أخبار عربيةالأخبارمصر

صيف مصر بـ”مكيف معطل” وشعب بين آلة إيطالية متهالكة وتصريحات وزراء تكذبها الصحافة

راتبي حوالي 200 جنيه مصري في اليوم. وإزاء ارتفاع الأسعار أنا بحاجة إلى 500 جنيه في اليوم، يعني (14 دولاراً بسعر السوق السوداء الذي يبلغ 35 جنيهاً للدولار) من أجل تمويل مصروفات البيت. الآن هبطت علينا أزمة انقطاع الكهرباء. أعمل بصورة شاقة كل ليلة، وعندما أعود إلى البيت للراحة أحتاج لتشغيل المكيف. فجأة، تنقطع الكهرباء وأُصبح غير قادر على الراحة في هذا الحر الشديد. لا أعرف إلى أين نحن ذاهبون. كتب مؤخراً أحد المتصفحين المصريين على تويتر.

 

هو ليس الوحيد، فهناك ملايين العائلات في مصر سجلت انقطاعات كهرباء متواترة تستمر بين ساعة إلى ست ساعات يومياً. هذه بشكل عام انقطاعات كهرباء مخططة، ولكن قررت شركة الكهرباء في الأسبوع الماضي الإعلان مسبقاً متى سيكون هنالك انقطاعات كهرباء وفي أي مدن.

 

مواطنون عديدون يشتكون أنهم علقوا في المصاعد أو لم يستطيعوا تشغيل الآلات في المصانع، وصار العمال غير قادرين على مواصلة يوم عملهم، والإنتاج تضرر.

 

الشغب الشديد بات ينعكس على الشبكات الاجتماعية في هذه الأثناء دون الشوارع، ولكنهم في القاهرة يذكرون جيداً انقطاعات الكهرباء الطويلة التي وقعت بعد حوالي عام من انقلاب الربيع العربي، عندما كان رجل الإخوان المسلمين الرئيس محمد مرسي. حينئذ، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع مطالبين بتوفير الكهرباء لهم. هو احتجاج كان من بين الأسباب التي أدت إلى عزل مرسي والسيطرة على السلطة من قبل الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في تموز 2013.

 

أدرك السيسي التهديد الكامن جراء انقطاعات الكهرباء، واستثمر مليارات الدولارات طوال 4 سنوات الأولى من ولايته، لتطوير محطات كهرباء جديدة وترميم شبكة نقل الكهرباء. ولكن خلال عقد، قفز عدد سكان مصر من 89 مليون نسمة إلى أكثر من 105 ملايين نسمة، ولم تعد البنى التحتية تكفي، وخاصة في أيام الصيف التي تصل فيها الحرارة في جزء في بعض لأيام إلى أكثر من 40 درجة.

 

الغاز هو المصدر الأساسي لتغذية محطات الكهرباء في مصر، واكتشاف احتياطيات الغاز الضخمة في موقع زهر في البحر المتوسط كان من شأنه أن يوفر كامل احتياجات البلد. ولكن اتضح مؤخراً أن مياه البحر تتسرب إلى آبار الغاز: وهي عملية أدت إلى تقليل دراماتيكي في حجم استخراج الغاز.

 

حسب ادعاء شركة “اني” الإيطالية، وهي إحدى مستخرجات الغاز الأساسية، عانى حقل الغاز من استخراج زائد بسبب الضغط الشديد الذي مارسته الحكومة عليها. الكميات التي كان يتوجب إنتاجها طوال 6-8 سنوات تم استخراجها بصورة سريعة خلال فترة 28 شهراً فقط. نتيجة لذلك، تآكلت آلات الحفر بسرعة، وعانت آبار الغاز من انخفاض كبير في الكميات. الثمن يدفعه المواطن المصري اليوم.

 

لذا، هبط إنتاج الغاز في حقل زهر في نيسان من 3.2 مليار قدم مكعب يومياً إلى 2.1 مليار قدم مكعب يومياً – أي حوالي 23% دون المطلوب. هذه فجوة يتعين على مصر استكمالها بواسطة مازوت لتشغيل محطات الكهرباء. بيد أن مصر ستضطر إلى استيراد المازوت وتدفع مقابله بالدولارات التي تنقصها جداً في خزينتها.

 

اقتصاديون مصريون يدعون أن السبب ليس فقط في تقليل الإنتاج في حقل الغاز الكبير الذي يوفر حوالي 40% من استهلاك مصر للغاز. فحسب أقوالهم، تفضل مصر تصدير الغاز بأسعار عالية بدلاً من تحويله إلى الشبكة المحلية، وبهذا تخلق نقصاً متعمداً. في مؤتمر صحافي خاص عقده الخميس الماضي وزير البترول طارق الملا ووزير الكهرباء محمد شاكر، حاولا فيه إقناع الصحافيين بأن مصر تصدر غازها فقط في أشهر الشتاء، وقت هبوط الاستهلاك المحلي، ولكن تحقيقاً صحافياً وجد أن تصدير الغاز المصري يتم على طول أشهر السنة.

 

وبالمقابل، ادعى الوزراء بأن لدى مصر فائض كهرباء، وأنه حتى في ذروة استهلاك الكهرباء، تحتاج مصر إلى حوالي 36 ألف ميغاواط، في حين أن قدرتها الإنتاجية القصوى تبلغ حوالي 48 ألف ميغاواط. منتقدو الحكومة لا يستطيعون حل التناقض ما بين هذه المعطيات. وبات واضحاً تماماً أنه لا يوجد ما يكفي من الكهرباء.

زر الذهاب إلى الأعلى