مواضيع ثقافية وسياسية

دار علم البكتيريا.. أهم مؤسسات مكافحة الأوبئة في العهد العثماني

واجهت المجتمعات الإنسانية المتعاقبة الأوبئة عبر التاريخ. وقد أنشأت الدولة العثمانية لهذا الغرض “دار علم البكتيريا” قبل 130 عاما، لمكافحة وباء الكوليرا وغيره من الأوبئة، وإجراء دراسات وبحوث علمية في هذا المجال.

 

في وقتنا الحالي هناك خبراء وأطباء مختصون بمجال مكافحة الأوبئة يتصدون بقوة لوباء فيروس كورونا متسلحين بالدراسات والاستثمارات. ولكن، كيف كان يتم مكافحة هذه الأوبئة قبل 130 عاما في العهد العثماني؟

 

افتتاح دار علم البكتيريا

 

تابعت الإمبراطورية العثمانية عن كثب التطورات والابتكارات في علم الأحياء الدقيقة. وتشير منشورات أبحاث العلم العثماني في جامعة إسطنبول إلى أن الدولة العثمانية فأسّست علاقات جيدة مع معهد باستور في باريس، وأرسلت العديد من الأطباء والأطباء البيطريين إلى باريس لإجراء البحوث.

 

ومن بين الأطباء العائدين من التدريب في باريس، أوصى طبيبان عائدان إلى الوطن بعد إجرائهما لأبحاث بفكرة إنشاء “دار علم البكتيريا”، وهما  الدكتور رفعت حسام الدين والدكتور حسن زهدو. وفعلًا أنشئت الدار في تشرين الثاني/ نوفمبر 1893 برعاية الدكتور موريس نيكولا القادم من معهد باستور في باريس.

 

أجريت أول دراسة علمية بعد افتتاح الدار على تحليل المياه، واستخدم الخبراء مختبر الكيمياء الطبي لإجراء هذه الأبحاث لتأخر وصول المعدات التقنية المطلوبة من فرنسا.

 

واصلت الدار نشاطها في قصر مخصص لها بمنطقة “نيشانطاشي” إلى أن نقلت إلى قصر “يورغانجي باشي” في عام 1911، وتم تغيير اسمها إلى “عثمانية – دار البكتيريا”، وعُيّن الباحث باول لويس سيموند رئيسا لها.

 

شارك العديد من العلماء المحليين والأجانب بإجراء دراسات في دار البكتيريا عن وباء الكوليرا وغيره من الأوبئة، فأنتجوا أمصالًا للعديد منها مثل الخناق (الدفتيريا)، والتيفوئيد، والدزنطاريا، والتوبركولين، وأجروا اختبار مالليين، كما أجروا فحوصات ودراسات بكتريولوجية لكل من الأمراض البشرية والحيوانية والأمراض المزمنة والوبائية، ودرسوا بكتيريا المياه، وأجروا فحوصات على الدم وبحوثًا تشريحية مرضيّة.

 

بالإضافة إلى ذلك، قدّمت الدار خدمات تعليم علوم البكتيريا (البكتيريولوجي) إلى الأطباء، وقام خبراؤها بمراقبة تأثيرات الجو على الصحة العامة، وكان لديها وظيفة أخرى هي توفير منتجاتها للبلديات.

 

ومن أهم العاملين في دار البكتيريا الطبيب البيطري مصطفى عادل مساعد الدكتور موريس نيكولا، الذي كان له دور مهم في إنتاج مصل الخناق (الدفتيريا) خلال السنوات الأولى للدار.

 

ومن أهم موظفيها نائب المدير الدكتورة أوغست ماري، ومساعدها الدكتور ضياء، اللذين عملا في جراحة داء الكلب وطب البكتيريا.

 

وكان فيه ثلاثة رؤساء للمختبرات هم الدكتور نوري المختص بمضادات الخناق، والدكتور رفيق المختص بالمطهّرات والمعقّمات، والدكتور رفعت المسؤول عن الدراسات العملية.

 

كما عمل فيه ثلاثة مساعدين هم الدكتور هايم أفندي، والطبيب البيطري مصطفى أفندي، والطبيب البيطري عثمان نوري أفندي.

زر الذهاب إلى الأعلى