أخبار عربيةالأخبار

تواصل ردود الفعل في المغرب حول الفضيحة التي هزت المجلس الوطني للصحافة

تواصلت في المغرب تداعيات الزوبعة الكبرى التي أثارها الفيديو المُسرَّب عن اجتماع اللجنة التأديبية التابعة للمجلس الوطني للصحافة، بسبب ما تضمّنه من “ألفاظ بذيئة” في حق بعض المحامين وكذا الصحافي حميد المهداوي في غيابهم، علاوة على ما كشف عنه من مظاهر الاستقواء بالقضاء من خلال ادّعاء علاقة مزعومة مع رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

وما إن بثّ الإعلامي حميد المهداوي الفيديو المسرَّب عبر قناته على “اليوتيوب”، في سياق فضحه لطريقة حرمانه من بطاقة الصحافة وممارسة نشاطه المهني، حتى انفجرت ردود الفعل لدى الإعلاميين والسياسيين وعموم الرأي العام الذي ما زال يتابع هذه القضية بكثير من التشويق والاستغراب.

في هذا الصدد، أصدر أكثر من 100 صحافي وصحافية بيانًا يدينون ممارسات “لجنة الأخلاقيات” ويطالبون بحلّ المجلس الوطني للصحافة، كما يستنكرون استعمال السلطة التأديبية على وجه الشطط، وتحويلها من آلية لضمان احترام قواعد المهنة إلى أداة للضغط والانتقام وتصفية الحسابات مع الصحافيين.

وطالب بيان الصحافيين الذي اطلعت عليه “القدس العربي”، بفتح تحقيق عاجل وشفاف في جميع الخروقات المثبتة في التسجيل المسرب، وترتيب المسؤوليات القانونية والأخلاقية وفقاً لمقتضيات القانون”. كما أعلن عن “التضامن الكامل مع الصحافيين ضحايا قرارات هذه اللجنة، ومن بينهم الزميل حميد المهداوي والزميلة لبنى الفلاح، وكل من تعرض لممارسات انتقامية تحت غطاء المسطرة التأديبية”. وأكد البيان أن نشر المهداوي للتسجيل يدخل في صميم عمله الصحافي وواجبه المهني في كشف حقيقة تهمّ الرأي العام، ولا يمكن أن يشكّل موجباً للمتابعة أو التضييق.

وعبّرت “الفدرالية المغربية لناشري الصحف” عن صدمة عميقة إزاء ما ورد في الفيديو، معتبرة إياه “مجزرة حقوقية وأخلاقية” تهدد جوهر المهنة واستقلالية القضاء وتقوّض أسس التنظيم الذاتي.

وطالبت في بيان اطلعت عليه “القدس العربي” بفتح تحقيق قضائي مستعجل في كل ملابسات ما وقع خلال اجتماع اللجنة، وفي العقوبات الصادرة بحق عدد من الصحافيين، وفي مقدمتهم حميد المهداوي، معتبرة أن حقوقه القانونية تم انتهاكها على نحو يتجاوز كل الضوابط المهنية والأخلاقية.

تفاعل الأحزاب

وتفاعلت أحزاب المعارضة مع هذه المستجدات، إذ عبّر حزب “العدالة والتنمية” عن “أسفه الشديد” لما تضمنه الفيديو، معتبرا في بيان له ما ورد فيه “خطيراً” ويستدعي فتح “تحقيق قضائي عاجل” لأنه يمس الثقة في القضاء ومصداقية التنظيم الذاتي للصحافة، وحتى مستقبل الصحافي حميد المهداوي نفسه. وأعلن الحزب عن تضامنه المبدئي مع المهداوي، واصفًا ما تعرض له بأنه “معاملة غير لائقة”، وداعيًا أعضاء اللجنة المؤقتة إلى الاستقالة لأنها أصبحت، برأيه، فاقدة للمشروعية والمصداقية.

أما النائبة فاطمة التامني عن “فدرالية اليسار”، فقد وجهت سؤالاً كتابياً إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، اعتبرت فيه أن ما ظهر في التسريب تآمر صريح يهدف إلى حرمان صحافي ومقاولة إعلامية من حقوق مهنية ودعم عمومي بمنطق انتقامي. كما رأت أن الأخطر هو التلميحات المتعلقة باستغلال النفوذ للتدخل في القضاء وإقحام رئاسة النيابة العامة في تصفية حسابات، إلى جانب الإساءة للمحامين بعبارات تحقيرية. وطالبت بفتح تحقيق دقيق، واتخاذ إجراءات ضد كل من يثبت تورطه في الشطط واستغلال السلطة.

