أخبار عربيةالأخبارالسودان

التوتر متواصل داخل المكوِّن العسكري السوداني

وسط تصاعد التوتر داخل المكون العسكري في السودان، والتحشيد العسكري من كلا الطرفين، أكد قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» التزامه بـ«عدم التصعيد» واستعداده للجلوس مع القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، لحل الأزمة الراهنة.

وتصاعدت التوترات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» خلال اليومين الماضيين على نحو غير مسبوق، بدا فيه التصادم وشيكا، وسط استعدادات عسكرية واسعة شهدتها العاصمة الخرطوم، ومناطق في دارفور غربي البلاد ومروي في الشمال.

ومنذ الأربعاء، دخلت سيارات عسكرية تابعة لـ«الدعم السريع» إلى مدينة مروي، بالقرب من قاعدة جوية تابعة للجيش، الأمر الذي أثار حفيظة الأخير، وطالبها بالمغادرة الفورية، إلا أن تلك القوات لا تزال في المنطقة، حتى لحظة كتابة التقرير، بينما لا تزال تصل تعزيزات عسكرية لكل من الجانبين.

وحسب تقارير صحافية، فإن الجيش في مروي، كثف وجوده وطلب من قوات «الدعم السريع» المغادرة ولكنها لم تنسحب، بينما وصلها المزيد من التعزيزات، وأن الجيش يتعامل مع الأوضاع بحكمة لتجنيب البلاد العواقب.

 

عدم التصعيد

 

وقال قادة أحزاب وحركات مسلحة يتوسطون بين الأطراف العسكرية، إن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتي» أكد التزامه بـ«عدم التصعيد» واستعداده للجلوس مع القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان لحل الأزمة الراهنة بين الجانبين.

 

وفي بيان مشترك للوساطة التي تضم عددا من قادة الأحزاب والحركات، بينهم عضو المجلس السيادي السوداني، قائد الحركة الشعبية شمال مالك عقار، وحاكم إقليم دارفور رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي، بالإضافة إلى وزير المالية، زعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وقادة آخرين، أوضح أنهم في مواصلة جهودهم لنزع فتيل الأزمة الأمنية في البلاد، التقوا أمس الجمعة «حميدتي» وأكد لهم «بعد حوار صريح وجاد، التزامه التام بعدم التصعيد، واستعداده للجلوس مع البرهان وقيادة القوات المسلحة السودانية في أي وقت من غير قيد أو شرط، بغية الوصول إلى حل جذري للأزمة يحقن الدماء ويحقق الأمن في البلاد» فيما لم تعلن أطراف الوساطة عن موقف الجيش بهذا الخصوص.

 

نشاط إجرامي

 

وحذرت لجان مقاومة وأجسام نقابية ومدنية في بيان مشترك، من عودة قادة وعناصر النظام السابق، وممارسة ما وصفته بـ«النشاط الإجرامي وخلق الفتن» لافتة إلى أن ذلك «نتاج لانقلاب العسكر» على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، متهمة إياه بإعادة تمكينهم وحماية نشاطهم في استفزاز واضح للشعب.

وأقرت (34) من لجان المقاومة وأحزاب «الحرية والتغيير» والنقابات والقوى المدنية في بيان مشترك بوجود اختلافاتٍ كبيرةٍ بينها في الوسائل والأدوات، مشيرة إلى أن تلك التباينات يجب أن لا تكون معول هدمٍ يستغله أعداء الانتقال الديمقراطي الحقيقي، أو تتحول إلى عقبةٍ كؤود أمام تحقيق وحدة قوى الثورة وتوحيد نضال الحركة الجماهيرية.

وقالت إن عناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول- الحزب الحاكم في نظام الرئيس المعزول عمر البشير، تعاود الظهور للسطح وممارسة نشاطها بشكل علني إجرامي وتعمل على خلق الفتن، كأحد إفرازات الانقلاب الذي أعاد تمكينهم الاقتصادي والمالي والوظيفي وحماية مصالحهم.

وأضافت: إنهم يظنون أن الشعب قد نسي عهود البطش والفساد والاستبداد الثقيلة، لكنه لن ينسى، وأن الإسلاميين هم من تناسوا أن الثورة السودانية قد فرضت نفسها وأدواتها وشرعيتها، وأن الشعب قد قطع الطريق أمام عودة الإستبداد مرةً واحدةً وإلى الأبد، وقرر أن لا مجال للسير عكس عقارب التاريخ، وطوى الصفحة الأخيرة من حُكم نظامهم الدموي.

 

المقاومة السلمية

 

وأكدت مواصلة الطريق بالعمل على توحيد الصفوف والمقاومة السلمية وصولا لتحقيق أهداف الثورة السودانية، وإنجاز التحول المدني الديمقراطي» مشددة على أن «الشعب أقوى والردّة مستحيلة، وأن لا سلطة لغير الشعب.

إلى ذلك، أشار المتحدث باسم «الحرية والتغيير» شهاب إبراهيم لـ«القدس العربي» إلى أنهم ظلوا يحاولون تقريب وجهات النظر بين الأطراف العسكرية منذ بداية الأزمة، متهما الإسلاميين، وعناصر النظام السابق، بمحاولة تعبئة الأطراف وجر البلاد للحرب.

وبعد اجتماع طارئ للمجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» مساء الخميس لبحث الأزمة الراهنة بين العسكريين، قالت إن «ما يحدث من تصعيد مخطط لعناصر النظام السابق يهدف لتدمير العملية السياسية» داعية الشعب وقوى الثورة الحية لفضح حزب «المؤتمر الوطني المحلول» والتصدي لمخططاته.

وأشارت إلى عقدها سلسلة من الاجتماعات مع المكون العسكري حول العملية السياسية، كان آخرها السبت الماضي بحضور البرهان وحميدتي.

وبينت أن الاجتماع توصل لنتائج لم تنفذ مؤكدة أن المخرج من الأزمة الحالية يكمن في استكمال العملية السياسية والتوقيع على الاتفاق النهائي وإقامة سلطة مدنية من أهم مهامها حل الأزمة الأمنية والاقتصادية واستكمال مهام الانتقال. كما عقدت «الحرية والتغيير» الأربعاء اجتماعا مع الوساطة الدولية الرباعية التي تقودها واشنطن والرياض، لتعزيز الجهود ونزع فتيل الأزمة وإكمال الاتفاق السياسي النهائي.

وأعلنت استعدادها للعمل المشترك للتصدي لما وصفتها بـ«مؤامرات المؤتمر الوطني المحلول» لافتة إلى أن أساس الأزمة ليس بين القوات المسلحة والدعم السريع وإنما يكمن في محاولات النظام السابق العودة إلى الحكم وأن عناصره مستعدون لجر البلاد نحو الحرب الأهلية.

ودعت الجميع للوقوف ضد الحرب وضد عودة الإسلاميين.

 

استكمال العملية السياسية

 

في السياق، عقد مبعوثون دوليون مساء الخميس اجتماعا مشتركا عبر الهاتف مع حميدتي.

وقال إعلام «الدعم السريع» أن اللقاء ضم المبعوث الأمريكي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان، بيتر لورد، والمبعوث الخاص للمملكة المتحدة للسودان وجنوب السودان، روبرت فيرويذر، والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان، جون أنطون.

وبحث اللقاء التطورات السياسية الراهنة التي يشهدها السودان، والجهود المبذولة لاستكمال العملية السياسية، وتشكيل حكومة انتقالية مدنية، وصولاً إلى تحول ديمقراطي بقيام الانتخابات.

وحسب البيان، قدم «حميدتي» شرحاً للمبعوثين حول الأوضاع في البلاد، ومساعي الأطراف للوصول بالعملية السياسية إلى نهاياتها، مؤكداً التزامهم التام بما تم التوقيع عليه في الاتفاق الإطاري، وضرورة خروج المؤسسة العسكري.

وكان البرهان قد أكد كذلك، في لقاء مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي آنيت فيبر «التزام المؤسسة العسكرية بالعملية السياسية» مشدداً على ضرورة إكمال عملية التوافق السياسي والوطني، وأهمية تحقيق الاستقرار للسودان باعتباره جزءا من منظومة الاستقرار الإقليمي فى المنطقة.

وكذلك حرصه التام على حل الإشكالات العالقة عن طريق التفاوض، والانفتاح على جميع المبادرات التي تسهم في استقرار السودان.

وقال البرهان إن استقرار السودان يرتكز على قيام جيش وطني موحد عبر تنفيذ إصلاح المنظومة الأمنية وإعادة الدمج.

زر الذهاب إلى الأعلى