أخبار عربيةالأخبارالمغرب

توالي حرائق الغابات في المغرب

تواصل حرائق الغابات في المغرب تدمير آلاف الهكتارات من المساحات الغابوية، في ظل موجات حرارة كبيرة وصلت في عدد من المناطق الداخلية منها خصوصا إلى 47 درجة، فيما يدق خبراء في المجال البيئي، ناقوس الخطر بسبب خطورة الحرائق وتواليها ما يؤثر بشكل مدمر على توازن المنظومة البيئية.

 

ولا زالت جهود فرق الإنقاذ مستمرة لإخماد حريق اندلع بغابة “أسكا” نواحي إقليم ميدلت (الأطلس المتوسط). بداية الأسبوع الجاري، فيما اندلع حريق آخر مهول بغابة “الشاطو” التابعة لإقليم تاونات (جبال الريف شمال المغرب)، حيث شوهدت نيران ودخان كثيف.

 

في غضون ذلك، شبَّ حريق في غابة نواحي إقليم بركان (الشمال الشرقي)، في منطقة “تافوغالت”، حيث تدخلت القوات المسلحة الملكية عبر طائرتي “كنادير” بطلعات جوية لإخماد الحريق.

 

المهندس محمد بنعبو، خبير في المناخ والبيئة، علّق على الحرائق المندلعة، بالقول: فقدنا مساحات غابوية عريقة مثلما حدث في “تافوغالت”، الظروف المناخية الحادة التي يعرفها المغرب مع توالي ست سنوات قاسية من الجفاف، جعل من السهل جدا أن نفقد هذه المنظومات الغابوية، ذلك أن شدة جفاف النباتات والتربة تبقى عاملا مشجعا على اندلاع الحرائق والتهام مساحات شاسعة في وقت وجيز.

 

وأبرز المهندس محمد بنعبو، رئيس، جمعية مغرب أصدقاء البيئة، متحدثا لـ”القدس العربي”، أنه حين اندلاع الحرائق في منطقة معينة، لا نفقد النباتات والأشجار فقط بل نفقد منظومة إيكولوجية بجميع مكوناتها بحيواناتها وطيورها وكائناتها الحية على اختلاف أنواعها.

 

وأكد الخبير البيئي أن المنظومة الغابوية وبالإضافة إلى كونها رئة الكوكب تتنفس عبرها جميع الكائنات وليس الإنسان لوحده، فبفقدانها نفقد توازنا بيئيا متكاملا على اعتبار أن الغابة مثلها مثل المحيط، تلعب دورا مهما في خفض الغازات الدفيئة التي هي سبب رئيسي في التغيرات المناخية، وبالتالي احتراق الغابات يزيد بدوره من انبعاث الغازات الدفيئة المنبعثة صوب الغلاف الجوي.

 

ولفت بنعبو، إلى أن الحفاظ على المنظومات الغابوية يبقى تحديا كبيرا جدا وحقيقيا، ليس فقط بالنسبة للمغرب بل لدول العالم أجمع، مشيرا إلى أن المغرب يشهد عددا كبيرا من الحرائق فقد معها مساحات شاسعة من غاباته.

 

وابتداء من كانون الثاني/ يناير 2023 إلى حدود 10 تموز/ يوليو الجاري، وصل عدد حرائق الغابات التي شهدها المغرب 182 حريقا اجتاح 1251 هكتارا،54% من هذه المساحة عبارة عن أعشاب ثانوية.

 

وكشف بلاغ لـ”الوكالة الوطنية للمياه والغابات”، أن منطقة طنجة- تطوان- الحسيمة (شمال) تأتي في مقدمة المناطق المتضررة بمساحة تقدر بـ881 هكتارا (68 حريقا) أي بنسبة 70%، مقارنة بإجمالي المساحة المحروقة على المستوى الوطني، تليها جهة سوس ماسة (وسط) بمساحة تقدر بـ190هكتارا، أي بنسبة تقدر بـ15% من إجمالي المساحة التي التهمتها النيران على المستوى الوطني.

 

الوكالة الوطنية للمياه والغابات، ناشدت جميع مستخدمي ومرتادي الغابات مثل المخيمين ومربي النحل والرعاة وغيرهم، توخي اليقظة والحد من استخدام النار قدر الإمكان خلال فترة الصيف، قصد تجنب أي عمل غير مقصود يمكن أن يسبب الحرائق، وإبلاغ السلطات المختصة على الفور بأي بداية حريق أو سلوك مشبوه لمحاولة الحفاظ على الإرث الغابوي المغربي لما له من أدوار اقتصادية وبيئية مهمة.

 

وبالعودة إلى عام 2022، أسفرت الحرائق التي قاربت 500 حريق عن خسائر مادية وبشرية. كما تسببت في إجلاء مئات الأسر من القرى والبلدات التي وصلتها النيران، فيما أتَت على 22762 هكتارا من مساحة الغابات، وفق ما أعلنت عنه الوكالة الوطنية للمياه والغابات.

 

وقد تم الإعلان عن مصرع سبعة أشخاص بينهم ثلاثة عناصر من الحماية المدنية خلال الفترة بين تموز/ يوليو وآب/ أغسطس من العام الماضي.

 

عقب هذه الخسائر، أطلقت الحكومة المغربية برنامجا استعجاليا من أجل مساعدة السكان المتضررين، خصصت له ميزانية مالية بلغت 290 مليون درهم (حوالي 29 مليون دولار)، ودعم المتضررين لإعادة تأهيل وترميم البنايات التي لحقت بها الأضرار، وإعادة إحياء الغابات، وإنعاش النشاط الفلاحي بالقرب من الغابات المتضررة من الحرائق.

 

كما رصدت الحكومة من خلال هذا البرنامج دعما مباشرا للتخفيف من الآثار الضارة للحرائق على مربي الماشية ومربي النحل، والقيام بعمليات إعادة تشجير الغابات وتأهيل الأشجار المثمرة المتضررة من خلال إعادة تشجير حوالي 9330 هكتارا، وتنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية المتكاملة، وإحداث فرص عمل في إضافية في جهة طنجة تطوان الحسيمة، كما يروم البرنامج الذي شمل تدابير على المديين القصير والمتوسط، تعزيز وسائل الوقاية من الحرائق الجديدة ومكافحتها.

زر الذهاب إلى الأعلى