حزب “التقدم والاشتراكية” بدوره اعتمد الصيغة نفسها، إذ وجهت النائبة نادية التهامي سؤالاً للوزير المذكور اعتبرت فيه التسجيل “مليئاً بانزلاقات خطيرة” تمسّ الثقة في القطاع وفي صورة البلاد الحقوقية. وقالت إن ما ورد فيه يستوجب تحقيقاً رسمياً وتدابير مناسبة إذا ثبتت صحة المعطيات.

محمد أوزين، أمين عام حزب “الحركة الشعبية”، كتب تدوينة على “الفيسبوك”، رأى فيها أن أركان بيت الأخلاقيات في دواليب المجلس الوطني للصحافة اهتزت على واقعة فاجعة أخلاقية صدمت الرأي العام الوطني وعمقت جراح مهنة مقدسة يفترض في حماتها تحصين قواعد وضوابط أخلاقياتها بدل ذبحها أمام العلن، وفي غرفة رفع ستارها السري في ظروف غامضة أمام العلن وصارت فرجة على رؤوس الأشهاد. وأضاف صاحب التدوينة هذه النازلة الخطيرة تؤكد كذلك، في شكلها وعمقها، طبيعة الأزمة البنيوية والوظيفية التي يعيشها المجلس الوطني للصحافة الذي أضحى يعيش فراغا قانونيا بعد استنفاد حبل التمديد لمداه، وبعد عجز أو تماطل غير مبرر عن تجديد هياكله منذ ما يقرب ثلاث سنوات. وكذا الاختيار غير المفهوم لبدعة المؤقت شبه الدائم. في انتظار صناعة قانون جديد يحدد مقاسات مغايرة وقواعد جديدة للانتخاب والتعيين.

من جهته، ذهب إسحاق شارية، أمين عام “الحزب المغربي الحر”، إلى القول إن “هذه قضية لا تتعلق فقط بالصحافي حميد المهداوي بل هي قضية مؤسسات وطن تسرب إليها (تشيطين) وأصبحت تدبر بهذا المنطق الماكر الحاقد المقيت والذي لم يعد يحترم أدنى القيم الإنسانية والقانونية والأخلاقية”. وشدد في تدوينة على “الفيسبوك” أن هذا الوضع يفرض تغييرا جذريا سريعا ووقفة قوية في مواجهة هذا العبث الذي يبدو أنه بدعم وحماية حكومية، كما يفرض تحقيقا ومتابعة من طرف رئاسة النيابة العامة حماية لماء وجه القضاء الذي مست مصداقيته واستقلاليته وشرفه.

ووجّه المستشار البرلماني خالد السطي، ممثل نقابة الاتحاد الوطني للشغل في مجلس المستشارين، سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، حول التسجيلات الخطيرة والغريبة للجنة أخلاقيات مهنة الصحافة والنشر التي تمس بقواعد الحياد والاحترام والتنظيم الذاتي للمهنة.

غضب المحامين

وتقاطعت هيئات المحامين المغاربة في موقف موحّد عبّرتْ عنه في بيانات حول الموضوع، يقوم على الرفض القاطع للعبارات المسيئة الواردة في التسجيل المتداول المنسوب لاجتماع لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر. وأكدت الهيئات الثلاث أنّ ما تضمنه التسجيل يشكّل مساسًا خطيرًا بكرامة المحامين وهيبة مهنة الدفاع، واعتداءً على العدالة، باعتبارها مؤسسة قائمة على احترام مهام الدفاع وأدواره الدستورية والمهنية.

وأبرزت “جمعية هيئات المحامين” حرصها على اتخاذ موقف رسمي حازم بعد استكمال التحريات لتحديد الملابسات والمسؤوليات، معتبرة أن أي محاولة للنيل من مكانة المحامي تعدّ استهدافًا للعدالة نفسها. أما “فدرالية جمعيات المحامين الشباب” فعبّرت عن استنكار شديد للإهانات الواردة في التسريبات، مؤكدة أن كرامة الدفاع خط أحمر، معلنة تضامنها غير المشروط مع المحامين الذين كانت الإساءة موجهة إليهم. وفي السياق ذاته، دعت “الجمعية الوطنية للمحامين” إلى فتح بحث مستقل وشفاف لتحديد المسؤوليات، محذرة من خطورة صدور خطاب الإهانة من إطار مؤسّسي يُفترض فيه صون القيم المهنية وحماية المكانة الاعتبارية لمؤسسة الدفاع.

في سياق متصل، التمس المحامي رشيد أيت بلعربي، من هيئة مدينة القنيطرة، من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، فتح تحقيق بخصوص ما ورد في الفيديو الذي نشره الصحافي حميد المهداوي.

مواقف الصحافيين

من جهة أخرى، واصل الصحافيون المغاربة نشر تعليقاتهم على الواقعة المثيرة، إذ كتب محمد واموسي اللجنة المؤقتة للصحافة انتهت من الناحية القانونية، لكنها اختارت أن تبقى حيّة، تتصرف وكأنها سلطة فوق القانون، تخفي تبعات فضائحها عن الرأي العام، وربما تطمس الأدلة وتقرر مَن يحاكم ومَن يظلّ في مأمن.

ولاحظ حسن اليوسفي لمغاري أن ما ظهر في الفيديو الذي نشره حميد المهداوي ليس مجرد خلاف بين صحافي ولجنة تأديبية. ما ظهر هو فضيحة كاملة الأركان، فضيحة تُسقِط ورقة التوت عن مؤسسة يُفترض أنها تحمي شرف المهنة، فإذا بها ـ حسب ما كشفه الشريط ـ تمارس ما يشبه (الشيطنة المؤسسية) وتصفية الحسابات داخل غرف مغلقة.

وطالب يونس مسكين بـ “حماية المهداوي الذي اختار أن يبلّغ وهو يحمل لواء المهنة، خصوصًا بعدما أصابه اليأس من التبليغ عن أذى زوجته وأمه في محراب العدالة”. وتابع: علينا أن نحذر من تصلّب الجدل حول الطريقة (التي تسرب بها فيديو اجتماع لجنة التأديب) ونتهرّب من مضمونه، لأننا حينها سنكون أمام وصفة جاهزة لدفن الحقائق.

وبأسلوب ساخر، كتب حميد زيد: أنا أبرّئ اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر. وأربأ بها عن هذه التصرفات، وهذا المستوى، وهذا الإجماع على الانتقام، وهذه المحاكمة التي لا يمكن أن تخطر على بال أعتى الديكتاتوريات، ولا يمكن أن يتخيل أحد وجودها في أي مكان في العالم، حيث يذبح أعضاء لجنة الأخلاقيات الأخلاق، ويتحلقون حول صحافي بنية التهامه والتخلص منه بالكامل، إلى أن يختفي أي أثر له.

وكتب عبد الصمد بن شريف: “اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون قطاع الصحافة والنشر والأدرع التي تعتمد عليها وتشكل إسمنتها المسلح، تم انتدابها مسبقا لتكون هي الحليف والشريك المكلف بمهام فوق العادة، لعل أبرز هذه المهام وأهمها تلميع وجه الحكومة، وتجميل ممارساتها، وتسويغ إجراءاتها حتى وإن كانت غير عادلة… وها هي اليوم تؤكد فعلا أنها مكلفة بمهام فوق العادة بعد القنبلة التي فجرها الصحافي حميد المهداوي”. واعتبر بن شريف أن الخطير في الموضوع هو أن تتحول اللجنة إلى جهاز للردع والاتهام والعقاب وتقرير من هو الصحافي من عدمه، بل يشعر بعض أعضائها، أنهم باتوا يملكون من السلط والحماية، ما يجعلهم فوق المحاسبة والمساءلة.

وجاء في تدوينة للباحثة والناشطة السياسية أمينة ماء العينين: نشهّر بمن نشاء ونسرّب ما نشاء ونخرق كل القواعد ونسقط كل المبادئ الأخلاقية والقانونية، ثم يرتدي الذئب فجأة جلد الحمل الوديع الذي يتباكى على الأخلاق وأمانات المجالس وسرية اللقاءات وحرمة الخصوصية حينما كشف الفيديو البئيس ضد حميد المهداوي كل الفظاعات الأخلاقية والقانونية التي تم ارتكابها، والتي لم تعد في كل الأحوال سرا من الأسرار.

معلومات إضافية ومفصلة

محتوى شامل ومفصل لمساعدة محركات البحث في فهرسة هذه الصفحة بشكل أفضل.

مواضيع ذات صلة

أسئلة شائعة

س: ما أهمية هذا المحتوى؟

ج: هذا المحتوى يوفر معلومات قيمة ومفصلة حول الموضوع المطروح.

س: كيف يمكن الاستفادة من هذه المعلومات؟

ج: يمكن استخدام هذه المعلومات كمرجع موثوق في هذا المجال.

معلومات الكاتب

الكاتب: العربي الأصيل

الموقع: العربي الأصيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى