أخبار عالميةالأخبار

ترامب يقع ضحية تخبطه في السياسة العالمية

في عالم السياسة الدولية، يحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يصور نفسه كرجل قوي لا يهاب أحداً. لكن، بحسب مجلة “دير شبيغل” الألمانية، يبدو أن ترامب هو من يتعرض للتنمر في “ساحة المدرسة” للسياسة العالمية، حيث تكشف سياساته الخارجية عن فوضى واضحة وغياب تخطيط استراتيجي.

كان ترامب قد وعد بحل النزاع في أوكرانيا خلال 24 ساعة وإنهاء الحرب في غزة، مؤكداً أن حركته “اجعل أمريكا عظيمة مجدداً” تهدف إلى إبعاد الولايات المتحدة عن المغامرات العسكرية ذات العواقب غير المحسوبة. لكن بعد خمسة أشهر فقط من توليه الرئاسة الثانية، تستمر روسيا في قصف أوكرانيا بوحشية، ويتواصل القتل في غزة، بينما يقود ترامب بلاده نحو صدام عسكري محتمل مع إيران، دون رؤية واضحة للنتائج.

تكشف سياسة ترامب تجاه إيران عن تناقضاته. فقد ألغى في 2018 الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه باراك أوباما، واعداً بصفقة أفضل، لكنه الآن يجد نفسه عالقاً في تصعيد عسكري بدأه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبينما يتجنب ترامب إرسال قاذفات “بي-2” لتدمير المنشآت النووية الإيرانية حتى الآن، يبدو أن القرارات تُتخذ في تل أبيب وليس في واشنطن.

وقال ترامب مساء الخميس في بيان تلته المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت بالنظر إلى وجود فرصة حيوية لإجراء مفاوضات قد تحصل وقد لا تحصل مع إيران في المستقبل القريب، سأتخذ قراري بشأن المضي قدما أو لا خلال الأسبوعين المقبلين.

فيما أعلنت إسرائيل أنها ترحّب “بأي مساعدة” لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، تنفي طهران أن تكون تسعى لحيازة قنبلة ذرية متمسكة في المقابل بحقها في برنامج نووي مدني.

أما فيما يخص الشأن الأوكراني، فبحسب شبيغل فقد استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغبة ترامب اليائسة في التوصل إلى اتفاق سلام، ليرد بتكثيف الهجمات على أوكرانيا. وفي النزاع التجاري مع الصين، تفوق الرئيس الصيني شي جين بينغ على ترامب بفرض عقوبات مضادة أقوى مما توقع.

وتقول المجلة الألمانية: يُظهر ترامب صورة الزعيم القوي، لكنه يتصرف كما لو كان “ديكتاتور أوبريت”، أي زعيم يفتقر إلى القدرة على توظيف قوته بشكل فعّال. ففي الوقت الذي نظّم فيه أنصاره عرضًا عسكريًا في واشنطن لإظهار قوة أمريكا، كان نتنياهو يدفع باتجاه حرب مع إيران، مما وضع ترامب في موقف حرج.

تذكّر سياسات ترامب بـ”نظرية الرجل المجنون” التي اعتمدها الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون، والتي تقوم على إقناع الخصوم بأن الزعيم قادر على أي تصرف غير متوقع. لكن نجاح هذه النظرية يتطلب وجود حسابات عقلانية وراء المظهر المتهور، وهو ما يبدو غائبًا عن سياسات ترامب.

لكن الخدعة تكمن في أن وراء هذا الجنون حسابات عقلانية. ربما يحالف الحظ ترامب ويُجبر النظام على إبرام صفقة. ربما يستطيع تدمير برنامجه النووي دون أن تتصاعد الحرب في الشرق الأوسط بشكل كامل. لكن يبدو أن ترامب يتفوق على نفسه ذكاءً.

ويجري وزراء خارجية أوروبيون محادثات الجمعة في سويسرا مع نظيرهم الإيراني سعيا للتوصل إلى تسوية دبلوماسية للحرب التي دخلت أسبوعها الثاني بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل.

وتتابع المجلة الإخبارية الرصينة: يحب ترامب أن يُصوّر نفسه كرجل قوي، رئيس يرتجف أمامه رؤساء العالم. لكن في ساحة لعب الأشرار، ترامب يبدو بأنه هو الأسهل استغلالًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى