أخبار عربيةالأخبار

الوقت يضيق هل نضجت الظروف لحرب جديدة ضد حزب الله للبناني

بقلم: نبيل أحمد شحاده

يشهد لبنان تصعيداً كبيراً عبّرت عنه الغارات الإسرائيلية العنيفة وبوتيرة لافتة على مواقع قالت بيانات الجيش الإسرائيلي أنها مخازن أسلحة ومنشئات ومراكز تدريب في الوديان والجبال والمناطق الوعرة في الجنوب والبقاع، مما أثار المخاوف من تحقّق التصريحات التي نبّهت لبنان إلى مخاطر التأخرأو التراخي في سحب سلاح “الحزب” والعمل على فرض سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.

الكلام عن إنهاء قدرات الحزب كلياً لم يعد مجرّد تخمينات سياسية بل يبدو أنها أصبحت ضمنَ السيناريوهات المحتملة التي سيشهدها لبنان مع اقتراب نهاية العام الجاري.

تقاطع الغارات الجوية مع الرسائل السياسية والتحذيرات التي خلعت أثواب الديبلوماسية يُفيدُ بأن لبنان دخلَ دائرة الخطر، وأنّ الزمن الضائع بين الحرب والسلام بدأ يضيق بشكل مقلق وخطير، وهذا قد يفتح الباب واسعاً أمام تسوية كبرى في حال تدارك المعنيون الأمر، أو الذهاب إلى انفجار واسع لا أحد يُمكنهُ في الوقت الحالي تقدير حدوده.

لبنان في وضع خطير

خلال الأيام الماضية، صدر تصريح للمبعوث الأميركي توم باراك قال فيه أن “إن نفوذ حزب الله في الحكومة اللبنانية عطّل خطةَ نزع سلاحه” مشيرا إلى أن هذا السلاح يهددُ الأمن الإقليمي برمته. عبارةُ “الأمن الإقليمي” هي جديدة، وتوحي بأن خطر “الحزب” لم يعُد مسؤولية لبنانية بحتة، بل إقليمية، وللمراقبين أن يتخيلوا ما خلف هذه الكلمة.

اسرائيل التي تواصل خرق اتفاق وقف اطلاق النارليست أيضاً بعيدة عن التهديد، فقد قال مصدر أمني إسرائيلي، يوم الجمعة، إن إسرائيل ترصد محاولات من حزب الله لترميم كل قدراته الاستراتيجية، مضيفاً، بأنه إما تنزع الدولة اللبنانية سلاح الحزب أو نقوم نحن بذلك.

وسط هذه الأجواء الملبّدة، نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تقريراً قالت فيه أن حزب الله بات يعمل تحت الأرض، وأنّه يُعيد بناء هيكليته القيادية وقوته العسكرية. وتابعت الصحيفة، أنه في الوقت الذي أبدى الحزب موافقة على ظاهرية على نزع سلاحه، فإنه فعليا يسير بخلاف ذلك.

الصحيفة لم تكتف بهذا القدر، بل جاء في تقريرها ما يعكس رؤية غربية وحالة يأس دولية بشأن الوضع اللبناني، وفوق ذلك ساقت “مضبطة اتهام” بحق الدولة اللبنانية، وهي أنه لا تزال للحزب “صلات” داخل أجهزة أمن لبنانية، وبعض الجهات المكلفة أصلا بنزع سلاحه.

قادةُ حزب الله، ورغم ادعائهم العودة الى أصول العمل السرية، تابعوا الجهرَ والتغنّي بأصوات عالية بأن “الحزب” “استعاد عافيته”، وأنه بات جاهزاً لأية مواجهة، في اشارة واضحة إلى رفضه أي مسار يُؤدي إلى تقليصِ قدراتِه أو سحب سلاحه، متجاهلاّ ما رددته وسائل الإعلام نقلاً عن مصادر أوروبية بأن “ضربة اسرائيلية واسعة ومتوقعة ضد لبنان أصبحت مسألة وقت، لا أكثر”. يحدث هذا وسط تساؤلات طرحها مراقبون بأنّه من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستتعامل هذه المرّة مع الدولة اللبنانية كطرف متواطئ أو فاشل، أو ستبقيها آمنةً خارج الحسابات العسكرية؟

وبينما ينشغل الرأي العام بجدلية سحب السلاح وسيادة الدولة، يطوفُ إلى السطحِ سؤالٌ أكثر عمقاً وخطورة: ماذا لو كان في داخل السلطة – وغيرالرئيس نبيه بري- مَنْ لا يريدُ فعلاً نزع سلاح الحزب! بل ربما هو يستفيد منه ويتغذّى عليه في لعبة التوازنات الداخلية، وخاصة بعد عاصفة سقوط نظام بشار الأسد، وصعود نجم الرئيس أحمد الشرع وما يُمثّله في الداخل السوري.

