أخبار عربيةالأخبارمصر

الزواج في مصر بشروط السيسي.. صندوق الأسرة يثير جدلا واسع

طالب رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بإنشاء صندوق خاص تحت مسمى “صندوق دعم الأسرة المصرية”، في سابقة من نوعها، يساهم فيه بشكل إجباري كل من يرغب في الزواج وبإشراف وموافقة قضائية واشتراطات صحية، ما أثار ردود فعل واسعة في الشارع المصري.

 

وطالب السيسي في كلمته خلال افتتاح مشروعات جديدة في مجمع الصناعات الكيماوية بمنطقة “أبو رواش” في محافظة الجيزة، وزير العدل في الحكومة عمر مروان، بإعداد مشروع قانون جديد بهذا الخصوص لدعم الأطفال عند وقوع الخلاف بين المتزوجين.

 

وتساءل السيسي قائلًا: “لماذا ننشئ صندوقًا في القانون؟”، مضيفا أنه “من أجل أي أسرة، والاختلاف وارد، عندما يحدث خلاف بين الزوجين لا أحد يريد أن ينفق، ويضيع الأبناء، لذا نعمل صندوق الأسرة كي يتكفل بالمصاريف في هذه الفترة”.

 

السيسي خاطب الشباب قائلًا: “حضرتك مقدم على الزواج، ضع مبلغًا في الصندوق ليس كبيرا، من يقدر على إقامة الفرح يقدر على دفع المبلغ، وأنا كدولة اتفقت مع رئيس الوزراء على أن تدفع الحكومة المبلغ نفسه الذي سيجمعه الصندوق، ولو جمع مليار جنيه الحكومة ستضع مليارًا وهكذا، سنتكفل بالإجراء الذي يؤمن أولادنا في كل شيء”، على حد قوله.

 

وانتقد نشطاء ومعنيون طرح مثل تلك الفكرة التي تقوم على الجباية وتجاوز دور الدولة في توفير مناخ قضائي عادل وناجز لحل المشاكل الخلافية بين الأزواج، وتخليها عن دورها في مساعدة الشباب المقبلين على الزواج وليس تحميلهم أعباء مالية إضافية، خاصة أن معظم الزيجات في مصر تتم بالاقتراض ومساعدة الأهل بسبب ارتفاع تكاليف الزواج.

 

ارتفاع نسبة الطلاق في مصر

 

شهدت مصر ارتفاعًا في حالات الطلاق عام 2021 حيث سجلت 254 ألفًا و777 حالة، مقابل 222 ألفًا و39 حالة في 2020، بزيادة قدرها 14.7% مقابل تراجع عقود الزواج باطراد، بحسب إحصاءات “الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء”.

 

ووصف السيسي في أكثر من مرة ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق بأنها مؤشر على قضية خطيرة في المجتمع مقترحا تعديل قانون الأحوال الشخصية والذي يجري تعديله بالفعل، لكنه يتجاهل أن الظاهرة أسبابها تردي الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وزيادة الأعباء وبالتالي نشوب الخلافات داخل الأسر بسبب تعثر الكثيرين في الوفاء باحتياجات ومتطلبات الأسرة.

 

وهو ما ذهبت إليه دراسة نشرتها “المكتبة الوطنية الأمريكية للطب والمعاهد الوطنية للصحة” في 2020، أرجعت فيها الارتفاع في معدلات الطلاق بمصر إلى المشكلات المالية، وتعذر التوافق الاجتماعي بين الزوجين، والتخلي عن الشعور بالمسؤولية، وإدمان المخدرات، ونتج عن معظمها معاناة الأطفال والعنف والإهمال والتسرب من التعليم.

 

جباية وإرهاق للشباب

 

في تعليقه، يقول رئيس مجلس إدارة أكاديمية “بسمة” للسعادة الزوجية محمود القلعاوي: “عنوان الخبر كان مخالفا للواقع، الأصل أن الشباب يحتاج للمساعدة في الزواج والعون المالي حتى في الظروف الاقتصادية العادية فما بالنا بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد والناس”.

 

مضيفا: الراغب أو المقبل على الزواج يحتاج إلى نفقات وأموال كثيرة لتأسيس منزله والعون من الجميع.

 

ورأى أن هذا الشرط “يكبل الزواج، ويضع عائقا جديدا أمام الشباب، وكان من باب أولى أن توفر الدولة دعما وعونا لتيسير الزواج وبناء الأسرة للحفاظ على المجتمع لا إرهاقهم بمزيد من الجباية”.

 

وانتقد المحامي والبرلماني المصري سابقا، ممدوح إسماعيل، طرح السيسي الذي يعرقل الزواج، وغرد قائلا في حسابه على موقع “تويتر”: هدم الأسرة وتيسير الزنا.. فرض السيسي للمقبلين على الزواج وضع مبلغ مالي في صندوق للدولة؟!

 

فكرة عكس الواقع

 

وقال أحد المقبلين على الزواج ويدعى عادل إن “فكرة الصندوق ظاهرها جيد وباطنها لا يبشر بالخير، من أين سيأتي الشباب بأموال الزواج أولا قبل أموال الصندوق، غالبية الشباب يعانون من أجل إتمام الخطوبة وتقديم الشبكة وربما ينتظرون لسنوات لاستكمال الزواج”.

 

وأعرب عن رفضه لمثل هذا الصندوق “لأنه فكرة خاطئة وكان يجب تأسيس صندوق لدعم الشباب من أجل تيسير الزواج، الكثير من الشباب بات يتجاوز سن الثلاثين لعدم قدرتهم على مصاريف الزواج، أصبح المتاح قبل سنوات قليلة مستحيلا اليوم بعد ارتفاع أسعار الذهب والعفش وتأسيس المنزل وإيجاره، النظر للزواج على أنه قدرة مالية زائدة هي نظرة خاطئة”.

 

تعقيد الزواج

 

ترى مديرة مركز أسرتي للاستشارات الاجتماعية والأسرية منال خضر، أن فكرة الصندوق زيادة أعباء على الشباب الذي يجب مساعدته خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وبدلا من دعم الشباب بصندوق يتم إنشاء صندوق للأخذ منهم، الفكرة أراها في غير محلها، وينبغي الوقوف إلى جانب الشباب لمساعدتهم على الزواج”.

 

وأوضحت في حديثها لـ”عربي21″: أن “سن الزواج ارتفع بسبب عدم قدرتهم على الزواج ماديا، حيث لا توجد وظائف ولا أجور كافية، ومثل هذا الصندوق يحمل الشباب أعباء إضافية بل يمكن وصفه بأنه صندوق لنهب الشباب، ولا يعني الزواج أن لدى المتزوجين أموالا فائضة فالزواج ليس نزهة وكثير من العائلات تقترض لإتمام الزواج”.

 

وأكدت خضر أن “مشروع قانون إنشاء الصندوق ضمن مشروع تعديلات قانون الأحوال الشخصية يلغي أهلية الشعب المصري ويجعله تحت وصاية القضاء والدولة وهو أمر مرفوض كلية”، مشيرة إلى أن “المطلوب من الدولة هو تطبيق القوانين والتشريعات تحت مظلة قضاء عادل وناجز، وزيادة الوعي لدى الشباب عبر المؤسسات الدينية”.

زر الذهاب إلى الأعلى