أخبار عربيةالأخبارالإمارات

كشف الستار عن دور الإمارات في محاولة تشويه سمعة قطر في أوروبا

في تقرير حصري، سلطت مجلة شبيغل الألمانية الضوء على الدور الذي لعبته الإمارات من أجل تشويه سمعة قطر داخل أوروبا.

 

وبحسب المجلة الألمانية فإن هناك صراعا بين الإمارات وقطر من أجل مد النفوذ في أوروبا. حيث أظهرت تسريبات محاولات مستميتة لأبو ظبي من أجل تشويه سمعة منافستها الرئيسية قطر، بمساعدة محققين سويسريين خاصين، كما رصدت المجلة امتداد هذه المحاولات داخل الأراضي الألمانية.

 

تمتلك شركة الاستقصاءات الخاصة “Alp Services” مكتبا في شارع “Rue de Montchoisy” في جنيف، حيث تعمل فرقها المكونة من المحققين وخبراء العلاقات العامة والمناصرين. تقدم الشركة خدمات التجسس وحملات التشويه. يكون العملاء الرئيسيون للشركة هم السياسيون ورجال الأعمال الأغنياء والدول.

 

أحد الأهداف التي حصلت عليها الشركة هو دولة قطر، والتي أمرت بذلك من قبل دولة الإمارات، جارتها ومنافستها منذ فترة طويلة. تم تكليف شركة Alp Services بترويج فكرة وجود صلات بين الأشخاص والمؤسسات ذات الصلة بقطر، والتنظيمات الإسلامية المتطرفة والإرهابيين، بغض النظر عن صحة الاتهامات. تتعاون الشركة مع المؤسسات الإعلامية، ولا سيما قناة التلفزيون القطرية “الجزيرة”، وذلك لتأثيرها في المنطقة.

 

شيطنة جماعة الإخوان

 

واحدة من المنظمات التي تم استهدافها بشكل خاص هي جماعة الإخوان المسلمين.

 

وبحسب المجلة، فقد طلبت الإمارات تسليط الضوء على الأشخاص والمؤسسات التي ترتبط بدولة قطر وتجعلها تبدو وكأن لها صلات بالإسلاميين والإرهابيين. سواء كانت الاتهامات مستندة إلى حقائق أم لا، فذلك ليس مهما. وتستهدف Alp Services  بشكل خاص جماعة الإخوان المسلمين.

 

من المعروف أنه تم حظر الجماعة في الإمارات في الماضي، واعتُبرت أقوى جماعات المعارضة المنظمة، حتى اختفاء أعضائها في السجون أو المنفى. أما الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، فقد أصدر قرارا بحظر الإخوان المسلمين بعد الربيع العربي، ويبدو أنه جعل ملاحقتهم هدفا له.

 

يؤكد التحقيق المطول أن شركة Alp Services باتت أحد أذرع الإمارات في أوروبا، حيث تعمل على ترويج حملات التشويه والتأثير السياسي في أوروبا. تبين من خلال تسريب البيانات أن الشركة تعاونت بشكل يومي مع موظف في جهاز المخابرات الإماراتي يدعى “مطر”. وفي المكالمات الهاتفية المسجلة، تدور المحادثات بين السويسريين والإماراتيين حول الطقس وفيروس كورونا والزيارات الماضية والمستقبلية، وبالطبع يتم مناقشة الأعمال التجارية.

 

محاربة المؤسسة الخيرية للإغاثة الإسلامية

 

العملية ذاتها اعتُبرت مربحة بالنسبة للسويسريين، حيث حصلوا على ما يقرب من 5.7 مليون يورو من أبو ظبي مقابل خدماتهم. ويبدو أن لديهم مهمة رئيسية هي تقديم أعداء جدد باستمرار للإمارات. ومن بين المشاريع الناجحة التي تركز عليها الشركة، هي محاولة شيطنة عمل المؤسسة الخيرية العالمية للإغاثة الإسلامية (IRW) ومحاولة الحد من عملها. تعتبر IRW واحدة من أكبر المؤسسات الخيرية المسلمة، تأسست في عام 1984 في برمنغهام بالمملكة المتحدة. وعلى الرغم من أنها تعمل في العديد من الدول وتقدم مساعدات إنسانية للفقراء والمحتاجين، إلا أنها وضعت في قائمة المنظمات الإرهابية بالإمارات.

 

يُظهر تسريب البيانات التي رصدته المجلة بوضوح، كيف تؤثر الإمارات في وسائل الإعلام والسياسة في أوروبا، وكيف تحاول بحزم تحقيق مصالحها. كما يظهر كيف تعمل شركات التحقيق الخاصة بشكل متزايد وباستخدام أساليب بحث مشبوهة في تحقيق مصالح الدول، دون أن تتحمل المسؤولية عن ذلك. حيث عملت Alp Services على تلفيق معلومات من أجل ربط IRW بالنشاطات الإرهابية، وقامت بإعداد تقارير وملفات تحتوي على مجموعة من الادعاءات والشبهات بشأن المؤسسة وأعضائها. يتم تقديم هذه المعلومات للسياسيين ووسائل الإعلام بشكل مثير ومقنع.

 

وتظهر المستندات أن الإمارات تريد محاربة قطر داخل الأراضي الألمانية، حيث تعتبر ألمانيا هدفا مهما للإمارات، نظرا لوجود ملايين المسلمين هناك. وفي الوقت نفسه، تدرك الشركة السويسرية حساسية الألمان بشأن إشهار الأقليات الدينية والعرقية علنا.

 

العمل داخل ألمانيا

 

يبدو أن الشركة الخاصة نجحت في الوقت نفسه في إقامة اتصال مع الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني (CDU)، الذي كان جزءا من الحكومة في ذلك الوقت. وفي الوثائق الخاصة بـAlp Services، يتم الإشارة إلى أنهم يقومون بـ”تبادل سري” مع عضو البرلمان الألماني كريستوف دي فريز.

 

في 25 أغسطس 2020، تلقى السياسي رسالة بريد إلكتروني من سيدة، وعند البحث عن اسمها عبر محرك البحث، يتبين أنها مساعدة في مؤسسة مرموقة. في البريد الإلكتروني، تهيئ المرسلة المفترضة أجواء ضد Islamic Relief Deutschland وتربط بينها وبين المقالات النقدية في “تايمز” وتلخصها. كما تشير إلى أن المنظمة تتلقى مبالغ مالية كبيرة من وزارة الخارجية الألمانية وجمعية التعاون الدولي (GIZ) التي تخضع لوزارة التنمية. وتنتهي الرسالة بعبارة: “هذا الوضع غير محتمل. يجب على السياسة أن تتحرك”. ومع ذلك، يتبين أن البريد الإلكتروني مزيف، وأنه جزء من هوية متعددة تستخدمها Alp Services في جميع أنحاء أوروبا.

 

وفقا لتصريحاته الخاصة، لم يكن لدى عضو البرلمان أي فكرة في ذلك الوقت أن المكتب من جنيف الذي يعمل نيابة عن الإمارات كان وراء البريد الإلكتروني. عندما سألته شبيغل، قال إنه لم يسبق له أن اتصل بخدمات Alp وأن الاسم لا يعني شيئا بالنسبة له. وافترض أن البريد الإلكتروني قد أرسله موظف المؤسسة، على حد قوله. طالبت هذه الرسالة وغيرها بوقف تمويل الإغاثة الإسلامية.

 

في وقت لاحق، أوضح دي فريز أن المؤسسات الألمانية شديدة الإهمال عند التعامل مع ممثلي الإسلام السياسي. وهو يشير، من بين أمور أخرى، إلى تمويل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) لمشروع تديره منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا. العديد من وسائل الإعلام الألمانية اهتمت بهذه التصريحات مثل صحيفة تسايت، وزود دويتشه تسايتونغ وغيرها. وهو ما قاد الحكومة الألمانية في وقت لاحق إلى وقف التمويل والتأكيد أن الجمعية لم تعد تتلقى أي أموال، وهو ما اعتُبر تحقيقا لهدف المكتب والإمارات في التشويه والحد من عمل مؤسسة المساعدات الإسلامية.

زر الذهاب إلى الأعلى