أخبار عربيةالأخبارالعراق

تحديات خطيرة لواقع العمال في العراق

تحديات خطيرة تواجه واقع العمال في العراق، في مقدمتها تدني مستوى الأجور، وغياب الضمانات الاجتماعية، حسب حقوقيين أشاروا إلى أن أكثر من نصف العمال في البلاد يعملون خارج إطار القانون والنظام الرسمي، فيما شكا وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي، من قلّة نسبة تسجيل العمال في القطاع الخاص بنظام التقاعد والضمان الاجتماعي، التي لا تتجاوز 10 ٪.

حماية العمال

رئيس «المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق»، فاضل الغراوي، دعا الحكومة ومجلس النواب إلى بناء استراتيجية وطنية شاملة لحماية العمال وتعزيز بيئة العمل «فعلياً وليس عبر التصريحات فقط»، مطالباً بإعادة النظر في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال.
وذكر في بيان صحافي أن واقع العمال العراقيين لا يزال يواجه تحديات خطيرة، في مقدمتها تدني مستوى الأجور، وغياب الضمانات الاجتماعية، وانتشار العمل في القطاع غير المنظم الذي يفتقر إلى أبسط مقومات السلامة المهنية»، مبيناً أن «العمال يفتقرون إلى بيئة عمل لائقة تحترم حقوقهم، وتوفر لهم الأمان الوظيفي والاستقرار الاقتصادي.
وأوضح أن العمال في العراق، رغم جهودهم وتفانيهم، يعانون من ضعف في تطبيق القوانين المعنية بحقوقهم، وعدم كفاية السياسات الحكومية في توفير الحماية اللازمة، لا سيما في ظل ارتفاع نسب البطالة وغياب مشاريع تشغيل مستدامة، مما أدى إلى تآكل الثقة بين العامل والمؤسسات المعنية.
وطالب بعادة النظر في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، وتحديثه بما ينسجم مع المعايير الدولية، وتوسيع مظلته لتشمل العاملين في القطاع الخاص وغير المنظم»، مشدداً على ضرورة «دعم النقابات العمالية ومنحها الدور الحقيقي في الدفاع عن حقوق العمال وتمثيلهم في السياسات العامة.
وأضاف أن«العراق يمتلك تشريعات متقدمة نسبياً، خاصة بعد صدور قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في ضعف التنفيذ والرقابة، ما يتطلب تفعيل آليات التفتيش العمالي، وربط شروط التعاقد الحكومي مع الشركات المحلية والأجنبية باحترام حقوق العمال ومعايير العمل الدولية.
وأكد أن إنصاف العمال لا يكون عبر التصريحات الاحتفالية، بل من خلال مواقف تشريعية ومؤسساتية جادة تترجم حقوقهم إلى واقع ملموس، داعياً إلى إطلاق برامج تدريب وتأهيل مهني تستهدف الشباب والخريجين، بما يسهم في إدماجهم بسوق العمل.
أما الخبير الاقتصادي منار العبيدي، فاقترح تحويل عيد العمال في العراق من يوم للتهنئة إلى محطة للتقييم والمحاسبة ومناسبةً لإعلان خطط وطنية لتحويل العمالة غير الرسمية إلى رسمية، فيما يكشف ان 6 من كل 10 عمال عراقيين يعملون خارج إطار القانون والنظام الرسمي.
وقال في تدوينة له: في كل عام، تتسابق المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وكبار وصغار المسؤولين في العراق إلى إطلاق التهاني والشعارات بمناسبة عيد العمال، مؤكدة احترامها وتقديرها لدور العمال في بناء الوطن، لكن ما إن تمر الساعات الأولى من الأول من أيار/ مايو، حتى يخفت الخطاب، وتعود الحياة إلى واقعها: واقع يقصي أكثر من ثلثي العاملين في العراق من أي حماية قانونية أو ضمان اجتماعي.

ووفقًا لبيانات منظمة العمل الدولية لسنة 2021، فإن «نسبة العمالة غير الرسمية في العراق بلغت 67.6٪ من إجمالي العاملين، ما يعني أن أكثر من 6 من كل 10 عمال عراقيين يعملون خارج إطار القانون والنظام الرسمي. هؤلاء لا تشملهم أنظمة التقاعد، ولا التأمين الصحي، ولا الحد الأدنى للأجور، ولا حتى عقود العمل»، وفقا للعبيدي.
وبيّن أن البيانات تكشف صورة أكثر قسوة حين ننظر إلى التفاصيل. في القطاع الزراعي، تبلغ نسبة العمل غير الرسمي 98.1٪، أما في القطاع الصناعي، فتصل إلى 89.2٪، وحتى القطاع الخدمي يعاني من نسبة غير رسمية تقارب 54٪، ولولا شمول الخدمات الحكومية والعامة ضمن هذا القطاع لارتفعت النسبة الى مصاف القطاعين الزراعي والصناعي.
وتساءل: أين هي حقوق العمال التي نحتفل بها اليوم؟ كيف نكرّم عاملاً لا يملك ورقة تثبت حقه، ولا مظلة تؤمن مستقبله، ولا قانونا يحميه من الفصل أو الاستغلال؟ بل كيف نبني اقتصادًا وطنياً مستداماً ونحن نتغاضى عن حقيقة أن الاقتصاد غير الرسمي هو القاعدة وليس الاستثناء؟
ورأى أن عيد العمال في العراق يجب أن يتحول من يوم للتهنئة إلى محطة للتقييم والمحاسبة. يجب أن يكون مناسبةً لإعلان خطط وطنية لتحويل العمالة غير الرسمية إلى رسمية، تبدأ بربط الحوافز بالدخول إلى النظام، وتسهيل تسجيل الأعمال الصغيرة، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي. لا يكفي أن نهنئهم، يجب أن نحميهم. وإلا فإن كل شعار يرفع في هذا اليوم، سيبقى مجرد صدى خافت في سوق لا يعترف بالقانون.
في حين حمّل الحزب الشيوعي الذي نظم تظاهرة سارت من ساحة الفردوس إلى ساحة التحرير في بغداد، ما وصفها «منظومة المحاصصة والفساد» الحاكمة في البلاد، مسؤولية انتفاء العدالة الاجتماعية وتفاقم البطالة وتفشي الفقر.
واعتبر أنه بعد عشرين عاماً تقريباً على تسلّم منظومة المحاصصة والفساد الحكم، لا تزال بلادنا ترزح تحت وطأة الأزمة البنيوية الشاملة، وتتعمق الهوّة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع وانتفاء العدالة الاجتماعية، جرّاء السياسات الليبرالية الجديدة، وفي ظل اقتصاد سوق منفلت ورأسمالية متوحشة ريعية مندمجة بالسوق العالمية. وبين أن القوى الماسكة بمفاتيح السلطة تنشغل في توظيف كل ما تيسر لها من أجل البقاء في الحكم، فيما يواجه شعبُنا نار الأزمات، وتفاقم البطالة وتفشي الفقر وغياب الرعاية الصحية وتردي التعليم، وخراب المعامل والمصانع وانهيار الانتاج الوطني وتراجع الزراعة وانتعاش الفساد، بجانب انتشار المخدرات وغياب القوانين ونهب الثروات وجفاف مصادر المياه، وتوسّع التصحر وتردي حال البنى التحتية، وتصاعد انتهاك حقوق المرأة والحريات العامة والخاصة.
وأشار الى أنه في الآونة الأخيرة تزايدت حدة الاحتجاجات الشعبية، وتظاهر ممثلو مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية ومنهم الفلاحون والمعلمون، رافعين شعارات تطالب بتحسين المستوى المعيشي وزيادة الرواتب وإيجاد فرص عمل، وغيرها من مطالب مشروعة.

رأسمالية متوحشة

واعتبر الحزب المُدافع عن حقوق العمّال أن استفحال هذه الأزمة العامة، فضلا عن المخاطر المحدقة ببلادنا جراء التغيرات الدولية والإقليمية وتداعياتها، يعزز القناعة بأن التغيير الشامل في بلادنا بات ضرورة ملحة، لافتاً إلى أن ذلك «يتطلب إقامة أوسع اصطفاف للقوى التي تنشد هذا التغيير، للخلاص من منظومة المحاصصة والطائفية السياسية والفساد والسلاح المنفلت، عبر المساهمة الفاعلة في الحراك الشعبي والجماهيري متعدد الأشكال، والتوجه للمشاركة النشيطة في الانتخابات المقبلة بروح التحدي لقوى السلطة وأجهزتها، والتصويت لقوى الخير والعمل والبناء، القوى المدنية الديمقراطية والوطنية، من أجل دفع عملية التغيير قدما، وتدشين مرحلة بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
في السياق، أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، عن مساواة العمال المضمونين بالقطاع الخاص مع الموظفين الحكوميين بمنح القروض وشمولهم بقطع الأراضي، كاشفاً عن قرب صدور توجيه للمصارف بهذا الشأن، حسب بيان لمكتبه.
في حين أكد وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، أن وزارته ماضية في تحسين بيئة العمل وتعزيز حقوق الطبقة العاملة، مشيرا إلى أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي الجديد يمثل نقلة نوعية في تأمين مستقبل العامل العراقي، وضمان استقراره الاجتماعي والاقتصادي.
وقال خلال الاحتفالية المركزية التي نظمها الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق أمس، إن الوزارة نجحت خلال المدة الماضية في توفير أكثر من 50 ألف فرصة عمل، بينها 37 ألف عقد جديد تم الاتفاق عليها مع وزارة الداخلية، خصصت لأبناء الأسر المشمولة بالحماية الاجتماعية ضمن سياسة (التخريج والتمكين) التي تهدف إلى نقل الأسر من الإعانة إلى سوق العمل.
وبشأن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، أكد أن القانون صُمم ليكون أكثر عدالة وشمولاً، ويستوعب شرائح واسعة من العاملين في القطاعين الخاص وغير المنظم، مما يعزز مناخ الاستثمار ويمنح العاملين الحماية اللازمة.
ووجه دعوة لجميع المؤسسات وأرباب العمل إلى تسجيل عمالهم في دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي، خاصة وأن نسبة المسجلين من العاملين في القطاع الخاص لا تتجاوز 10 ٪، مؤكدا أن التسجيل بالضمان الاجتماعي يحفظ حقوق العمال وكذلك أصحاب العمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى