هل ستكون غزة ذروة الخلاف بين الكذاب وخائن الأصدقاء على طاولة ميامي؟

في الأسبوع الأخير من السنة الميلادية تكون ميامي في أفضل حالها: في مدن الشمال برد قارس، وظلام، وثلج يصبح طيناً لزجاً ورطباً. في ميامي شمس ذهبية مشرقة، ودرجة الحرارة تتراوح بين 20 و25، واليخوت تبحر ببطء مثل بجعات بيضاء، لتعرض ثراء واضحاً غير قابل للتحقق، وثمة متقاعدون يلعبون الغولف، ويتمددون بجموعهم على أطراف برك السباحة في عزبهم المحمية، بالقمصان الملونة والسراويل القصيرة، يحملون كأس كوكتيل مستظلين ووجوههم نحو الشمس. يهود ينزلون إلى ميامي كي يكتسون ببعض من اللون قبل أن يبردوا نهائياً.
ينقسم السكان في ميامي إلى قسمين: من يستجم، ومن يخدمهم ومن يخدم المستجمّين. ميامي لا تستدعي عملاً.
هناك يلتقي نتنياهو بترامب. بالإجمال، لقاءات رؤساء وزراء إسرائيليين برؤساء تفتح لوسائل الإعلام في الساعة الثامنة والربع مساء حسب توقيت إسرائيل. الثناء المتبادل يبث للمشاهدين في البلاد بطوله، في ذروة المشاهدة. اختار ترامب هذه المرة ألا يقدم لنتنياهو هذه الخدمة. سيتم اللقاء من منتصف الليل حسب توقيتنا، حين تكون معظم قاعدته غارقة في النوم. فهل هذا مؤشر؟ يصعب معرفة ترامب. ربما لم يرُقه قطع الغولف في المنتصف مباراة. ثمة أمور أهم في الحياة من حروب الشرق الأوسط المستمرة.
أربع منظومات مصالح ستلتقي من على طرفي الطاولة: منظومة مصالح أمريكية، ومنظومة مصالح إسرائيلية، ومصالح شخصية لترامب، ومصالح شخصية لنتنياهو؛ أما مصالح الدولتين فواضحة: الولايات المتحدة معنية بإنهاء الحروب في المنطقة بما في ذلك إيران، وإعادة الحدود إلى حالها في 27 أكتوبر 2023 والمضي باتفاقات تملي على المنطقة استقراراً تحت قيادتها؛ وإسرائيل معنية بنزع سلاح حماس وحزب الله، وإملاء سياسة للحكومة والجيش في سوريا ولبنان، وكبح إعادة بناء قدرات إيران العسكرية.
أما مصلحة ترامب الشخصية فتنصب على تحقيق أجندة الدول القريبة إلى قلبه وجيبه: السعودية وقطر وتركيا تسبق إسرائيل. تهمه السرعة والمظهر. يسعى للحصول على إنجازاته نقداً، شخصياً على الفور، وليس بالائتمان.
وثمة منظومة مصالح شخصية لنتنياهو أيضاً. يصعب عليه الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة؛ فالتقدم مع وجود ضحية إسرائيلي ما زال مدفوناً في غزة يتعارض والالتزام الذي قطعه للإسرائيليين. الأهم من ناحيته أن الانتقال إلى المرحلة الثانية سيتضمن مشاركة جهة فلسطينية في الحكم هناك، وهذا يبدو كدخول للسلطة وسيكون دخولاً لها: لا توجد جهة ثالثة. وسيكون نزع السلاح بطيئاً وجزئياً، ليس كما تعهد بعمله. وسيتعين على سموتريتش وبن غفير الرد، وسيقدم موعد الانتخابات.
كل مسألة تلمس في سياق غزة تؤدي إلى مواجهة بينهما، من تفكيك حماس، عبر انخراط قطر وتركيا وحتى مشاركة أبو مازن في السلطة. ترامب يكسر المقاطعة على نتنياهو: أبو مازن الذي التقى الأسبوع الماضي وفد “برلمان السلام”، مجموعة من النواب السابقين من كتل اليسار، أبلغهم أنه تلقى قبل بضعة أيام رسالة حارة وعاطفة بتوقيع ترامب.
ثمة صعوبة مشابهة في النقاش حول سوريا: ترامب يراهن على أردوغان الذي يراهن على الشرع؛ ونتنياهو يسعى لاستخدام الفيتو على كليهما. ترامب يدفع نحو اتفاق أمني جديد، وتوسيع اتفاق 2014، ويبقي إسرائيل في هضبة الجولان ولكن يجبرها على التخلي عن المناطق التي استولت عليها خلف الحدود. نتنياهو لا يريد دفع ثمن سياسي وأمني على الانسحاب في سوريا. وسيجد لدى ترامب عطفاً على أعمال إسرائيل ضد حزب الله، لكنه لن يجد تأييداً لتوسيع القتال هناك. حكومة لبنان الحالية تعمل تحت رعاية أمريكية.
أما إيران فموضوع أكثر راحة: توقع ترامب بأنه بعد الهجوم الإسرائيلي الأمريكي، سيستجيب النظام الإيراني لدعوته ويشرع بالمفاوضات. لكن حين لم تأت البشرى من طهران، انتقل ترامب إلى التهديدات.
نتنياهو وترامب على حد سواء هما الآن في بداية سنة انتخابات (انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني قد تجعل ترامب إوزة عرجاء في السنتين التاليتين). في حالة نتنياهو، فإن سحابة الانتخابات تجذب إلى خطوات عسكرية وتبعد خطوات دبلوماسية؛ في حالة ترامب الميل معاكس؛ فهو يتطلع إلى احتفالات سلام، وليس إلى طبول حرب.
عملية إسرائيل الفاشلة في قطر والإحباطات المركزة والتسويف في غزة، كلها أبعدت عن نتنياهو جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، الشخصين الأقرب إلى أذن ترامب بما يتعلق بالشرق الأوسط. ليس سند له إلا ترامب نفسه؛ فثمة محبة أساسية وشخصية واستعداد للإنصات. لكن ترامب ليس من الزعماء الذين يتركون المحبة الشخصية تقف في طريقهم؛ فقد سبق أن خان أقرب الأصدقاء في حياته. الأربعاء في منتصف الليل بتوقيت ميامي، سيحتفل ترامب ونتنياهو بحلول العام الجديد. Happy new year ، سيتمنيان لنفسيهما لكنهما يعرفان مدى هشاشة هذه الأمنية. إذا ما كان هذا العام عام خير لترامب، فليس مؤكداً أن يكون لنتنياهو؛ إذا كان هذا عام خير لنتنياهو فليس مؤكداً أن يكون لترامب.
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 29/12/2025
معلومات إضافية ومفصلة
محتوى شامل ومفصل لمساعدة محركات البحث في فهرسة هذه الصفحة بشكل أفضل.
مواضيع ذات صلة
- مناورات عسكرية صينية واسعة حول تايوان
- ماذا جرى في الساحل السوري
- لماذا لم نهزم حماس؟ وجيش الكيان إسرائيل يطلق تحقيقا في عدوانه على غزة
- لماذا تصرّ فلول النظام السوري على استحضار شعار "الأسد أو نحرق البلد"؟
- كوريا الشمالية تكشف عن قاذفات صواريخ جديدة
أسئلة شائعة
س: ما أهمية هذا المحتوى؟
ج: هذا المحتوى يوفر معلومات قيمة ومفصلة حول الموضوع المطروح.
س: كيف يمكن الاستفادة من هذه المعلومات؟
ج: يمكن استخدام هذه المعلومات كمرجع موثوق في هذا المجال.



