أخبار عربيةالأخبار

أغذية وأدوية مغشوشة في مصر… فصل جديد للأزمة الاقتصادية

جانب آخر من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر، تمثل في انتشار أغذية وأدوية مغشوشة في الأسواق. فمع موجات ارتفاع الأسعار المتتالية، التي طالت أسعار كافة السلع، خاصة الغذاء والأدوية، زادت المخاوف من انتشار سلع مغشوشة، خاصة مع ظهور مقاطع فيديو لمصانع غير مرخصة على مواقع التواصل الاجتماعي لإنتاج أغذية، في وقت تعددت حالات الوفاة نتيجة الأدوية.

 

شاي ونسكافيه مغشوش

 

وتداول رواد مواقع التواصل على مدار الأيام الماضية، مقاطع فيديو تم تصويرها من داخل أحد المصانع في محافظة الغربية في دلتا مصر، أثناء مداهمة لقوة من وزارة التموين، وضبط كميات كبيرة من القهوة والنسكافيه والمنتجات الأخرى، مصنوعة من مواد غير قابلة للاستخدام الآدمي.

عبد المنعم خليل، رئيس قطاع التجارة الداخلية في وزارة التموين المصرية، أكد في بيان، ضبط كميات كبيرة من المواد المغشوشة في أحد المصانع وإحالة صاحبه للنيابة التي تتولى الآن أمر التحقيق معه.

وحسب خليل، ضبطت السلطات المصرية 3 أطنان مستلزمات الإنتاج، و1900 عبوة شاي منتهية الصلاحية، إضافة إلى عبوات سلع مقلدة من النسكافيه والشاي، و12 ماكينة تعبئة تغليف.

وأوضح أن شكوى وردت من شركة كبرى متخصصة في إنتاج الشاي بوجود مصنع في إحدى محافظات الدلتا يقلد علامتها التجارية، وتبين من خلال حملة ضمت مفتشي ومباحث التموين صحة الشكوى، وضبط مصنع في محافظة الغربية يقوم بتقليد وغش العلامة التجارية لمنتجات الشاي والنسكافيه والبيكنغ بودر.

 

مصانع بير السلم

 

الأزمة وصلت أروقة البرلمان، إذ طالب عدد من أعضاء مجلس النواب الحكومة باتخاذ خطوات حاسمة ضد عمليات الغش ومواجهة مصانع بير السلم والإعلانات الكاذبة.

وتقدم النائب أحمد مهني بطلب إحاطة إلى وزير الصناعة بشأن انتشار الأغذية والمشروبات المغشوشة في السوق وتسببها في أضرار صحية للمواطنين.

 

طلب إحاطة

 

وقال في طلب الإحاطة: الآونة الأخيرة شهدت انتشار مصانع بير السلم (مصطلح يطلق على المصانع الصغيرة التي تغش المنتجات) تستخدم خامات مجهولة المصدر في الإنتاج، كما أنها تدون على منتجاتها أسماء وعلامات تجارية مغشوشة ومقلدة، نظراً لرخص ثمنها وعدم الرقابة على الإعلانات الخاصة بها والتأكد من حقيقتها، فإن الكثيرين يقبلون على شرائها ظناً منهم أنها حقيقية وأنها فرصة للتوفير، في حين أنها عملية نصب تؤدي إلى أضرار صحية لاحقة.

وزاد: انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات عديدة لمصنع غير مرخص لإنتاج القهوة والشاي، وتبين أن القهوة والنسكافية يتم صناعتها من بودرة البلاط والأسمنت الأبيض، وتزوير علامات تجارية، لشركات كبرى لإنتاج الشاي ومشروب القهوة ومنتجات الحلويات، ويقوم المصنع بتصنيع النسكافيه والمنتجات الغذائية بنفس أكياس وعبوات المنتجات الأصلية بعد غشها باستخدام بودرة منتجات بودرة البلاط.

 

حالة هلع

 

كذلك طالب النائب محمود قاسم عضو مجلس النواب، الحكومة، بـ تكثيف الحملات الرقابية على مختلف الشركات والمصانع التي تنتج وتصنع مختلف السلع الغذائية، خاصة بعد حالة الهلع التي أصابت العديد من المواطنين بعد انتشار النسكافيه المغشوش والمضروب، الذي ظهر في فيديوهات حملات تموينية، عقب ضبط أحد مصانع بير السلم، التي تنتج نسكافيه لماركة مسجلة عن طريق إضافة مواد مغشوشة.

