أخبار عالميةالأخبار

كل تهمة ضد الرئيس السابق ترامب تجعله أقوى… والوحش الذي خلقه اليمين خارج السيطرة

قال سيدني بلومنتال المستشار السابق للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وزوجته هيلاري كلينتون، إن كل تهمة توجه إلى الرئيس السابق دونالد ترامب تجعله أقوى وتجعل من الحزب الجمهوري أكثر وحشية.

 

وأضاف: الجهات في داخل اليمين الأمريكي تعرف أن الوحش الذي خلقته خرج عن السيطرة، إن الاتهامات الموجهة لترامب في نيويورك لم تكن بمثابة عصا خشبية اخترقت قلبه، بل جعلته يرتفع وغمرت منافسيه لدرجة أنهم احتشدوا للدفاع عنه، مثل جوقة موسيقية وهاجموا شرور ملاحقته.

 

وبدخوله قاعة المحكمة لكي يقف من أجل صورته الرسمية في سجلات المحكمة وأخذ بصماته، بات الإنجيليون يقدسونه مثل داوود الزاني أو المسيح الشهيد، وهو ليس بحاجة لأن يرفع يده موجها الحزب الجمهوري للهتاف بأن ما يتعرض له هو “تصيد” فهو يملك الحزب مثلما يملك فندقا.

 

وقالت مارجوري تايلور، النائبة الجمهورية التي تعمل كواحدة من وكلائه في الكونغرس “أطلعه يوميا على ما نقوم به”. وصادق 9 من أعضاء اللجنة القضائية و26 من الرقابة على رئاسته.

 

وقدمت إليس ستيفانيك، مسؤولة مؤتمر الجمهوريين في الكونغرس الولاء له، ويقوم جيم جوردان الذي رفض الاستماع إلى طلب الشهادة أمام المحكمة في فتنة 6 كانون الثاني/ يناير بإصدار دعوات لعرقلة محاكمة ترامب.

 

ويفصل الجمهوريون عاما من الاتهامات الموجهة لرئيسهم السابق ومؤتمرهم في 4 حزيران/ يونيو 2024 لاختيار مرشحهم لمنافسة جو بايدن في 2024، ولن يترك هرج ومرج تأثيره على المناطق الانتخابية بل ويكشف عن الضرر الذي تسبب به للدستور وحكم القانون والأمن القومي، إلا أن تأثيره المدمر سيكون في داخل الحزب الجمهوري. ومع كل تقرير عن اتهامات جديدة للرئيس السابق سيصبح الحزب أكثر تشددا، ويعزز عددها نظريات المؤامرة، في كل اتهام ومحاكمة ستدور على مدى الشهور القادمة وتتقاطع مع العام الانتخابي من نيويورك إلى جورجيا وواشنطن ستدفع الجمهوريين نحو ترامب أكثر.

 

وسيضطر كل مرشح جمهوري ولأي منصب الإعلان أن ترامب تعرض لمحاكمة ظالمة وإلا وصف بالخيانة، فقد تحولت مهنة إنكار نتائج الانتخابات إلى عقيدة إفلات ترامب من العقاب. وسيجبر كل مرشح جمهوري يقدم نفسه كمدافع عن إنفاذ النظام والقانون تجنب الحديث عن القانون في كل قضية يقف فيها ترامب متهما. ولن يتم استثناء تحريض ترامب على العنف من هذا، فهل كان تحريضه على اقتحام الكونغرس في 6 كانون الثاني/ يناير بروفة لحملات 2024. ففي كل مرة يواجه فيها ترامب خطر النهاية يخرج النقاد والمعلقون الاستراتيجيون من أقبيتهم ويتحققون من حجم الدمار وما تقوله الاستطلاعات ويؤكدون أن الإعصار مر بسلام.

 

فعندما هزم بايدن ترامب في 2021 أكد المعلقون العقلانيون أن لحظة ترامب قد انتهت وسيتلاشى و”لن تحدث أبدا” وعلى الجميع “الراحة”، ثم جاء 6 كانون الثاني عندما دعم ترامب مرشحين للانتخابات النصفية في 2022، وعندها قال المعلقون إنها الزفرة الأخيرة له. وقال روبرت ميردوخ، إمبراطور الإعلام الذي تبنى ترامب “سنجعله شخصا مجهولا”، واختفت صورة ترامب من شاشات فوكس نيوز بعد 6 كانون الثاني/ يناير، وسيتم مسحه من الفصل القادم من التاريخ.

 

وقالت إميلي سيديل، المديرة التنفيذية لواحدة من شبكات الأخوة كوتش، اللذين دعما ترامب، وهي أمريكيون من أجل الازدهار” في مذكرة سرية “أفضل شيء للبلد هو رئيس في 2025 يمثل فصلا جديدا.

