاثة “أخطار داخلية” تواجه الهندوس أو الهند، أولها المسلمون، ثم المسيحيون، لذا فقد كانت تهاجم المسيحيين ومؤسساتهم وكنائسهم منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، أما مصدر الخطر الثالث فيكمن في الشيوعية.

 

وظل شعار الهندوسية في خطر هو المفضل عند زعماء هذه الحركة، وهم لا يكلّون عن ترديد أن المسلمين سيصبحون أكثرية بالبلاد في المستقبل القريب، رغم أن الواقع يكذب هذا الادعاء.

 

وشكلت قضية بناء معبد مكان المسجد البابري كلمة السر لنهضة هذه الحركة، وحصولها على دعم العوام من الهندوس، كما قويت كثيرا حين بدأ التلفزيون الحكومي أوائل الثمانينيات يذيع أفلاما في حلقات عن أساطير الهندوس، ودخلت كل بيت عبر شهور طويلة من البث.

 

وأظهرت هذه البرامج حقبة أسطورية وكأنها تاريخ مجيد وحقيقي ينبغي الافتخار به والعمل على تحقيقه مرة أخرى على أرض الواقع.

 

وساعدت هذه السياسات حزبَ الشعب، الجناح السياسي للحركة، فأخذت أسهمه ترتفع مع مجيء كل انتخابات جديدة، فارتفع عدد أعضائه بالبرلمان المركزي إلى 86 عضوا بانتخابات 1989 بالمقارنة مع عضوين اثنين فقط بالبرلمان السابق.

 

وتمكن الحزب من تشكيل الحكومة المركزية لأول مرة سنة 1998 لفترة قصيرة، ثم عاد للحكم من جديد على مستوى الحكومة المركزية سنة 1999 حين تمكن من إحراز 187 مقعدا بالبرلمان وحكم الهند على رأس تحالف من 23 حزبا لنحو خمس سنوات.

 

ولكنه خسر انتخابات عام 2004 ولم يتمكن من العودة للحكم إلا بانتخابات مايو/أيار 2014 ثم مرة أخرى بانتخابات 2019، حيث فاز بأغلبية ساحقة.

 

تكريس هندوسية الهند

 

ومع تمكن الحزب من حكم البلاد، وتشكيل الحكومة برئاسة ناريندرا مودي، فقد بدأ بتنفيذ كل البرامج المحببة للحركة الهندوسية، فتم إلغاء الحكم الذاتي لكشمير، وبدأ بالتدخل في قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية، وضغطوا على قضاة المحكمة العليا فحكموا بإعطاء أرض المسجد البابري للهندوس، ثم كان قانون الجنسية الذي استهدف المسلمين لحرمان كثير منهم من الجنسية.

 

وكان هذا الإجراء بمثابة القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير، فأخذ المسلمون يخرجون في مظاهرات تحولت إلى مظاهرات شعبية كبيرة في أرجاء البلاد، وقامت الشرطة خلالها بقمع المتظاهرين بوحشية بالغة، واستغلت الحكومة هذه الاضطرابات ثم أزمة وباء كورونا لإنهاء هذه المظاهرات بالقوة.

 

ويرى مراقبون أنه بوجود هذه الحزب (بهاراتيا جاناتا) في سدة الحكم فإن الهند مقبلة على كثير من التوترات والمواجهات، لأن حكومة مودي الحالية تسعى لتنفيذ كل برامج الحركة الهندوسية.

 

ظفر الإسلام خان – نيودلهي

 

المصدر: الجريرة

زر الذهاب إلى الأعلى