نتنياهو أناني وليس صديقا لأمريكا وترامب لم يخن إسرائيل بل لاحق مصلحته

نشر موقع “ذي هيل” مقالا للباحث جون ماك غليون قال فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعد حليفا لأمريكا وقد اكتشف الرئيس دونالد ترامب هذا أخيرا.
وبدأ مقالته بالقول إن انتقاد نتنياهو، الرجل والسياسي والمتآمر ليس معاداة للسامية ولكن واقعية وقد طال انتظارها. مع أن الكاتب يرى أن معاداة السامية حقيقية وقبيحة ومستمرة ويجب إدانتها في كل مناسبة.
وعليه، فعندما تجاوز دونالد ترامب إسرائيل في جولته الأخيرة في الشرق الأوسط، واختار بدلا من ذلك مصافحة يد الرياض والدوحة متجاهلا تل أبيب تماما، لم يكن هذا كراهية ولا خيانة. بل كان ابتعادا وبراغماتية. وكان هذا تذكيرا بأن الولايات المتحدة هي القوة العظمى وليست دولة تابعة ولا مانحة، ولا خادمة. ولا تحتاج إلى التوقف في تل أبيب لإثبات هذه النقطة.
وقال إن هذا الابتعاد يؤشر إلى شيء كانت الطبقة السياسية في أمريكا تخشى النطق به وهو: بنيامين نتنياهو ليس صديقا للولايات المتحدة، فقد يسمي نفسه حليفا وقد يلقي خطابا أمام الكونغرس وربما تحدث عن القيم المشتركة وعن الحضارة الغربية، لكن إن جردنا الصورة من مضمونها، فلن نجد سوى رجل حريص على التمسك بالسلطة، مستعد لتعريض الاستقرار العالمي للخطر وتأجيج نيران الحرب وقطع العلاقات مع الدولة التي يدعي تبجيلها، إن كان هذا يعني إبعاد نفسه عن زنزانة السجن.
وأضاف أن ترامب يحسب له إدراكه لهذا أخيرا. وعلى عكس الرؤساء السابقين الذين كانوا يتحدثون بهدوء بينما كانوا يحررون شيكات مفتوحة لإسرائيل، يتحدث ترامب بنفوذ لأنه يفهم ما لا يرغب الكثيرون في قوله بصوت عال: أمريكا هي من تتحكم بزمام الأمور.
ويعلق الكاتب أن المدافعين عن إسرائيل أصيبوا بنوع من الانهيار، ومن بينهم بن شابيرو [معلق محافظ وكاتب عمود في أكثر من وسيلة إعلامية أمريكية]، حيث اتهم ترامب بخيانة إسرائيل والشعب اليهودي وما يسمى بالنظام الأخلاقي. ويعلق الكاتب أن من قام بالخيانة هنا، لم يكن ترامب بل نتنياهو، وهو يفعل هذا منذ سنوات.
وقال الكاتب: “علينا ألا ننسى أن نتنياهو قوض، عندما ناسبه الأمر، السياسة الخارجية الأمريكية وأكثر من مرة. وعارض علانيةً اتفاق إدارة أوباما مع إيران، حتى أنه شن حملةً ضده على الأراضي الأمريكية بمخاطبة الكونغرس دون موافقة البيت الأبيض. وتخيلوا الغضب لو فعل زعيم دولة أخرى الشيء نفسه”، مضيفا أن حكومة نتنياهو باعت التكنولوجيا العسكرية والسيبرانية للصين من وراء ظهر أمريكا، وأنه “استهزأ بكل رئيس أمريكي لم يفعل ما يريده بالضبط، بينما كان يجني مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية دون مساءلة أو محاسبة”.
ولأن بقاءه السياسي بات على المحك، فإن نتنياهو يقوم بلعبة أخطر بكثير.
وقال إنه يطيل أمد الحرب الوحشية في غزة، ليس بدافع المبدأ أو الضرورة ولكن بدافع اليأس السياسي، فكل قنبلة ترمى وكل مستشفى يقصف وكل مدني يقتل، يعطي “بيبي” تغطية إخبارية أخرى حيث يوصف بأنه “رئيس وزراء الحرب” بدلا من الرجل الذي يواجه سلسلة من تهم الفساد في الداخل.
و”إذا لم يكن جر غزة إلى الهاوية كافيا، فإنه يحاول الدفع وبشكل متزايد باتجاه عملية عسكرية ضد البرامج النووية الإيرانية، وليس لأنها عملية منطقية من الناحية الإستراتيجية أو لأنها تخدم المصالح الأمريكية، بل لأنه يعلم أن الحرب هي الطريقة الوحيدة لحرف النظر والإلهاء والدرع النهائي الواقي له. وإذا استطاع جر الولايات المتحدة إلى الحرب فهذا أفضل، وهذه ليست قيادة. ليست قيادة جيدة على أي حال، إنه تلاعب. وما لدينا هو رجل يحاول استخدام القوة الأمريكية للتهرب من الاستحقاقات القانونية المحلية”. وقال إن ترامب هو من يخرق جدار الصمت الآن، فهو لم يكن بحاجة إلى صور تذكارية في تل أبيب، وكان بحاجة لنفوذ وبحاجة لنفط الخليج ومال الخليج.
وللمرة الأولى، اختار التحايل والعمل من خلف الرجل الذي نصب نفسه لفترة طويلة حارسا للسياسة الأمريكية في المنطقة. لقد تصرف كما ينبغي لرئيس قوة عظمى: بشروطه الخاصة، وهذا جيد.
والحقيقة، ببساطة أن نتنياهو بحاجة لأمريكا أكثر من حاجة الأخيرة له. وهذه ليست غطرسة، إنه الواقع. فأمريكا توفر الأسلحة والغطاء والفيتو في الأمم المتحدة. وبدون أمريكا، لا يمكن لإسرائيل البقاء في شكلها الحالي، نقطة تحت السطر.
وقال الكاتب إن على الحزب الجمهوري أن يقرر: هل يخدم مصالح الولايات المتحدة، أم يدافع عن بقاء وشرعية سياسي أجنبي غارق في فضيحة؟
ويعلق الكاتب أن انتقاد نتنياهو لا يعني التخلي عن إسرائيل، بل هو فضح لرجل حول إسرائيل إلى وعاء لأنانيته. إنه إدراك بأن الحلفاء الحقيقيين لا يتجسسون على بعضهم البعض ولا يتدخلون في انتخابات بعضهم البعض ولا يخاطرون بحرب إقليمية من أجل تجنب قاعة المحكمة. وعليه، فليصرخ المحللون، لم يخن ترامب أحدا، بل على عكس الرؤساء السابقين، وجد رافعة وقرر وضع أمريكا أولا.