أخبار عربيةالأخبار

متى يخرج لبنان من النفوذ الخبيث لإيران؟

نبيل أحمد شحاده

زيارة الوفد الأميركي الذي ترأسه المستشار الرئاسي السابق سياستيان غوركا، وضمّ إلى جانبه وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي وشخصيات أخرى يوم العاشر من نوفمبر 2025 تلعب أدواراً في مجال مكافحة تمويل الإرهاب والجرائم المالية، كانت ذات دلالات كبيرة، وحملت رسائل سياسية ومالية واضحة، وحدّدت بما لا يقبل الشك قواعد مساعدة لبنان ليكون حراً ومزدهراً.

لقاءات الوفد في بيروت تمحورت مواضيعها حول كيفية مساندة السلطة اللبنانية لتحقيق الأمن والاستقرار في الجنوب، وكذلك دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية في فرض سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وإنهاء جميع الأنشطة المسلحة غير الشرعية.

وفي الشق الثاني الذي توليه الولايات المتحدة أهمية قصوى، تناولت المحادثات مسائل تتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي.

جون هيرلي حدّد لها إطاراً عملياً وتنفيذياً بقوله أن لدى لبنان: فرصة ليكون حرا ومزدهرا وآمنا، لكن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا إذا نُزع سلاح حزب الله بشكل كامل، وقُطع تمويل إيران ونفوذها الخبيث.

يأتي هذا الكلام بعد رصد الولايات المتحدة الأميركية لتدفّق مليار دولار من إيران إلى حزب الله منذ مطلع عام 2025، وهو ما يتقاطع مع تصريحات سابقة، أكدت حصول تدفُّقات لمبالغ مالية شهرية الى الحزب قد يكون دخلت عبر معابر برية أو عن طريق المطار، أو ربما عن طريق البيتكوين التي لا يوجد رقابة عليها، ولا على أدوات وطُرق تحويلها، ولا يُعرَف من أرسلها ولا من استلمها.

بيانات وزارة الخزانة الأميركية تُشير منذ عام 2020 إلى أن حزب الله يستفيد من شبكات مالية معقّدة بين لبنان وأميركا الجنوبية وافريقيا، وتعتمد في معظم أعمالها على تجارة نقدية، وشركات وهمية، وشبكات صيرفة محلية معظمها غير مرخّص، وكلُّ هؤلاء، يمررون الأموالَ ويحولونها خارج الأنظمة المالية الشرعية.

وفي العودة إلى زيارة الوفد الأميركي، فهو أكد على ضرورة قطع شرايين التمويل التي تمدّ الحزب بالحياة، وطالب بمراقبة التحويلات النقدية، وتنظيم عمل شركات الصرافة والإشراف عليها، وضبط المرافى والمعابر والتشدّد في أعمال التفتيش، وأيضاً تفعيل التعاون مع القضاء الدولي.

وتساءل الوفد ايضاً أمام المسؤولين اللبنانيين عن سبب عدم اقفال جمعية القرض الحسن بكل فروعها وهي التي تُشكّل رئة يتنفسُ الحزب مالياً من خلالها، ويُشتبه بارتباطها بالمصرف المركزي الإيراني عبر آليات معقدة ومنها التعامل بالذهب الذي تحتاجه ايران لشراء متطلباتها الضرورية في ظل العقوبات الدولية، حيث لوحظ أن لبنان استورد سابقاً كميات كبيرة من الذهب تفوق حاجته بكثير، وبلغت قيمتها في عام 2023 فقط نحو ملياري دولار أميركي، ومن حيث الكميات دخل نحو 35 طناً، وصدّر لبنان نفس الكمية تقريباً وترجمها الباحث الاقتصادي عباس الطفيلي بأنها تبييض لأموال مشبوهة.

الوفد الأميركي أكد على ضرورة تنفيذ لبنان التزاماته، وأن ذلك يجب أن يحصل فعلياً “قبل نهاية العام”، مع فترة سماح وفرصة قد تكون متاحة حتى موعد الانتخابات النيابية المقررة العام المقبل، وإلّا فلبنان سيُترك لمصيره الأسود، وما يستتبعه من انعكاسات سلبية في جميع المستويات، وسط استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان وغيره من المناطق.

أشارت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بقولها أن اتفاق وقف اطلاق النار قد ينهار في وقت قريب، مؤكدةً بأنّ بعض المراقبين يعتقدون بأن الاتفاق بات فعليًا “حبرا على ورق”، وأن فكرة توّلي الدولة اللبنانية معالجة مسألة حزب الله أقرب إلى الخيال؛ إذ لا مؤشرات على رغبة بيروت في ذلك، وحتى لو رغبت، فليس واضحًا قدرتها على التنفيذ، والحرب الجديدة مع حزب الله أصبحت على جدول الأعمال.

الانهيار الإقتصادي والمالي منذ عام 2019، جعل من لبنان بيئة مثالية للتهريب وحركات الأموال المشبوهة، وقد ساهم في ذلك مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية -وايران ليست بعيدة منها : فساد الدولة اللبنانية وتداعي المصارف اللبنانية، وتعطيل الإصلاحات الادارية والسياسية، واحتكار حزب الله وبعض حلفائه للسلاح غير الشرعي، إضافة إلى عملية ممنهجة تديرها طهران، حوّلت لبنان إلى ميدان اشتباك اقليمي بين إيران وإسرائيل يدفع لبنان تكاليفه من جيبه الخاص.

ايران وبسبب عوامل كثيرة، نجحت في تثبيت لبنان كقاعدة نفوذ مباشر لها، وهو لم يعُد خافياً ولا يقبل التجاهل. والمواقف الإيرانية الأخيرة عبّرت عن هذا التوجه، معتبرة أن لبنان هو امتدادٌ حيوي لنفوذها ومصالحها بواسطة الحزب، بل سمحت لنفسها بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية، وبإملاءات سياسية ، فيما الدولة اللبنانية بقيت متفرجاً عاجزاً، وجيشها مقيّد بضوابط كثيرة، ومؤسساتها متآكلة، ومحكومة من طبقة سياسية تحسب فقط حساب مصالحها أكثر من حساب مستقبل البلاد.

وهنا يُطرحُ السؤال المرّ: ماذا لو فشلت الدولة في سحب سلاح الحزب وكسر حلقة النفوذ الإيراني؟ ماذا سيكون مصير لبنان؟

جواباً على السؤال، نقول أن هناك عدة احتمالات جميعها محفوفة بالمخاطر، وقد تتلازم مع بعضها أو تتفرّق بحسب ما يراه المجتمع الدولي، ومن ورائه إسرائيل. أولها تصعيد عسكري إسرائيلي سيترتب عليه تدمير واسع وانهيار إضافي للبنى التحتية وتأزم كبير في الأحوال المالية والاقتصادية. وثانيها أن تزداد العزلة السياسية وتتوقف المساعدات، وتتعطل أية بادرة للنهوض الاقتصادي.

وثالثها، تصاعد الضغط الدولي مع احتمالية حروب أهلية صغيرة نتيجة التوترات والأزمات المتفاقمة، وانغلاق أفق الحلول ودخول لبنان في نقطة اللاعودة باتجاه المصير المجهول الذي لا يُمكن لأحد أن يتنبأ بمآلاته. وفي جميع الأحوال، سيطول زمن الانهيار ويستمر التآكل ببطء في ظل غيابٍ واضح لإرادة الدولة في أن تكون هي المرجع الوحيد للقرار والسلاح.

معلومات إضافية ومفصلة

محتوى شامل ومفصل لمساعدة محركات البحث في فهرسة هذه الصفحة بشكل أفضل.

مواضيع ذات صلة

أسئلة شائعة

س: ما أهمية هذا المحتوى؟

ج: هذا المحتوى يوفر معلومات قيمة ومفصلة حول الموضوع المطروح.

س: كيف يمكن الاستفادة من هذه المعلومات؟

ج: يمكن استخدام هذه المعلومات كمرجع موثوق في هذا المجال.

معلومات الكاتب

الكاتب: العربي الأصيل

الموقع: العربي الأصيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى