أخبار عربيةالأخبارالسودان

ما دور مصر وشركائها في الإمارات وإسرائيل بأزمة السودان؟

أثار اعتقال ضباط وجنود مصريين على يد “قوات الدعم السريع” في السودان، واتهام حميدتي لمصر بأنها قوة احتلال، تساؤلات حول نوع الدور الذي تلعبه مصر الجارة الشمالية للسودان هي وشركاؤها الإقليميون في الأزمة.

 

ووفقا للبيان رقم (3) من “قيادة قوات الدعم السريع”، السبت، فقد سيطرت قوات حميدتي على “القصر الجمهوري”، و”بيت الضيافة”، ومطارات “الخرطوم” و”مروي” و”الأبيض”، وعدد من المواقع في الولايات.

 

اتهامات لمصر

 

وخلال المعارك التي نشبت صباح السبت، بين المكون العسكري للسلطة في السودان، والذي تولى الحكم بعد انقلاب عسكري على الرئيس السوداني السابق عمر البشير، 11 نيسان/ أبريل 2019، نشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو لضباط وجنود مصريين جرى ضبطهم في قاعدة “مروي” الجوية.

 

وهو المقطع الذي أعاد نشره الباحث المصري في الشؤون العسكرية محمود جمال، عبر “تويتر”، داعيا المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية العقيد غريب عبدالحافظ، لتوضيح أسباب تواجد الضباط والجنود المصريين في السودان.

 

ولفت إلى أن آخر تدريب عسكري بين البلدين كان للقوات البحرية أوائل شهر نيسان/ أبريل الجاري.

 

ونشرت مواقع وحسابات سودانية تسجيل فيديو لسيطرة قوات الدعم السريع على مطار “مروي” العسكري الخاضع للجيش السوداني شمال البلاد.

 

ويظهر في الفيديو الذي يبدو أنه سُجل السبت، مقاتلون من الدعم السريع بجانب طائرات حربية عليها العلم المصري، فيما نقلت وسائل إعلام محلية عن مواطنين من مدينة مروي تأكيدهم وجود قوات مصرية داخل مطار “مروي”.

 

وهو ما دفع الكاتب الصحفي المصري في تلفزيون “تي آر تي” التركي، سمير العركي، للقول عبر حسابه على “فيسبوك”: يبدو أن مصر ستتورط في الصراع الحالي في السودان إذ أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على عدة مقاتلات مصرية في مطار مروي وتتهم مصر بأنها قوة احتلال.

 

وأعرب السياسي المصري المعارض عمرو عبدالهادي، عن استيائه من تصوير الضباط والجنود المصريين وهم يرفعون أيديهم، معتبرا أنه تعمد إهانة من قوات الدعم السريع لهم، لتوصيل رسالة إهانة للنظام المصري.

 

وجاء أول رد فعل من الجيش المصري، ليؤكد أنه يتابع الأوضاع في السودان عن كثب، وأنه يعمل لضمان تأمين القوات المصرية هناك والمتواجدة لإجراء تدريب مع نظرائهم في السودان، فيما قالت وزارة الخارجية المصرية، إن القاهرة تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع في السودان.

 

لكن ومع ذلك فإن كتابا وسياسيين مصريين، انتقدوا الدور المصري الغائب عن الأزمة، رغم خطورتها على مصر.

 

وهو جزء مما أكد عليه الكاتب المصري أحمد حسن الشرقاوي، بقوله: الدولة حاليا وفي الظروف المشابهة، يجب أن تكون حاضرة في المشهد، برجالاتها وقياداتها وحكومتها ووزرائها ومسؤوليها.

 

مؤامرة خارجية

 

ولأن المعركة بدأت بعد يومين من لقاء رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الإمارات محمد بن زايد في القاهرة، الأربعاء الماضي، فإنه لهذا يثار التساؤل حول حقيقة الدور الذي تلعبه القاهرة في الأزمة، ومدى دقة ما يثار عن تورطها مع جانب، وتورط الإمارات وإسرائيل مع جانب آخر.

 

وهنا جزم الكاتب السوداني حسن إبراهيم بأن ما يجري من اقتتال اليوم بين المكون العسكري الحاكم في السودان بشقيه ويدفع ثمنه الشعب السوداني، هو نتاج واضح لمؤامرة خارجية على السودان، محددا أطرافها بالقول إنها “مؤامرة إماراتية إسرائيلية”.

 

وحول هذه النقطة، قال المفكر السوداني الدكتور تاج السر عثمان، إن ما يحدث في السودان جزء لا يتجزأ من صراع محاور إقليمية تستهدف بالأساس تفتيت السودان أرضا وشعبا خدمة للمصالح الدولية.

 

وراح يوجه الاتهامات لحكام أبوظبي، بقوله إن الإمارات فقاسة مليشيات، لا تدعم جيشا برأس واحد بل فصائل متعددة قد تكون متضادة”، مشيرا إلى أنها “دعمت البرهان القريب من مصر، وحميدتي القريب من إثيوبيا، وفي اليمن تدعم فصيلا وحدويا وآخر انفصاليا، وفي ليبيا كذلك.

 

وأجمل رأيه مؤكدا أن الإمارات تُفخخ البلدان بأمراء الحرب لتنفجر يوما ما خدمة للصهيونية والإمبريالية العالمية.

 

وانهالت تدوينات وتغريدات لمصريين، يرجحون تورط الإمارات في السودان، كما تورطت في ليبيا وفي اليمن وفي غيرهما.

 

تواجد مصري طبيعي

 

لكن يظل التساؤل حول مدى صحة ودلالة وتفسير ما أثير عن ضبط قوات الدعم السريع أسلحة مصرية، ومجندين وضباط مصريين، بقاعدة مروي الجوية شمال السودان.

 

وقال الباحث المصري في الشؤون الدولية والأمنية أحمد مولانا: النظام المصري بطبيعة الحال داعم للجيش السوداني، لأنه يرى أن قوات الدعم السريع مليشيا، وطبيعة الجيوش أنها تنحاز لبعضها، إلى جانب أهمية السودان كبوابة جنوبية لمصر، والتنسيق بشأن ملف السد الإثيوبي.

 

وأوضح، أنه لذلك فإن مصر أرسلت قوات جوية متمركزة شمالا في قاعدة مروي، وقامت بتدريبات عسكرية مشتركة، تكررت خلال العامين الماضيين بين الجيشين سواء في مصر أو السودان.

 

وبين مولانا، حقيقة وجود أسلحة مصرية في قاعدة مروي التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع وألقت القبض على مجموعة عناصر مصرية بها، مؤكدا أنها موجودة بشكل طبيعي، وفق اتفاق سابق وتنسيق مع الجيش السوداني.

 

تضارب الحليفين

 

وأشار إلى أنه على عكس القاهرة فإن حليفتها أبوظبي، بنسبة أكبر داعمة لقوات الدعم السريع، نظرا لطبيعة الإمارات في المنطقة، والداعمة للقوات غير النظامية كما المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن، وقوات خليفة حفتر في ليبيا.

 

وفي ظن الباحث المصري، فإن لقاء ابن زايد، والسيسي، في القاهرة الأربعاء الماضي، هو لتهدئة الأمور في السودان ونزع فتيل الأحداث ومنع وصولها لمرحلة الانفجار، وليست للتسخين، لأن كل طرف داعم لطرف مغاير، فمصر تدعم البرهان والإمارات تدعم حميدتي.

 

خطر على مصر

 

ولكن، تظل مخاوف المصريين قائمة بشأن الأمن القومي المصري، خاصة أنه من المحتمل أن ينتج عن الصراع في السودان إذا طالت مدته موجة هجرات واسعة إلى مصر.

 

وهنا قال مولانا، إن الموقف خطير جدا؛ لأنه حتى إن انتهت هذه الأحداث في الخرطوم، فإنها في ولايات متفاوتة وخاصة في أطراف السودان قد تحدث انفلاتا وحركات انفصالية.

 

وتابع: حمديتي، بالأساس مركز قوته القبلي في غرب السودان؛ وبالتالي فإن هذه المنطقة مرشحة لتتحول إلى بيئة بها نزاعات كبيرة، فضلا عن التوترات الموجودة شرق السودان.

 

ويرى أن جميعها إذا أدت لوجود فوضى في السودان فإنها ستكون أخطر على مصر مما كان موجودا في ليبيا، سواء من موجات النزوح الواسعة المتوقعة من السودان على مصر، أو انتشار ظواهر الانفلات وتهريب الأسلحة والمخدرات وغيرها، فضلا عن أزمة السد الإثيوبي.

 

وبالنسبة للواقع السوداني الآن، فإن الباحث المصري يعتقد أنه “أشبه بكارثة أو أزمة كبيرة قد تهدد النظام المصري، وأي نظام”، مشددا على أن استقرار السودان ركيزة أساسية لاستقرار  مصر، وانفلات أمور السودان يعني تهديدات أمنية متنوعة ومتعددة.

 

وكان الباحث المصري، قد حذر عبر صفحته على “فيسبوك”، من خطورة وتبعات الموقف، قائلا: ‫ما يحدث في السودان له ما بعده على المنطقة، إذ ستنشط الحركات الانفصالية في الأطراف، وستحدث موجات نزوح مع انتشار للفوضى.

 

وأكد مولانا، أن وصول الأمر إلى الاقتتال بهذا الشكل هو فشل لسياسة النظام المصري بالدرجة الأولى، والتي عجزت عن حماية دولة محورية لمصر من عبث أطراف أخرى إقليمية ودولية.

 

تسخين لهذا السبب

 

وفي رؤيته لدور مصر في الأزمة، قال مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية، الدكتور ممدوح المنير، إن القاهرة لاعب رئيسي في الأزمة فهي تدعم البرهان، منذ بداية الأزمة في حين تدعم أبوظبي حميدتي.

 

وأضاف: في الحقيقة، الأزمة السودانية لن تنتهي سوى بقضاء أحد الطرفين على الآخر، موضحا أن كلا الطرفين يملك السلاح والعتاد والدعم الإقليمي والدولي، ولا يستبعد أن يكون تسخين القاهرة للأزمة نكاية في تراجع الدعم الخليجي خاصة الإماراتي للقاهرة.

 

وأكد المنير، أن السيسي الآن في حالة عدم اتزان بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها، وبالتالي فليس لديه مانع من اللعب بكل الأوراق حتى القذرة منها، للضغط على الرياض وأبوظبي وربما واشنطن من أجل توفير السيولة له.

 

ويعتقد، أن تسخين الأزمة في السودان مع كون مصر الجار الأول للخرطوم والعلاقات قوية بين النظامين، كل هذا يعني توفير السلاح والإمداد للسودان، وربما للطرفين سرا، فيستطيع بذلك حل جزء من الأزمة الدولارية لديه.

 

ويرى في نهاية حديثه، أن هذه الأزمة لها تأثيرها على الأمن القومي المصري من خلال عدم ضبط الحدود بين البلدين مع موجات الهجرة من السودان إلى القاهرة.

 

فضلا عن أن اضطراب الأوضاع بجوار سد مروي، يجعل السد الإثيوبي عرضة للخطر؛ خصوصا إذا قام أحد الطرفين بتصرفات يائسة إذا شعر بقرب هزيمته لقلب الطاولة على الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى