ملفات ساخنة

القبائل العربية في تركيا تاريخ وثقافة وتحديات

تعتبر تركيا واحدة من البلدان الغنية من حيث التنوع الثقافي واللغوي، وهذا يظهر بوضوح في تواجد العديد من القبائل العربية في مناطق مختلفة من البلاد.

 

وتعتبر ولاية ماردين ومناطقها المحيطة أحد المراكز الرئيسية للقبائل العربية في تركيا، وتاريخها وثقافتها محورًا هامًا للدراسة والاهتمام.

 

التاريخ

 

تعود أصول القبائل العربية في منطقة ماردين إلى عدة قرون، حيث تمثل جزءًا لا يتجزأ من التراث التركي، ففي العصور القديمة، كانت هذه القبائل تمتهن الرعي والزراعة، وساهمت بشكل كبير في تشكيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة.

 

اللغة والثقافة

 

تحافظ القبائل العربية في ماردين على لغتها وثقافتها الفريدة. اللغة العربية هي اللغة الرئيسية التي يتحدثها أفراد هذه القبائل، وتشمل ثقافتهم تقاليد وعادات متنوعة مرتبطة بالزواج والعائلة والمناسبات الاجتماعية.

 

التحديات

 

رغم التاريخ العريق للقبائل العربية في تركيا، إلا أنها تواجه تحديات معينة في العصر الحديث. تشمل:

 

التغيرات الاقتصادية: مع تطور الاقتصاد والتحول إلى الحضرة، يواجه الكثيرون من أفراد القبائل تحديات في مجال العمل والتوظيف.

الحفاظ على الثقافة: يتعين على القبائل العربية العمل على الحفاظ على تراثها وثقافتها الفريدة في وجه التحديات الحديثة.

الأرقام

 

يقدر عدد القبائل العربية في ولاية ماردين ومناطقها بالآلاف.

تشكل هذه القبائل جزءًا هامًا من التنوع الثقافي واللغوي في المنطقة.

يتحدث معظم أفراد هذه القبائل العربية اللغة العربية بالإضافة إلى اللغة التركية.

ووسط كل ذلك، تعتبر القبائل العربية في منطقة ماردين وما حولها جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي واللغوي لتركيا، وبالتالي فإن فهم تاريخهم وثقافتهم والتحديات التي يواجهونها يمكن أن يساهم في تعزيز التفاهم الثقافي وتطوير استراتيجيات لدعم المجتمعات القبلية والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.

 

ولا بدّ من الإشارة إلى أن هناك العديد من القبائل العربية المنتشرة في تركيا، ومن بين الأبرز منها:

 

قبائل تركمان: تعد من أكبر وأشهر القبائل العربية في تركيا، وتنتشر هذه القبائل في مناطق مختلفة من البلاد، مثل أضنة، ومرسين، وأنطاليا، وتعيش هذه القبائل على الساحل الجنوبي لتركيا وتمتهن الزراعة والرعي.

قبائل العلاقمة: تعيش بشكل رئيسي في منطقة أنطاكيا ومرسين وما حولها، وتمتهن هذه القبائل الزراعة وتربية المواشي، وتحتفظ بثقافتها وتقاليدها العربية.

قبائل الجزيرة العربية: توجد أيضًا قبائل عربية في مناطق شرقي تركيا، مثل ماردين وديار بكر وهكاري، وتشمل هذه القبائل قبائل كرديّة أيضًا.

قبائل أخرى: بالإضافة إلى القبائل المذكورة أعلاه، هناك العديد من القبائل الأخرى المنتشرة في مناطق مختلفة من تركيا، والتي تحتفظ بثقافتها ولغتها العربية.

تتوزع هذه القبائل في أنحاء مختلفة من تركيا، وتعيش في مدن وبلدات مختلفة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الثقافة واللغة والتقاليد تختلف قليلاً من قبيلة إلى أخرى، مما يجعل تجربة القبائل العربية في تركيا متنوعة ومثيرة من الناحية الثقافية.

 

ويوجد هناك صلات تاريخية وثقافية بين القبائل العربية في تركيا والقبائل العربية شمال وشرقي سوريا، إذ يعود ذلك إلى العديد من العوامل التاريخية والجغرافية والاجتماعية التي تربط هذه المناطق ببعضها البعض.

 

وخلال العصور، تنقلت القبائل العربية بين مناطق مختلفة في المنطقة، وتمت مشاركة اللغة والثقافة والعادات والتقاليد بين هذه القبائل، بالإضافة إلى ذلك، شهدت تلك المناطق العديد من التبادلات الثقافية والاقتصادية عبر الحدود، مما أدى إلى تشابك العلاقات بين القبائل والمجتمعات في هذه المناطق.

 

وفي العصور الحديثة، تأثرت هذه العلاقات بتطورات سياسية واجتماعية مثل الحروب والصراعات، ولكن الروابط الثقافية والعائلية غالبًا ما تستمر عبر الحدود، لذلك، يمكن أن تجد صلات وعلاقات قوية بين القبائل العربية في تركيا والقبائل العربية في مناطق شمال وشرق سوريا.

 

وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث باسم مجلس القبائل والعشائر السورية مضر الأسعد في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا”، أن:

 

القبائل والعشائر العربية تقطن في جنوب هضبة الأناضول في موش وهكاري ومديات وماردين وديار بكر  وباتمان وأديمان وسيرت وغزل تبه وقورن شهر وجيلان بينر ونصيبين وأورفا وحران ونزب  وكليس وعنتاب ومرعش وأضنا واسكندرون وأنطاكيا و(اقجقلا تل أبيض).

هذه المدن أغلب سكانها من العرب وقسم كبير منهم يتكلمون العربية بطلاقة، وكذلك يقطن قسم من العرب منذ فتح القسطنطينية في إسطنبول، ومرسين وأنقرة.

هم من قبائل عربية، قسم منهم استوطن المنطقة من قبل الإسلام ومنها قبائل “بني أسد وبني بكر وطي وكندة وبني كلب، و(بني تغلب، قسم منهم مسلمون والآخر مسيحيون) وبني شيبان وزبيد، ومنها عشائر جاءت بعد الفتح الإسلامي ومنها عنزة وقيس وتلفظ جيس وهم (بني محمد وبني يوسف)، (بني صخر الخريشة)، الجبور (الملحم/الفاضل) والشويخ والحبيط  والثعالبة والعلي  والكضاة  والواو، البكارة، البوحمدان والبوليل والعكيدات والعفادلة والبوشعبان والحديديين والموالي  والنعيم والشيخان والبوبدران والبوخابور، والسادة الأشراف الهواشم، وبني عجل وبني زيد وبني سبعة وبني نيف والمشهور، وظفير “الطماح،  والعبيد، والعمرية(أحفاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه) والأيوبيين أحفاد الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري.

قسم من العشائر والقبائل العربية قد اختلطت مع الأكراد والترك وهم جزء لا يتجزء من نسيج المنطقة التي يعيشون بها (ومنها حلف عشائر المللية الذي يضم الأكراد والعرب والتركمان والسريان).

العشائر والقبائل العربية لهم نشاط كبير في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والتربوية، وقد تبوأ منهم مراكز متقدمة في الدولة التركية وسابقا في الدولة العثمانية.

ومن اللافت للانتباه، أن تركيا تهتم بدعم القبائل العربية والمجتمعات العربية الأخرى في البلاد، وتقدم دعمًا في مجموعة متنوعة من المجالات من أجل تعزيز التنمية والاستقرار في هذه المجتمعات، ومنها:

 

التعليم: تركيا تقوم بتوفير فرص التعليم للأطفال والشباب العرب في المناطق التي تسكنها القبائل العربية. يتضمن ذلك إنشاء مدارس ومراكز تعليمية وتقديم برامج تعليمية مخصصة.

الرعاية الصحية: تقدم تركيا خدمات صحية للسكان في المناطق النائية والقبائل العربية. يتضمن ذلك إنشاء مستشفيات ومراكز طبية وتوفير الخدمات الصحية الأساسية.

التنمية الاقتصادية: تشجع تركيا على مشاريع تنمية اقتصادية في المناطق الريفية والنائية، مما يساهم في توفير فرص العمل وزيادة الدخل للسكان.

الدعم الاجتماعي: تقدم تركيا دعمًا اجتماعيًا للعائلات الفقيرة والمحتاجة في المناطق الريفية، بما في ذلك القبائل العربية، من خلال برامج مثل الإعانات النقدية والمساعدات الغذائية.

الثقافة واللغة: تركيا تسعى أيضًا للحفاظ على التراث الثقافي واللغوي للمجتمعات العربية، وتقدم دعمًا للأنشطة الثقافية واللغوية مثل الدروس والورش والفعاليات الثقافية.

من جهته، قال الناشط السياسي أبو عبد الله الحسكاوي، أحد أبناء المنطقة شرقي سوريا لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “القبائل العربية في تركيا لها مكانة كبيرة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتربوية، وقد استلموا مناصب كبرى في الوزارات والأحزاب والولايات والجيش والشرطة، والعلاقة قوية بين القبائل والعشائر العربية في سوريا مع العشائر العربية في تركيا، وأغلب القبائل والعشائر مقسمة بين سوريا وتركيا والعراق والخليج العربي، وتوجد زيارات متبادلة وتزاوج ومصاهرة  وغيرها منذ القدم، وتأصلت اليوم بعد قدوم أبناء القبائل والعشائر السورية إلى جنوبي تركيا”.

 

تجدر الإشارة إلى أن الدعم الذي تقدمه تركيا للقبائل العربية قد يختلف من منطقة إلى أخرى ويعتمد على احتياجات وظروف كل منطقة، وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز التنمية المستدامة وتحسين مستوى حياة السكان في هذه المجتمعات.

زر الذهاب إلى الأعلى