في هذه الحالة، يُصبح الحديثُ عن نزعِ السلاحِ بالشكل الذي يرغب به العرب والمجتمع الدولي أقرب إلى وهم سياسي، لأن لبّ الأزمة أصبح في مكان آخر، داخل التركيبة اللبنانية، وليس في خارجها.

سلاح حزب الله، لم يكن فقط قوة عسكرية تهدّد اسرائيل، أو مرتبطاً بمجريات الصراع الأقليمي، بل هو كان دائماً مصدرَ نفوذٍ سياسي واجتماعي واقتصادي و”مرجّح” لخيارات ثقيلة داخل السلطة ضمن شبكات واسعة من العلاقات الظاهرة والخفية، والمصالح المتداخلة في تبادل الأثمان والأرباح.

لذلك، يُمكن القول أن بعض القوى داخل الحكم لا تنظرُ إلى سلاحِ الحزب باعتباره عبئاً على الدولة، بل هو عاملُ توازنٍ يحمي مواقعها، ويعزّزُ قدراتها لبناء النفوذ وتحصيل المكاسب بأنواعها. وهكذا نصل إلى نتيجة مخيبة للآمال، ومقلقة على مستوى مستقبل لبنان، وهي أن الدعوات الى تجريدِ الحزب من سلاحِه تصطدمُ ليس فقط بمواقف الرفض من الحزبِ نفسه، بل أيضاً من جزءٍ من طبقةٍ سياسية تخشى فقدان قوتها داخل “هيكل الحكم” اذا تغيّرت التوازنات والمعادلات.

الخلاصة، تقول أن لبنان في وضع خطير، والحزب لا يأبه لكل هذه القراءات، وهو مقتنعٌ بأن سلاحه ضرورةٌ وجودية وليس خياراً مؤقتاً أو حتى مرتبطاً باحتلال. وهو لا يعنيه لا التحذيرات الدولية ولا يلتفت إلى تقارير صحف أو تصريحات السياسيين الدوليين. وإلى الجانب الآخر، يقفُ اللبنانيون في منطقةٍ ضبابية، مسلوبي الإرادة، ومحرومين من خيارات ثالثة ورابعة تحجب عنهم كلفة العواصف الآتية.

لبنان، الذي تجاوز عمره المئة عام، يبدو أنه شاخ وترهّل وفقد تماسكه ومبرّر بقائه، بفضل قواه السياسية التي تفتقر في معظمها إلى وعي وطني وقدرة على اتخاذ قرارات هادئة وشجاعة تضع مصلحة هذا الشعب البائس في المقدمة، وبعيداً عن “بازار” الشعارات والطوائفية والمزايدات الفارغة.

لبنان يحتاج إلى أن يكون دولة، لا مساحة تنازع وصراع بين قوى محلية وحسابات وأجندات خارجية. والدول لا تُبنى ب “الهوبرات”، ولا تتخطّى الأزمات بالترجّي، ولا يُمكن بأي حالٍ أن يحميها السلاحُ وحده مهما علا شأنه. الذي يحمي الدول هو فقط عقد اجتماعي متكامل يؤمنُ به الجميع، ويضعهم تحت سقف واحد ومصير واحد، هو سقف الدستور والقانون، والالتزام بكل ما جاء فيهما. أمّا غير ذلك، فهو انتظار العاصفة قبل السقوط في قعر الهاوية.

معلومات إضافية ومفصلة

محتوى شامل ومفصل لمساعدة محركات البحث في فهرسة هذه الصفحة بشكل أفضل.

مواضيع ذات صلة

أسئلة شائعة

س: ما أهمية هذا المحتوى؟

ج: هذا المحتوى يوفر معلومات قيمة ومفصلة حول الموضوع المطروح.

س: كيف يمكن الاستفادة من هذه المعلومات؟

ج: يمكن استخدام هذه المعلومات كمرجع موثوق في هذا المجال.

معلومات الكاتب

الكاتب: العربي الأصيل

الموقع: العربي الأصيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى