صحيفة واشنطن بوست: انفجار بيروت كشف أزمة لبنان العميقة ولا حل في الأفق
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مقالا للصحافي إيشان ثارور قال فيه إن الزعامات الوطنية من مختلف ألوان الطيف يحبون أن يمجدوا صلابة وشجاعة شعبهم، لكن إلى أي مدى يستطيع الناس التحمل، خصوصا في لبنان؟.
وقال الكاتب إن ذلك هو الوضع في لبنان، بلد صغير يرزح تحت أكداس من الكوارث. وكان الانفجار الهائل الثلاثاء أكثرها سوءا لحد الآن لمجتمع عانى على مدى أجيال من الصدمات، من المجاعة للحرب الأهلية إلى تدفق أكثر من مليون لاجئ سوري إلى دوامة من الفوضى السياسية والفشل الاقتصادي.
ونقل عن زميلته سارة دعدوش: “مروحتي الكبيرة انشطرت إلى شقين، وطار شباك غرفة الجلوس الكبير ناحيتي.. وفي الحقيقة حتى الآن ليس لدي أي فكرة كيف لم أمت”.
وبعد الانفجار زاد غضب اللبنانيين ويأسهم. وقال نبيل علام، المدير المالي لأحد مستشفيات بيروت: “ماذا أكثر من هذا يمكننا أن نتحمل، لدينا أزمة مالية وأزمة سياسية وأزمة في الرعاية الصحية والآن هذا”.
وشبه علام الانفجار في مرفأ المدينة بالقنبلة النووية في هيروشيما. ومحللون أخرون وصفوه بتشرنوبل لبنان حادث مروع يكشف بكل وضوح الفشل والفساد للطبقة السياسية. وكان هناك شائعات حول مصدر الانفجار: هل له علاقة بحزب الله؟ هل كان ضربة إسرائيلية؟ ولكن التحقيقات الأولية عن مصدر الكارثة تشير إلى عدم الكفاءة والإهمال.
ولكن القليل من اللبنانيين بقي لديهم صبر تجاه المؤسسة السياسية. فالنخبة السياسية التي تمثل كل الطوائف والعائلات المتنفذة ينظر إليها على أنها أشرفت على الكارثة المالية التي جعلت عملة البلاد تهوي إلى الحضيض ومدخرات اللبنانيين العاديين تمسح بينما انقطاع التيار الكهربائي والقمامة في الشوارع أصبحت حقيقة حياة يومية. وأدت المظاهرات العام الماضي إلى انهيار الحكومة ولكن حكومة التكنوقراط التي خلفتها لم تكسب الكثير من الثقة.
وكتب المحلل اللبناني الأسترالي أنطون عيسى: “إن الإهمال بترك 2700 طنا من نيترات الأمونيا مكشوفة بجانب بنية تحتية أساسية في قلب بيروت هو نفس الإهمال الذي ترك لبنان بدون خدمات ضرورية مثل الكهرباء وجمع النفايات.. إنها ببساطة جزء من العفن الذي تسبب به اللب الفاسد الذي غلف كل ناحية في البلد”.
وكان فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الدراسات الاقتصادية قال لليز سلاي الشهر الماضي: “لم تعد لبنان على شفير الانهيار. فاقتصاد لبنان انهار فعلا.. وفشل النموذج اللبناني الذي تم إنشاؤه في نهاية الحرب الأهلية عام 1990. لقد كان بيتا من الزجاج وتحطم دون أمل في العودة”.
وكتب رابح علم الدين في واشنطن بوست: “ليس أشخاصا أو مجموعة محددة. وليست تفاحات فاسدة، بل كل البساتين.. إنه فشل ممنهج في الحكم. فعلى مدى سنوات لام كل فصيل في البلد الفصيل الآخر لأي كارثة. لقد كان لدينا حرب أهلية انتهت عندما أدرك جميع الأطراف أن بإمكانهم سرقة أموال أكثر إذا تعاونوا”.
وأشارت الكاتبة اللبنانية لينا منذر إلى حالة التعب التي وصل إليها أصدقاؤها وزملاؤها: “الإرهاق واضح في صوت ووجه كل من أقابله.. ربما كانت صفة القدرة على التحمل دائما كذبة غذونا بها ونستمر بتسلية أنفسنا بها لنستطيع الاستمرار في العمل في ظل دولة فاسدة لدرجة لا تستطيع معها توفير الحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية والعامة”.
والسؤال، وخاصة بعد انفجار بيروت هو كيف يمكن للبنان أن يحل مشاكله الآن.
كتب فيصل عيتاني، نائب مدير مركز السياسات العالمية: “هل سيكون هناك ثورة؟ انتفاضة غضب؟ فأي دوافع للثورة يجب أن ينافس الانتماءات العشائرية والطائفية والأيديولوجية.. وكذلك يجب أن تكون الحقائق: فحتى لو قدمت رواية رسمية واحدة لحادث المرفأ فإن البعض لن يصدقوها. والمفارقة هي أن عدم ثقتنا بسياسيينا تجعل من الأصعب لنا أن نتحد ضدهم”.
المصدر: عربي 21