أخبار عربيةالأخبارالصومال

مصنع أدوية بالصومال يمهد للاستقلال الدوائي

بشراكة تركية، تحاول الصومال لأول مرة منذ نحو 3 عقود الانضمام إلى عالم صناعة الأدوية عبر شركة “يني صوم”، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي والحد من العلاجات المستوردة من الخارج.

 

ووفق إحصائيات غير رسمية، فإن الفاتورة السنوية للأدوية في الصومال تقدر بأكثر من 80 مليون دولار، نتيجة اعتماد البلاد كليا على الاستيراد، جراء غياب مصانع للأدوية في البلاد بعد انهيار الحكومية المركزية عام 1991.

 

وتتوفر في الصومال، وفق القائمين على شركة “يني صوم” المؤسسة حديثا، بيئة مناسبة تحفز إنشاء مصانع محلية للأدوية، نظرا لتكلفة الدواء العالية التي يدفعها السوق الداخلي سنويا نظير اعتماده الكلي على الخارج.

 

يني صوم التي كسرت جمود الصناعة الدوائية، تعمل حاليا على صناعة أنواع معينة من الأدوية التي يحتاجها السوق المحلي كمرحلة أولية تستبق رفع الإنتاجية لاحقا حسب زيادة الطلب.

 

ويشكل الاستقرار الذي تشهده الصومال طوال السنوات الماضية عاملا مشجعا لزيادة قطاع الصناعات في المجالات المختلفة، ما يؤهل البلد الإفريقي الذي يتعافى من مشاكل أمنية، لخلق صناعات محلية تنافس أسواق المنطقة.

 

أول مصنع محلي

 

انطلقت جهود إنشاء شركة “يني صوم” منذ 2021 وتكللت بتأسيسها رسميا في ديسمبر/ كانون الأول 2022 بالعاصمة مقديشو، ومنذ ذلك الوقت تعمل يوميا على إنتاج آلاف المستحضرات والأدوية تلبية لمتطلبات السوق وفق معايير جودة عالية تستقطب عملاء أجانب ومحليين.

 

وقال عبدي محمد، المدير التنفيذي للشركة إن “يني صوم” عضو مجموعة شركات “يني فارما” للأدوية المنتشرة في بلدان عربية وأوروبية، وأسست بشراكة مستثمرين أتراك وصوماليين بهدف إنشاء أول شركة لمصنع محلي يعنى بإنتاج الأدوية في الصومال.

 

وأوضح محمد للأناضول أن الشركة ركزت في مراحلها الأولى على صناعة مستحضرات 3 أنواع من الأقراص مثل “أموكسي سيلين” الذي يستخدم لعلاج عدة أمراض معدية، و”برستمول” مسكن الآلام و”أمبرازول” المستخدم لعلاج قرحة المعدة.

 

ووفق المدير التنفيذي للشركة، فإن هذه الأدوية تعد الأكثر طلبا في الصومال، ولهذا تحاول الشركة توفيرها رغم اعتماد السوق المحلي على الأدوية المستوردة من الخارج.

 

وذكر محمد أن القدرة الإنتاجية للشركة تصل مليون قرص شهريا، ما يعكس حجم الشركة وتمكنها من سد احتياجات السوق المحلي، مشيرا أنها تتطلع لتعزيز إنتاجيتها نهاية العام الجاري لبدء تصنيع الكبسولات والمشروبات المختلفة والمحاليل.

 

مراحل الإنتاج

 

تمر صناعة الأدوية التي تنتجها “يني صوم” بمراحل عدة بدءا من استجلاب المواد الخام الكيميائية من الخارج وفق البروتكولات العالمية لإنتاج مستحضرات الأدوية.

 

وقالت رملة عبدالله، مديرة مراقبة الجودة بالشركة إن صناعة الأقراص الدوائية بعد التأكد من مكوناتها الكيميائية وتدقيق أوزانها المطلوبة، تمر بعملية تحويل مسحوق المواد الكيميائية إلى أقراص ذات حجم ثابت من خلال آلية كبس ميكانيكية، ليتم بعدها تغليف الأقراص والتأكد من سلامتها وجودة حفظها.

 

وذكرت عبد الله للأناضول، أنه بعد انتهاء مراحل الإنتاج تبدأ عملية تعبئة الأقراص في علبة كرتونية يدويا ليتم التأكد من احتواء كل علبة على نشرتها الداخلية التي تحمل معلومات وصفية وكيفية حول استخدامات العلاجات، قبل أن تجد طريقها للتوزيع التجاري.

 

استقلال دوائي

 

عبدي محمد قال إن “يني صوم” تحرص على تطبيق المعايير الدولية للأدوية، وإنها حصلت على كل شهادات الاعتماد والجودة لضمان سلامة المنتج وفعاليته عبر الاستفادة من الخبرات التركية وخاصة “شركة يني فارما” العالمية.

 

وأضاف: نعمل على سد متطلبات الأدوية في السوق المحلي والمساهمة في تقليص الاعتماد على استيراد الأدوية من الخارج، ولدينا فرص كبيرة للنجاح، حيث تعتمد بلادنا والمنطقة على الأدوية المستوردة رغم وجود شركات أدوية معدودة في كينيا وأوغندا.

 

وأوضح المسؤول أن انضمام الصومال إلى “مجموعة شرق إفريقيا للتعاون الاقتصادي” يتيح للشركة الوليدة فرصة كبيرة لإيصال منتجاتها إلى هذا السوق الكبير الذي يتمتع بثقل سكاني هائل.

 

وأردف: من خلال منتجاتنا نصنع حدثا كبيرا ونسوّق الصومال كبلد منتج، عكس الصورة النمطية التي تتبادر إلى أذهان الكثيرين عند سماع اسم بلادنا.

 

وأشار المدير التنفيذي إلى أن الشركة تعمل على تحديث مراكز الأبحاث والتطوير بهدف توطين العديد من الاحتياجات الدوائية المطلوبة في السوق المحلي.

 

معوقات جمة

 

تواجه “يني صوم”، وفق محمد، تحديات جمة تتعلق بمنافسة الأدوية المستوردة، إلى جانب “منظومة احتكار” يشكلها تجار لا يستفيدون من ظهور شركات محلية للأدوية في البلاد.

 

وأفاد المدير بأن مصانع الأدوية ككل مشروع تجاري تحتاج لفترة لبناء اسمها وتعريف منتجاتها للسوق، ولهذا من المعتاد أن نواجه تحديات كبيرة أبرزها شركات الأدوية المستوردة من الخارج.

 

وأشار إلى أنه في العقود الثلاثة الماضية تشكلت في البلاد منظومات محتكرين للبضائع، وهذا ليس عدلا، وهو أمر لا يعود على المواطن بأي فائدة، ولهذا تريد شركتنا كسر هذا الاحتكار بخلق منافسة في السوق وتقديم خدمات أدوية ذات جودة عالية.

 

ومضى قائلا إن غياب الجهات المعنية لمراقبة جودة الأدوية أدى إلى قيام بعض التجار باستيراد أدوية منتهية الصلاحية وأخرى لا تتوافق مع المعايير المطلوبة، ورغم كل هذه المشاكل تتطلع شركتنا إلى وقف الاعتماد على الخارج في قطاع الأدوية.

زر الذهاب إلى الأعلى