وتساءل عن الأسباب التي وراء انتشار ظاهرة الأغذية المغشوشة وكيفية ترك مثل هذه المصانع تعمل دون ترخيص وتصل منتجاتها إلى الأسواق حاملة ماركات مسجلة ولكنها مزورة.

 

دواء مغشوش

 

الدواء أيضا كان له نصيب من الغش، حسب طلب إحاطة للنائب أيمن محسب، عن تضارب التصريحات بين الحكومة وهيئة تصنيع الدواء حول انتشار أدوية مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات القياسية بالصيدليات، واتخاذ إجراءات فاعلة لإحكام الرقابة على سوق الدواء المصري.

وقال محسب: تردد خلال الفترة الماضية أنباء عن انتشار أدوية مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات القياسية في الصيدليات.

وقال إن الأمر يثير الاستغراب، خاصة أن البيان الحكومي الصادر بتاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي الذي نفى وجود أدوية مغشوشة، سبقه بأيام وتحديدا في 9 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بيان من هيئة تصنيع الدواء حذرت من عبوات مقلدة من عدد من الأدوية في الأسواق.

 

وأضاف: في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصدرت الهيئة بيان رسمي قالت فيه أنها قامت بحملات تفتيشية موسعة، على ما يقارب 9 آلاف صيدلية من الصيدليات العامة، والخاصة في المستشفيات، ومخازن الأدوية، وشركات توزيع، ومصانع الأدوية، وتنوعت المخالفات ما بين غش تجاري، وأدوية مهربة، أو غير مسجلة، أو غير مطابقة للمواصفات بقيمة 4 مليون جنيه مصري.

ولفت إلى أن الهيئة أصدرت قرارا بوقف بيع أدوية المضادات الحيوية، لمخازن الأدوية، واقتصار التوريد من شركات التوزيع إلى الصيدليات مباشرة معتبرا ذلك اعتراف ضمني بتسرب الأدوية المغشوشة لتلك المستحضرات عبر المخازن، ورغم اتفقنا مع القرار إلا أنه ليس حلا جذريا للمشكلة، خاصة أنه سيضر بالصيدليات الصغيرة ذات القدرات البيعية والشرائية المحدودة، حيث أنها لا تمتلك القدرة على شراء كميات كبيرة من شركات التوزيع مقارنة بالمخازن.

وشدد على ضرورة وجود حلول أكثر فاعلية لمواجهة تسرب الأدوية المغشوشة أو غير المطابقة للصيدليات منها تفعيل منظومة التتبع الدوائي، وتشديد الرقابة على المخازن خاصة أم الكثير منها يعمل بدون ترخيص، وزيادة عدد مفتشي الهيئة لكي تمكنوا من حكم القبضة على السوق.

 

طفل أسيوط

 

واقعة وفاة طفل في أسيوط جنوب مصر، بعد إعطائه حقنة مضاد حيوي في إحدى الصيدليات، جددت الجدل بشأن وجود أدوية مشغوشة.

وفي الوقت الذي يعيد البعض الوفاة لأزمة الأدوية المغشوشة، يحملها آخرون للصيادلة الذين يصرفون الأدوية دون وجود روشتة طبية.

الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية في اتحاد الغرف التجارية في القاهرة، علق على الواقعة، قائلا: النقابة تحارب الدخلاء على المهنة، وأنهم أشخاص ليسوا لهم علاقة بالمهنة يشترون رخصة صيدلية، من صيدلي.

وأضاف في تصريحات متلفزة أن الطفل الضحية تم إعطاؤه حقنة المضاد الحيوي دون وصفة طبية، وأنه يجب وجود بعض الإجراءات الاحترازية أثناء إعطاء الحقن داخل الصيدليات.

وكشف عن وجود مصانع تحت بير السلم تتلاعب في تصنيع حقن المضادات الحيوية قائلا: هيئة الدواء رصدت هذا، وهناك قرار للتداول الخاص للمضادات الحيوية لمنع وجود أدوية مغشوشة.

 

النقابة تنفي

 

في المقابل، نفى محفوظ رمزي، رئيس لجنة تصنيع الدواء في نقابة صيادلة القاهرة، وجود أدوية مغشوشة في الصيدليات، قائلا: «الأدوية الموجودة في الصيدليات في مصر آمنة للغاية ولا يوجد أي أدوية مغشوشة ويتم تأمينها بشكل كبير ويشرف عليها وزارة الصحة، ولجنة تصنيع الدواء.

ويشرح صيدلي مصري رحلة الدواء من الشركات إلى الصيدليات، ويقول إن هناك ما يعرف بمخازن الأدوية التي تشتري الأدوية من المصانع وتوردها إلى الصيدليات.

وأضاف، أنه خلال الفترة الماضية، باتت هذه المخازن غير آمنة، لأن الأدوية قد تتعرض للغش من خلالها أو تغيير تاريخ صلاحيتها.

محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء إن خلال الشهرين الماضيين، ضبطت الحكومة مصنعين غير مرخصين لإنتاج الدواء تتضمن عدد من خطوط إنتاج أدوية شهيرة. وأضاف: خلال الفترة الماضية، سجلت مصر 13 حالة وفاة بسبب حقن المضاد الحيوي، كان آخرها وفاة طفل أسيوط.

وتحدث، عن مخازن الدواء التي تبيع أدوية للصيدليات بثمن أرخص 30 ٪ من سعر الذي حددته الشركة المصنعة، وتساءل، كيف تتحمل المخازن هذه الخسارة إذا كانت الأدوية سليمة وغير منتهية الصلاحية.

وأضاف، أن مصر بها 88 ألف صيدلية مرخصة، نسبة كبيرة منها يديرها عمال لا علاقة لهم بمهنة الصيدلة، إضافة إلى أن نسبة منهم تلجأ لشراء الدواء من المخازن لانخفاض سعره عن السعر الذي حددته الشركات.

واكد أن الأزمة الحقيقية، تتمثل في امتلاك عدد من المصانع غير المرخصة، ماكينات إنتاج أدوية، على الرغم من أن هذه الماكينات من المفترض أنها لا يتم بيعها للمصانع إلا من خلال وزارة الصحة، متسائلا: من أين أتوا بها.

وفي واقعة وفاة طفل أسيوط، قالت النيابة العامة في بيان، إنها تباشر التحقيقات مع عامل في صيدلية بتهمة حقن طفل بمضاد حيوي ما أفضى إلى وفاته.

وأضافت: مثل هذه الواقعة قد تكرر حدوثها في الفترة الأخيرة أكثر من مرة، وأثير الجدل حولها من قبل، حتى أصدرت المؤسسات المختصة قرارات لتنظيم مسألة الحقن داخل الصيدليات وبيان شروطها؛ لتفادي حدوث مثل هذه الفواجع.

ولفتت إلى أنها باشرت الدعوى في قضية مماثلة شغلت الرأي العام في الإسكندرية وصدر حكم القضاء فيها بإدانة المتهمين، على نحو ما طالبت النيابة العامة وانتهت إليه في تحقيقاتها.

ودعت إلى تنحية الجدل الدائر حول هذه القضايا جانبا، وعدم الخوض فيما تثيره من نقاشات حول الحقوق والواجبات التي انتهت أحكام القضاء فيها إلى قول فصل ببيانها، وهو أن الحقن لا يحق إلا للمؤهلين له، والمرخص لهم به؛ تفاديا لمضاعفاته وآثاره التي قد تفضي إلى الوفاة.

وشددت على «ضرورة الامتناع التام عن حقن المرضى بالمخالفة للقوانين والقرارات التي تنظمه، وفي غير الأماكن المخصصة، ومن غير المختصين به؛ وذلك حفاظا على أرواح المرضى، وعلى سرعة تداركهم بالعلاج حال حدوث المضاعفات، لا سيما أن الواقع أظهر مزاولة كثير من غير المتخصصين لاختصاصات مهنتي الطب البشري والصيدلة، وسماح بعض المتخصصين لهم بذلك، مما أفضى إلى عبث بأرواح الناس وكثير منهم أطفال، وهو الأمر الذي ستتصدى له النيابة العامة بكل حزم، وستلاحق مرتكبيه بكل ما خولها القانون من إجراءات قانونية رادعة». وأكدت أن غايتها من إعلان تفصيلات هذه الوقائع، إلى جانب كفالة حق المجتمع في المعرفة، هي توعية كافة أفراده للحد من وقوع مثل هذه الفواجع مرة أخرى.

وأضافت: لأبدانكم وأرواحكم عليكم حقوقا ستسألون عنها أمام خالقها.

 

عقوبات

 

وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941، المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، وتضمن عقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز 20 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.

ويخشى المصريون من ارتفاع معدل غش الغذاء والدواء، خاصة مع موجات ارتفاع الأسعار التي تشهدها البلاد، في ظل انهيار الجنيه المصري إلى مستويات غير مسبوقة، مع رفع كلفة استيراد الأغذية والمواد الفعالة التي تدخل في تصنيع الدواء.

زر الذهاب إلى الأعلى