 

وفي 5 شباط/ فبرابر تم تنظيم مؤتمر في بالم سبرينغز بكاليفورنيا مولته دولارات كوتش المظلمة ودعي إليه أصحاب المليارات وناشطون مهمون. وكان الهدف منه هو وضع الأرضية لمرحلة ما بعد ترامب. وتم التوافق في هذا المكان على تحويل الدعم والمصادر لدعم ترشيح حاكم فلوريدا رون دي سانتيس. وكان هذا مجرد تفكير خيالي حيث تجاهل الحملة التي تعرضت لها ليز تشيني وهزيمتها وإخراجها من الحزب وفوز المرشحين الذين دعمهم ترامب في الانتخابات النصفية، والمقايضات المهينة التي أجبرت ماكارثي على تقديم تنازلات كي ينتخب رئيسا لمجلس النواب بغالبيته الجمهورية. وكان على ميردوخ وكوتش فهم الميوعة الخطيرة التي مولوها وقدموا الدعم لها خلال العقود الماضية والتي تحورت على شكل ترامب، وكان المنهج الذي اتبعوه مع ترامب لا يختلف عن نهج فلاديمير بوتين، حيث نظروا إليه كأحمق مفيد.

 

وكان هدف بوتين هو استخدام ترامب لكي يدمر الناتو وتحويله لوكيل فوضى داخل الولايات المتحدة، بطريقة لم يستطع أي عميل في كي جي بي تجنيده في ذروة الحرب الباردة. وحاولت شبكات كوتش استخدام ترامب لحشد المحاكم بالقضاة الذين صادقت عليه الجمعية الفدرالية المحافظة وتخفيف التنظيمات في التجارة وإحباط السياسات المتعلقة بالتغيرات المناخية. ورغم ما حققه ترامب لهم إلا أنه ظل خارج السيطرة.

 

ومشكلة ترامب لم تكن أبدا بوحشيته وخروجه على القانون، فقد كانوا مستعدين للتسامح معه طالما قدمت إدارته ما يريدونه. وكان ضعف ترامب هو الثمن الذي دفعوه، ومشكلته أنه لم يكن ذلك النوع من الجمهوريين من دعاة السوق الحر والداعمين لليبرالية. بل على خلاف هذا كان ترامب كارها للتجارة الدولية ورفض تخفيف الاستحقاقات بما فيها الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي التي حاولت عرقلتها وخصخصتها.

 

وفي 2018 كتب تغريدة هاجم فيها الأخوين كوتش وعبر عن احتقاره “للأخوين كوتش دعاة العولمة، اللذين أصبحا أضحوكة في دوائر الحزب الجمهوري، ولم أطلب دعمهما أبدا لأنني لا أريد مالهما أو أفكارهما السيئة، وأحبا تخفيض الضرائب وخفض التنظيمات واختياراتي للقضاء وأكثر، وجعلتهما أثرياء أكثر”. ومشكلته أنه خسر، وشعر الأخوان أن دي سانتيس قد يضع ترامب في الخلف. وبدون ترامب فإنهما وأمثالهما اعتقدوا بقدرتهم على تنظيف الدولة والعودة للماضي المجيد وحزب الشاي المتطرف ومحاصرة أعضائه للقاعات العامة في محاولة لإحباط الرعاية الصحية التي اقترحها باراك أوباما، وكان الحب المتبادل بين الأوليغارش ودي سانتيس غريبا.

 

وكان إعلان ترامب عن توجيه اتهامات له في 18 آذار/ مارس تعبيرا عن فزع ومحاولة لانتهاز الفرصة وليس ضربة معلم، وكان دي سانتيس قد تفوق على ترامب بنسبة 45% مقابل 41% حسب استطلاع ياهو/ يوغف، وفي استطلاع نظم بعد قول ترامب إنه سيتم القبض عليه جاءت نتيجته 47% لترامب مقابل 39% لدي سانتيس. وبعد توجيه التهم له تراجعت شعبية دي سانتيس إلى 31% مقابل 57%. ومن هنا فقد جعل ترامب مرشح كل من ميردوخ وكوتش يترنح، فقد نصب دي سانتيس نفسه بأنه محارب ثقافي، لكن ترامب اخترق جناحه الضعيف.

 

وقبل أن يتبنى دي سانتيس مواقف تقريع المثليين واليهود والعرق كان نائبا عن حزب الشاي وصوت عدة مرات لصالح قطع الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية. ورغم الحرب الكلامية والنقد المتبادل بين ترامب وحملته “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” من جهة ودي سانتيس من جهة أخرى، إلا أن حاكم فلوريدا أكد أنه لن يرحل ترامب من فلوريدا إلى نيويورك لكي يواجه القضاء، وهو أمر لم يطلب منه أحد عمله.

 

ويرى بلومنتال أن الشخص الذي أصبح سجينا لدى ترامب هو ملك الإعلام ميردوخ الذي ينتقد عبر فوكس تيوز توجيه اتهامات لترامب ويقلل من شأنه في “واشنطن بوست” إلى تكبير دي سانتيس في صحيفة “التايمز” بلندن. ودعم ميردوخ صعود ترامب منذ البداية حتى 6 يناير 2020، وكان قراره بعدم القفز من الحطام سببا في الفضيحة الكبرى التي دفعته في مركز كارثة ترامب مع 6 يناير. وحاول ميردوخ بيأس فصل نفسه عن ترامب وعدم مواجهة المحاكمة في فتنة 6 يناير، لكن دعم فوكس للفتنة كان واضحا للعيان، وكذا التشكيك في الانتخابات وكيف أن البرامج التي وفرتها دومنيون لمراكز الاقتراع قامت بحذف أصوات، بشكل جعل الشركة تقاضيه وتطلب تعويضات بأكثر من مليار دولار في قضية تشهير.

زر الذهاب إلى الأعلى