ملفات ساخنة

بمذكرات مسؤول سابق.. أسرارا خطيرة عن النظام الإيراني

كشف الرئيس السابق لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية محمد سر أفراز -في كتابه “روايت يك استعفا”، الذي يروي فيه أسباب استقالته- عن الفساد المالي، وتدخل الأوساط الأمنية في شؤون الهيئة، وفبركة ملفات وقضايا لطرد بعض المسؤولين منها.

 

وخلافا لما دأب عليه كثير من المسؤولين في إيران بعد تقديمهم الاستقالة أو إجبارهم عليها؛ اختار سر أفراز التحدي بنشره مذكراته، ليضع حدا لما روج له الإعلام الرسمي وشبه الرسمي خلال السنوات الماضية عن أسباب وظروف استقالته، حيث صوّر الضحية مجرما، على حد قوله.

 

وخصص المسؤول الإيراني السابق الفصل الأخير من كتابه لسرد أسباب استقالته، والكشف عما وصفها بأسرار خطيرة للنظام في إيران، متحدثا عن دور دائرة الاستخبارات في الحرس الثوري، ونجل المرشد الأعلى مجتبى خامنئي في التمهيد له بمغادرة منصبه.

 

واستقال محمد سر أفراز في مايو/أيار 2016 -بعد 18 شهرا من تنصيبه من قبل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي رئيسا لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية- من منصبه عقب ضجة أثارتها مستشارته شهرزاد مير قلي خان عن الفساد المالي في الهيئة.

 

وقام سر أفراز بتوظيف مير قلي خان -بعد أن قضت حكما بالحبس خمسة أعوام في أميركا بتهمة محاولة تهريب ثلاثة آلاف منظار للرؤية الليلة إلى إيران- مستشارة له، لكنها فجأة غادرت طهران إلى سلطنة عمان، وأظهرت ندما على العمل في التلفزيون الإيراني؛ ما أدى إلى تزايد الانتقادات والضغوط حينها على سر أفراز.

 

وكشف عن ضغوط مورست على قلي خان -التي وصفته بعد خروجها من إيران بأنه “إنسان حقيقي”- من قبل جهاز أمني في إيران، مضيفا أن الجهاز الأمني أمرها بمغادرة البلاد، وهو ما أكدته مستشارته على منصات التواصل الاجتماعي.

 

لإعلام الموجه

وعارضت الخارجية الإيرانية في بادئ الأمر تدشين قنوات “برس تي في” (ناطقة بالإنجليزية) والعالم (ناطقة بالعربية)، في دائرة الإعلام الموجه لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، باعتبار الهيئة مصلحة حكومية، وفق مذكرات سر أفراز.

 

وفي السياق، تطرق إلى المشاورات بين بلاده وحلفائها في اتخاذ القرارات، كاشفا عن معارضة الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله إطلاق قناة العالم، لقناعته بأن المسؤولين الإيرانيين لا يعرفون ظروف الدول العربية بشكل دقيق، مؤكدا أنه تمكن في نهاية المطاف من إرضاء نصر الله.

 

ويرى مراقبون في إيران أن الكتاب يقدم ردا مقنعا لتساؤلات الرأي العام عن كيفية تعاطي هيئة الإذاعة والتلفزيون مع بعض الملفات الوطنية؛ مما دفع شريحة كبيرة من الإيرانيين إلى الإقبال على الإعلام المعارض المدعوم أجنبيا.

 

قائمة حظر

والمعروف في إيران أنه رغم معاناتها جراء العقوبات والحظر الأميركي، فإنها تمارس سياسة مشابهة ضد شريحة لا بأس بها من الشخصيات الشهيرة، وتمنعهم من مزاولة المهنة التي يرغبون فيها، أو من الظهور في وسائل إعلام حكومية، لكن ما كشفه سر أفراز تجاوز جميع التوقعات.

 

وقال المسؤول الإيراني إنه تسلم قائمة في بداية رئاسته لهيئة الإذاعة والتلفزيون، تشمل الآلاف من أساتذة الجامعات والمذيعين والفنانين وغيرهم، الذين يُمنع حضورهم على شاشات التلفزة، مؤكدا أن القائمة تشمل عددا من الأشخاص الذين لم يكونوا على قيد الحياة.

 

ومن أبرز الشخصيات التي اتخذ التلفزيون الإيراني خلال السنوات الماضية سياسة التعتيم على نشاطها الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، وسلفه الرئيس السابق لمجمع تشخيص مصلحة النظام الفقيد علي أكبر هاشمي رفسنجاني.

 

ورد الإيرانيون على تطبيق هذه السياسة، بإطلاق وسم “كلنا إعلام خاتمي” على منصات التواصل دعما له، وبالحضور الحاشد في تشييع جنازة رفسنجاني قبل أكثر من عامين.

 

تدخل أمني وفساد

وتحدث سر أفراز -الذي أثارت استقالته بعد 24 عاما من العمل في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية تساؤلات كثيرة لدی الشارع الإيراني- عن تهديده من قبل أوساط أمنية (لم يسمها)، وتدخلها مع أوساط حكومية في مزادات الإعلانات التجارية، وفبركتها ملفات وقضايا ضد عدد من مديري الهيئة تمهيدا لطردهم، مؤكدا أن هناك أطرافا لا تريد للهيئة أن تستقل ماليا.

 

وتحدث عن حضور العناصر الأمنية التابعة لوزارة الأمن الحكومية ودائرة الاستخبارات بالحرس الثوري في الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، نافيا تنافسهما هناك، وأشار إلى تقسيم الأدوار بينهما من أجل إفشال بعض المشاريع التي قام بها.

 

وجاء في مذكرات سر أفراز أنه أبلغ المرشد الأعلى علي خامنئي قبيل موافقة الأخير على استقالته أن هناك ما تشبه حكومة الظل تتمتع بقدرة مالية ووسائل إعلام داخل البلاد وخارجها، فضلا عن الأدوات الأمنية، وتخطط ضد هيئة الإذاعة والتلفزيون والحكومة والبرلمان، طالبا دعم المرشد الأعلى حتى لا يضطر إلى تقديم استقالته.

 

وأشار إلى أن عدد موظفي الهيئة بلغ أربعين ألف شخص خلال رئاسته، بينهم ثلاثة آلاف مدير، معتبرا أن عزمه على تقليل هذا الكم الهائل من الموظفين أدی إلى قيام معارضة شرسة ضده.

 

وأثار نشر الكتاب -المكون من 273 صفحة- ضجة على منصات التواصل؛ بين من وصف المسؤول الإيراني السابق بالشجاع لعدم صمته حيال ما تعرض له من قبل الأوساط الأمنية، وبين من اتهمه بفضح أسرار النظام، وهناك من رأى أيضا أن ما حدث مع سر أفراز ليس سوى لعبة التنافس بين أبناء الأسرة الواحدة.

 

الجزيرة نت

 

زر الذهاب إلى الأعلى