أخبار عربيةالأخبارمصر

إدانات حقوقية للانتهاكات في سجون مصر وتنامي محاولات الانتحار

تواصلت الانتقادات لتصاعد الانتهاكات بحق السجناء السياسيين في أماكن الاحتجاز المصرية، إذ أعربت 14 منظمة حقوقية عن قلقها العميق إزاء تصاعد الانتهاكات داخل مجمع مراكز إصلاح وتأهيل بدر، خاصة داخل مركز بدر 3، حيث تشهد أوضاع الاحتجاز تدهورا متسارعا، ويُحرم السجناء من أبسط حقوقهم الأساسية.
وقالت المنظمات، في بيان، نشرته المفوضية المصرية للحقوق والحريات، إن ذلك يأتي في ظل غياب شبه كامل للشفافية والمساءلة، بما يشكل انتهاكًا واضحًا للدستور المصري، وقانون تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل رقم 396 لسنة 1956 ولائحة تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل رقم 79 لسنة 1961 وتعديلاتها، فضلاعن المخالفة الصريحة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وبينت أنه منذ افتتاح مركز بدر 3، يعاني سجناؤه من قيود جماعية على الزيارة، سواء بالمنع الكامل للزيارات أو فرض إجرائها عبر الحاجز الزجاجي، دون أي فرصة للتلامس الجسدي أو مجرد المصافحة المباشرة بين السجناء وذويهم، على نحو يفرغ فكرة الزيارة من معناها، هذا بالإضافة إلى التعنت في تفتيش الأهالي خلال الزيارات، ومنع إدخال المواد الأساسية من طعام وملابس، وحرمان المحتجزين من التريض إلا مرة واحدة أسبوعيا، بما يخالف قانون تنظيم السجون ولائحته الداخلية. كما يعاني السجناء من الإهمال الطبي المتعمد والمستمر، بما في ذلك الاكتفاء بالمسكنات كبديل عن العلاج الطبي. وضربت المنظمات مثالا بحالة السجين محمد هلال الذي توفي في 28 ابريل / نيسان الماضي، في مستشفي القصر العيني، بعد تدهور حالته الصحية، الذي أثارت ملابسات وفاته شكوكًا حول احتمالية تعرضه للتعذيب.
وحسب توثيق المنظمات الحقوقية؛ فإن وفاة هلال تسببت في حالة من الغضب بين السجناء. وتعبيرًا عن الاحتجاج والمقاومة، تعمد بعضهم تغطية الكاميرات داخل الزنازين، وبعضهم حرق الأغطية، وآخرون طرقوا الأبواب بقوة وبشكل مستمر. الأمر الذي واجهته إدارة السجن بإجراءات عقابية عنيفة، وصلت حد الاعتداء على السجناء واستخدام خراطيم المياه داخل الزنازين، والحرمان الجماعي من التريض.
وتناول البيان كيف تنامت محاولات الانتحار داخل مركز بدر 3، حيث أقبل أحد السجناء مؤخرًا على الانتحار نتيجة حرمانه من الزيارات العائلية لفترة طويلة. ورغم أن إدارة السجن كانت قد سمحت له اخيرا بالزيارة، إلا أنها رفضت إدخال متعلقاته التي أحضرتها أسرته. فدخل في مشادة كلامية مع أحد ضباط الأمن الوطني هدد فيها بالانتحار، فرد الضابط: «يبقى أحسن، موت نفسك،» وأمر بإيداعه زنزانة التأديب، الأمر الذي دفع السجين إلى تنفيذ تهديده شنقًا، لكن تم إنقاذه ونقله إلى مستشفى المنيل الجامعي ثم إلى مركز بدر الطبي.

ولفتت المنظمات إلى إفادات بمحاولات انتحار أخرى بوسائل متعددة داخل السجن نفسه، بما في ذلك الشنق، إشعال النيران، قطع الشرايين، وتناول كميات من الأدوية، مما يعكس حالة من الانهيار النفسي العام، وفقدان الأمل بين السجناء في تحسن الأوضاع أو الاستجابة لمطالبهم الأساسية.
وفي أعقاب هذه التطورات، دخل عدد من السجناء في إضراب جزئي عن الطعام احتجاجًا على ظروف الاحتجاز القاسية، بينما امتنع آخرون عن استقبال الزيارات، مطالبين بتطبيق قانون تنظيم السجون ولائحته الداخلية، وضمان حقوقهم الأساسية في التريض، والتواصل مع أسرهم خلال الزيارات وتبادل الرسائل.
وأعربت المنظمات عن تضامنها الكامل مع السجناء الذين يواجهون هذه الظروف القاسية، وأنها تُحمّل وزارة الداخلية وإدارة مجمع مراكز إصلاح وتأهيل بدر المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، وعن سلامة جميع السجناء.
وطالبت بالوقف الفوري للانتهاكات والقيود المفروضة بالمخالفة للقانون، وضمان احترام الحقوق الأساسية للمحتجزين وضمان تنفيذ أحكام لائحة تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل على نحو فعال، خاصة ما يتعلق بالتريض، التغذية، الرعاية الطبية والنفسية، والزيارات، وفتح تحقيق عاجل وشفاف في جميع الوقائع المبلغ عنها، لا سيما محاولات الانتحار، ومحاسبة المسؤول عنها.
كما أكدت على ضمان رقابة فعالة على أماكن الاحتجاز، من خلال تفعيل آليات المساءلة، والسماح للمنظمات الحقوقية المستقلة بزيارة السجون ورصد أوضاع المحتجزين، وتعديل اللائحة الداخلية لمراكز الإصلاح والتأهيل بما يضمن وضع قائمة تفصيلية بالمتعلقات الممنوع دخولها، بما يمنع إدارات السجون من استخدام سلطاتهم التقديرية في هذا الصدد، ومعاقبة السجناء وذويهم بصورة مضاعفة.
ودعت إلى تفعيل المادة 60 من اللائحة الداخلية لمراكز الإصلاح والتأهيل رقم 79 لسنة 1961، التي تنص على حق المحتجزين احتياطيًا في أربع زيارات شهريًا، والمحكوم عليهم بزيارتين شهريًا، والتوقف عن استخدام الحبس الانفرادي كوسيلة للتنكيل بالسجناء، بما يخالف اللائحة الداخلية للسجون. ولفتت إلى أن استمرار هذه الانتهاكات في بيئة مغلقة وبلا رقابة يشكل تهديدا مباشرا للحياة والكرامة الإنسانية، ويدق ناقوس الخطر بشأن الأوضاع داخل أماكن الاحتجاز في مصر.
ودعت المنظمات المجتمع الدولي، والآليات الأممية المعنية، لا سيما المقرر الخاص المعني بالتعذيب، إلى التحرك العاجل للضغط على الحكومة المصرية من أجل وقف هذه الانتهاكات، وضمان حقوق السجناء في الكرامة والعدالة والحماية من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى