خبراء اقتصاد: 35٪ من المصريين تحت خط الفقر

حذر خبراء اقتصاد مصريون من تفاقم الدين العام، وضعف الإنفاق على القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، خلال ندوة نظمها حزب «المحافظين» تحت عنوان قراءة للحساب الختامي للعام المالي 2023 ـ 2024.
وقال الهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي نائب رئيس حزب «التحالف الشعبي»، إن الكارثة الرئيسية في الحساب الختامي للدولة هي الدين العام الذي قفز قفزات كبيرة منذ 2014، ليصبح عبئا يعيق صانعي السياسات.
وبين أن فوائد الدين بلغت 2298 مليار جنيه، بينما وصلت أقساط السداد إلى 2084 مليار جنيه، فيما تمثل القروض الجديدة 53 ٪ من الموازنة، ما يقلص الإنفاق على التنمية والخدمات الأساسية.
وأكد أن السياسة الاقتصادية الحالية فاقمت أزمة المديونية، لافتا إلى أن 35٪ من المصريين تحت خط الفقر، رغم زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 538٪ ليصبح 7000 جنيه والمعاشات بنسبة 498٪، إلا أن هذه الزيادات لا تعكس تحسنا حقيقيا في القوة الشرائية بسبب التضخم.
وكشف عن خلل صارخ في توزيع الإنفاق بين القطاعات، حيث تستحوذ الخدمات العامة مثل البرلمان والرئاسة والجهاز المركزي للمحاسبات على 64 ٪ من المصروفات، بينما يتبقى 36 ٪ فقط للصحة والتعليم والإسكان، لافتا إلى أن 59 هيئة اقتصادية حكومية تحتاج إعادة هيكلة، حيث سجل بعضها خسائر بلغت 19 مليار جنيه مثل هيئة النقل العام، بينما حققت هيئات أخرى فائضا كبيرا كقناة السويس والمجتمعات العمرانية.
أما طلعت خليل، مقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي في الحوار الوطني، فقد تناول الرقابة على الحساب الختامي، متسائلا: «هل راجع البرلمان الحالي أو السابق هذه الأرقام كما ينبغي؟»، مؤكدا أن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات أصبحت مجرد «إجراء شكلي»، دون مراجعة حقيقية للقروض أو الإنفاق، لافتا إلى تجاوز سقف القروض المقرر دستوريا.
وحذر مما وصفها بـ«الأرقام غير الواضحة في الموازنة»، مثل زيادة الإيرادات الأخرى من 299 مليارا إلى 902 مليار جنيه دون تفسير مفصل، وعدم شفافية مصادر المنح هل هي حكومات أم جهات أخرى؟. ولفت إلى تضخم الناتج المحلي من 5 تريليونات عام 2019 إلى 14 تريليونا دون مبررات اقتصادية واضحة.
وانتقد ضعف الإنفاق على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم: ميزانية الصحة بلغت 191 مليار جنيه بما فيها 13 مليارا للعلاج على نفقة الدولة، وهو رقم غير كاف، والتعليم 184 مليار جنيه للأجور، و267 مليارا إجمالي المصروفات.
واستنكر إهدار 12 مليار جنيه في التغذية المدرسية التي تذهب لشركة واحدة دون ضبط جودة الوجبات.
وأوصى الخبراء في نهاية الندوة، بمراجعة سياسات الدين العام والحد من الاعتماد على القروض، وإعادة توزيع الموازنة لصالح الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، وشفافية البيانات وشرح بنود غامضة مثل «الإيرادات الأخرى» و«الدعم»، وإصلاح الهيئات الاقتصادية الخاسرة ودمج الهيئات المتشابهة.
إلى ذلك، قال حزب «الدستور» إنه تابع بغضب كبير إقرار البرلمان المصري للبيان الختامي للموازنة العامة للدولة، في ظل تصفيق نواب الموالاة الذين ينطقون بما يرضي الحكومة دون مراعاة للمعاناة المستمرة التي يتكبدها المواطنون.
وأكد أن هذا المشهد يعكس اختلالا واضحا في ميزان السلطة والرقابة، ويناقض مبادئ الديمقراطية. وحسب الحزب، فإن البيانات الرسمية والرسم البياني المرفق عن حجم التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد نتيجة سياسات فاشلة، كرست أموال الدولة لخدمة الدين على حساب حقوق المواطنين.
ولفت إلى ارتفاع نسبة الإنفاق على الدين من 43.7٪ في عام 2015 إلى 65٪ في موازنة عام 2026، بينما تم تقليص الإنفاق على الدعم والأجور إلى النصف، مما يعكس انهيارا واضحا في أولويات الحكومة.
وحذر من زيادة التقشف في مستوى الإنفاق على التعليم واستمرار تدني الإنفاق على الصحة، وهو ما ينذر بمزيد من تدني الخدمات ويؤثر سلبا على جودة التعليم وحياة المواطنين، ومن إن هذا يتعارض بشكل صارخ مع ما نص عليه الدستور المصري، الذي يوجب تخصيص 6٪ من الناتج القومي الإجمالي للتعليم و3 في المئة للصحة، إلا أن الحكومة خالفت هذا الالتزام الدستوري بشكل واضح، حيث خصصت للتعليم 1.5٪ وللصحة 1.2في المئة، ما يعكس تجاهلا صارخا لمصالح المواطنين وحقوقهم الأساسية.
ووفق الحزب، في وقت يعاني فيه المواطن من التضخم والبطالة وتردي الخدمات، يمنح نواب البرلمان شرعية لموازنة جائرة، دون مساءلة حقيقية أو التفات لأي اعتراض يراعي مصالح الشعب. إننا ندين هذا الأداء من النواب الذين لم يحترموا أمانة تمثيل الشعب، ورضوا بأن يكونوا أداة في يد سلطة تزيد الأعباء على المواطنين بدلاً من تبني إصلاحات جادة تحسن من حياتهم.
الحزب رفض البيان الختامي للموازنة العامة جملة وتفصيلًا، مؤكدا أن ما جرى في قاعة البرلمان ليس تمثيلاً للشعب، بل هو تمرير لمزيد من معاناة المواطنين.
واعتبر أن الاستمرار في هذه السياسات سيقود البلاد إلى مزيد من الأزمات، ما لم تكن هناك مراجعة حقيقية ومحاسبة للمتسببين في هذا الانهيار.
ودعا المواطنين إلى السعي لتغيير هذا البرلمان الذي يستهين بمعاناتهم وغير أمين على مقدراتهم، عبر المشاركة الإيجابية في الانتخابات، واختيار نواب يمثلونهم حقًا، يمارسون الدور الرقابي الغائب، ويضعون مصلحة المواطن في مقدمة أولوياتهم، بهدف تحسين مستوى معيشته وتحقيق آماله وطموحاته في وطن مزدهر اقتصاديًا، يخلق الفرص لأبنائهم، من أجل حياة أفضل يستحقها كل مصري.
وسبق أن وافق مجلس النواب، خلال جلسة عامة، على التقرير العام للجنة الخطة والموازنة بشأن الحساب الختامي الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2023-2024، في ظل اعتراضات نواب المعارضة، واتهامهم للحكومة بإهدار المال العام والانحياز ضد الفقراء.
وتتهم أحزاب المعارضة السلطة في مصر بالتسبب في الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد بسبب تبني سياسات الاستدانة والانفاق على مشروعات ليس لها جدوى.