أخبار عربيةالأخبارمصر

ضابط جيش مصري يقتل صيدلانية دهسا ويصيب عائلتها

اهتز الشارع المصري على وقع دهس أسرة بأكملها مكونة من خمسة أفراد هم الزوجان وأطفالهما الثلاثة، وسحلها تحت عجلات سيارة ضابط أمام منزلهم الكائن في أحد أحياء القاهرة الراقية، إثر مشادة كلامية بين الطرفين راح ضحيتها الزوجة الصيدلانية وإصابة باقي الأسرة بكسور وجروح وتشوهات في الوجه وباقي أطراف الجسم.

 

البداية كانت مطلع تموز/ يوليو، حيث نشرت الصحف والمواقع الإلكترونية المملوكة للدولة خبر وفاة صيدلانية وإصابة زوجها وأطفالها الثلاثة، بعدما دهستهم سيارة بأحد الشوارع بدائرة قسم شرطة التجمع الأول بمدينة القاهرة الجديدة.

 

الجيش يعلن حبس الضابط المتهم بدهس الأسرة

 

وأعلن المتحدث العسكري المصري، حبس الضابط المتهم بدهس الأسرة، وإحالته للمحكمة العسكرية بتهمة القتل العمد.

 

وقال بيان صادر عن المتحدث العسكري، إنه فى إطار حرص القوات المسلحة على توضيح الحقائق للرأى العام بشأن واقعة إحدى التجمعات السكنية بالقاهرة الجديدة دون الإخلال بسير التحقيقات الجارية بواسطة الجهات القضائية المختصة.

 

وتابع: تم تحرير المحضر رقم ( 22 / 23 ) بتاريخ 1 / 7 / 2023 جنح عسكرية قسم شرطة التجمع الأول عن الواقعة ، وتباشر النيابة العسكرية التحقيقات ، وقُيدت بالقضية رقم ( 170 / 2023 ) “جنايات عسكرية” شرق القاهرة.

 

ونوه إلى أنه “أسندت للمتهم جرائم  القتل العمد والشروع فيه وتقرر حبسه إحتياطيا على ذمة القضية وجارى إحالته إلى المحكمة العسكرية للجنايات.

 

وزعمت صحف ومواقع مصرية أن الأسرة كانت تستقل دراجة نارية، فصدمتهم سيارة كان يقودها شاب في حالة سكر، ما أدى إلى سقوط جميع ركاب الدراجة، ولاحقا عدلت تلك المواقع الرواية التي اتضح زيفها وذكرت أن الأمر مجرد حادث سير نتيجة قيادة ضابط سيارته بسرعة زائدة.

 

ولاحقا نفت وزارة الداخلية المصرية صحة ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أن مرتكب حادث التصادم (وليس الدهس) بإحدى التجمعات السكنية بالقاهرة الجديدة، والذى أسفر عن وفاة إحدى السيدات (صيدلانية) وإصابة آخرين، ضابط شرطة.

 

رواية الزوج وصمت الجيش

 

بدوره نفى زوج الضحية الصيدلانية بسمة علي حسنين، ويدعى حمدان زكي، طبيب بيطري، ويعمل في إحدى شركات الأدوية بالكويت، الرواية التي نشرتها وسائل الإعلام التابعة للدولة جملة وتفصيلا، كما أنه نفى تحرير محضر شرطة يتهم الضابط بالقتل الخطأ.

 

ونقل موقع “صحيح مصر”، الذي نشر لاحقا مقطعا مصورا للحادثة، عن الزوج أن الضابط دهس الأسرة عمدا بسيارته بعد مشادة كلامية بينهما في موقع الحادث في منطقة “19 فيلات” بمدينة مدينتي بالقاهرة الجديدة حيث كانت الأسرة المكونة من الزوجين وثلاثة أطفال (ياسين 11 عامًا، ونور 9 أعوام، والأصغر أحمد 7 أعوام) في إجازة الصيف بالقاهرة.

 

تعود الواقعة إلى خدش أحد أطفال الأسرة سيارة أحد الجيران أثناء لعبه “بالسكوتر” وذهبت الأسرة إلى منزل صاحب السيارة للاعتذار إليه، إلا أن صاحب السيارة وهو ضابط بالقوات المسلحة المصرية احتد عليهم جميعا، وتطور الأمر إلى مشادات وانصرفت الأسرة من أمام منزل الضابط إلا أنه استقل سيارته وتعقبهم ودهس جميع أفراد الأسرة أمام منزلهم ما تسبب في وفاة الزوجة وإصابة الزوج والأطفال بعضهم بإصابات بالغة.

 

وقال نشطاء ومثقفون ومفكرون وكتاب ومغردون وسياسيون وحقوقيون إن ضابط الجيش “لم يدهس أسرة مصرية بل دهس مصر كلها”، وإن مصر أمام حادث مروع تهتز له أجهزة دول وضمائر بشر، وطالبوا برفع الغطاء والحماية عن هؤلاء الضباط وبمحاكمات عادلة تقتص للضحايا.

 

واقعة “كرباج” ضابط الجيش

 

واقعة الدهس الأليمة أعادت إلى الأذهان حادثة لا تقل بشاعة عن الحادثة الأخيرة، نهاية العام الماضي، حيث تعرضت ممرضات في مستشفى قويسنا بمحافظة المنوفية شمال القاهرة، إلى اعتداء وحشي من قبل أسرة ضابط في القوات الجوية المصرية.

 

وتداولت وسائل إعلام محلية، فيديو يظهر اعتداء وحشيا من قبل ضابط الجيش وسيدات من أسرته، على طواقم طبية جلها من النساء، إضافة إلى عاملات أخريات بالمشفى، نتج عنه إصابة 8 سيدات من الطواقم الطبية بجروح وكسور، إضافة إلى أن إحداهن فقدت جنينها، وأسقطت حملها بفعل ضربها على بطنها ودعسها بالحذاء على وجهها.

 

ووصفت نقابة الأطباء المصرية حينها الواقعة بأنها “جريمة في ساحات المستشفيات تضيف نقطة سوداء إلى حقبة قاتمة من تاريخ الطب في مصر”.

 

ولا تجيز التعديلات الجديدة على قانون محاكمات ضباط الجيش محاكمتهم حتى في القضايا المدنية أمام قضاء مدني بل قضاء عسكري، ولاحقا قضت المحكمة العسكرية ببراءة النقيب طيار المتهم بالاعتداء على الطاقم الطبي، وسط ردود فعل غاضبة ومنددة بالحكم.

 

فوق الحساب والمساءلة

 

في سياق تعليقه على تلك الواقعة، وصف وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري سابقا، الدكتور عز الدين الكومي، ما جرى “بالحادث المأساوي”، وقال: “من أمن العقوبة أساء الأدب، وهؤلاء يحظون بدعم وحماية النظام، ومثل هذه الحوادث التي تتكرر هي ليست حالات فردية إنما نهج متأصل لدى أفراد المؤسسات الأمنية في مصر باعتبارهم الأسياد وغيرهم هم العبيد، وأنهم فوق الجميع وفوق القانون الذي وضع للمدنيين وليس للعسكريين”.

 

وأوضح أنه يدل دلالة واضحة على أن تطبيق القانون يتم بطريقة انتقائية فإن كان الجاني أحد منتسبي الأجهزة الأمنية أو الشخصيات المعروفة والمشهورة فالقانون لا يطبق عليهم، هؤلاء مرفوع عنهم الحساب والمساءلة.

 

وتابع: ولنا في الضباط الذين قتلوا العشرات وليس الآحاد من المعارضين في سيارة الترحيلات الشهيرة عقب الانقلاب العسكري، والمئات في ميادين رابعة والنهضة، وأمام نادي الحرس الجمهوري بالقاهرة خير مثال على سياسة الحماية والإفلات من المحاكمة وليس العقوبة.

 

العسكر فوق والشعب تحت

 

من جهته؛ يرى رئيس المكتب السياسي في المجلس الثوري المصري، عمرو عادل، أن “ما يحدث بشكل متواتر من قبل منتسبي الجيش والشرطة متسق تماما مع رؤية العسكر للشعب وسيستمر إلى أن يشاء الله عندما يتحرر هذا الشعب، ولن تكون الواقعة الأخيرة في سلسلة الأحداث المأساوية المتكررة من وقت لآخر”.

 

وتوقع في حديثه أن يستمر الإفلات من العقاب تحت مظلة الدعم المطلق من قبل المؤسسات الأمنية والعسكرية لمنتسبيها، وغير مسموح أن يتجاوز أحد أفراد الشعب حدوده والحدود هنا هي التعامل بندية مع العسكر وتابعيهم فهو مرفوض وثمنه قد يصل للقتل، وسيستمر دعم هذه المؤسسات لكل من ينتمي إليهم في حال حدوث أي حادثة مشابهة مع أي فرد من الشعب.

 

واعتبر الضابط السابق بالجيش المصري أن الهدف ليس العدالة ولكن الهدف ترسيخ القناعة لدى الشعب أن العسكريين في مكانة لا تمس مهما فعلوا وهذا ثابت من ثوابت الحكم العسكري والاستبدادي لا يمكن التنازل عنه، ونتذكر أن العسكر حمى كل من قتل الشعب وأهانه منذ الخمسينيات حتى الآن وهم لا يحمون الأفراد بل يحمون السلطة الممثلة فيهم مهما حدث، فلتمت الطبيبة وأطفالها وليحيا عساكر مصر، هذا شعارهم إلى أن يسقطهم الشعب.

زر الذهاب إلى الأعلى