أخبار عربيةالأخبارسوريا

ماذا يحصل داخل أهم قاعدة عسكرية أميركية في سوريا؟

كشف بيان صادر عن “جيش مغاوير الثورة” المتحالف مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية داخل قاعدة التنف (أبرز القواعد الأميركية في سوريا) عن خلافات بين الطرفين السوري والأميركي بخصوص تعيين الأخير قيادة جديدة للفصيل.

 

وقال “جيش المغاوير” -عبر حسابه على تويتر مساء الأحد “كنا ملتزمين وما زلنا بالأهداف المعلنة للتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، ولكننا نعلن أيضا أننا نرفض بشكل قاطع ونهائي التدخل من قبل أي طرف مهما كان في تحديد وتعيين قياداتنا الثورية”.

 

وأضاف: وبهذا نرفض محاولة فرض النقيب فريد القاسم قائدا للجيش لأسباب عديدة؛ أبسطها أنه ليس من ضباطنا أو منتسبينا، وندعو القيادة العامة للتحالف للتدخل بشكل مباشر لتجنب التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنشأ نتيجة هذا القرار غير المسؤول، وفق تعبيره.

 

وبعد ساعات من نشر التغريدة تم حذفها من الحساب غير الموثق للجيش، الذي ينشر منذ سنوات بيانات وصورا لأنشطة الفصيل العسكري وتدريباته وقياداته من داخل القاعدة العسكرية الأميركية، من دون إصدار توضيح للأسباب.

 

وبالتزامن مع البيان، نشر ما يسمى المجلس العسكري لجيش مغاوير الثورة بيانا مصورا، أكد فيه المتحدث أن المجلس يرفض “بشكل لا عودة فيه” فرض تعيين القائد الجديد للفصيل فريد القاسم.

 

وأفاد مصدر مقرب من أحد قيادات “جيش مغاوير الثورة” بأن بيان جيش المغاوير يعد حلقة أخيرة بعد سلسلة خلافات كان آخرها إقالة قيادة التحالف الدولي العميد مهند الطلاع قائد الفصيل العامل في المنطقة المسماة 55 التي تحمي قاعدة التنف والمنطقة المحيطة بها واستبداله بفريد القاسم المقرب من قيادة التحالف.

 

وأشار المصدر إلى أن إقالة قائد الفصيل جاءت بعد خلافاته مع التحالف بشأن رفض مهند الطلاع مخططا لإتباع “جيش المغاوير” بقيادة سوريا الديمقراطية (قسد)، والأمر الآخر هو تراخي التحالف في حماية مواقع الفصيل المنتشرة في المنطقة 55 بعد تعرضها عدة مرات لقصف من قوات النظام وروسيا وفصائل موالية لإيران.

 

وأضاف أن قرار استبدال الطلّاع حصل قبل أيام خلال إجازة كان فيها بتركيا لزيارة عائلته، وجاء في إطار عزم التحالف الدولي إحداث تغييرات في طبيعة القوات المنتشرة في سوريا، لا سيما نيته دمج القوات المنتشرة في التنف وإلحاقها بقيادة “قسد”، وفق قوله.

 

ولفت المصدر إلى وجود حالة من التوتر داخل القاعدة العسكرية بسبب رفض قيادات وعناصر من الفصيل إقالة قائدهم وتعيين القائد الجديد من قبل الأميركيين، وأيضا تلويح الجانب الأميركي بعقوبات أو التضييق المالي عليهم جراء هذا الموقف.

 

في سياق متصل، لفتت مصادر من داخل مخيم الركبان القريب من قاعدة التنف، وهو الذي يقع تحت حمايتها ويضم آلاف النازحين السوريين وضمنهم عائلات عناصر فصيل المغاوير، إلى وجود حالة شلل في الحركة التجارية داخل سوق المخيم وذلك بسبب تأخر المرتبات الشهرية لعناصر جيش مغاوير الثورة نتيجة الأزمة الأخيرة مع الأميركيين بشأن رفض عدد منهم تعيين القائد الجديد.

 

وقاعدة التنف العسكرية تأسست فعليا عام 2016 عند تقاطع الحدود السورية مع الأردن والعراق، وتتبع إداريا حمص المحافظة الأكبر في سوريا، ويشير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في تقرير له إلى أنها تضم ما بين 100 و200 من العسكريين الأميركيين، إلا أن تقارير أخرى تشير إلى أعداد أكبر، إضافة إلى وجود جنود بريطانيين ومن دول أخرى مشاركة في التحالف.

 

وتُستخدم القاعدة -وفق التقرير نفسه، نقلا عن مصادر في وزارة الدفاع الأميركية- لمواصلة العمليات ضد تنظيم الدولة، وإعاقة أنشطة وكلاء إيران في سوريا، وتعد في الوقت نفسه ورقة نفوذ في المفاوضات القائمة منذ فترة طويلة حول مستقبل سوريا.

 

ووفق خبراء عسكريين، فإن أهمية القاعدة الأميركية في التنف تكمن في موقعها عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن؛ مما يمنح القوات فيها مساحة للمناورة داخل سوريا بأكثر من جهة وحتى خارجها إن لزم الأمر، وأيضا وقوعها على طريق الإمداد الرئيسي الواصل بين إيران ودمشق وبيروت عبر العراق، وتكمن أهميتها في قتال خلايا تنظيم الدولة التي يتزايد نشاطها عموما في بادية “الشامية”، بعد فقدان التنظيم سيطرته المكانية في كل من سوريا والعراق.

 

وقبل عام 2016، كانت المنطقة المحيطة بالقاعدة خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة قبل طرده منها على يد قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، ومنذ ذلك الحين استخدمتها الولايات المتحدة قاعدة تدريب لجماعات من المعارضة السورية.

 

وتقع القاعدة على واحد من الطرق السريعة الرئيسية بين بغداد ودمشق؛ وهو المسؤول -وفق ما تقوله واشنطن- عن نقل إمدادات الأسلحة من إيران إلى سوريا ومقاتلي حزب الله اللبناني، كما يحيط بالقاعدة حرم أو منطقة عازلة نصف قطرها يبلغ 55 كيلومترا تشكلت في إطار تفاهم أميركي روسي عام 2016.

 

وموقع التنف هو الوحيد الذي فيه وجود أميركي كبير في سوريا خارج الشمال الذي يسيطر عليه المقاتلون الأكراد المدعومون من واشنطن.

 

ومكّنت هذه المنطقة القوات الأميركية والدول المتحالفة معها من تقويض عمليات تنظيم الدولة، ومنعت دخول المليشيات الإيرانية، وفق تقرير معهد واشنطن. كما كان لها أثر ثانوي في استقطاب آلاف النازحين السوريين لمخيم الركبان الذي يبعد فقط بضعة أميال عن القاعدة على الجانب السوري من الحدود، وحمايتهم من هجمات قوات النظام.

 

وفي ذروته، كان الركبان ملجأ لأكثر من 50 ألف نازح سوري، رغم أن هذا العدد -وفق التقارير- تراجع إلى نحو 10 آلاف على مرّ السنوات في ظل عودة عدد من قاطنيه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في أعقاب إبرام العديد من الصفقات مع دمشق.

 

جيش مغاوير الثورة

 

كذلك يحتضن مخيم الركبان عائلات فصيل المعارضة الرئيسي في “قاعدة التنف العسكرية”، والمسمى “جيش مغاوير الثورة”، وهي جماعة من ضباط وعسكريين سوريين سابقين ينحدر معظمهم من محافظة دير الزور (شرق) التي سيطر تنظيم الدولة عليها في هجومه الواسع في سوريا والعراق صيف عام 2014 قبل طرده منها بعد أعوام.

 

وعن الدور الذي يلعبه الفصيل المدعوم أميركيا في القاعدة، أفاد المكتب الإعلامي لجيش مغاوير الثورة في تصريح مكتوب سابق للجزيرة نت بأن مهمته الرئيسية هي حماية المنطقة التي تقع فيها القاعدة ومحيطها، ومنع محاولات التسلل من قبل تنظيم الدولة والنظام، بالإضافة إلى مكافحة تهريب المخدرات بكافة أشكالها.

 

وحول مدى قدرته على حماية تلك المنطقة الواسعة رغم عدد عناصره المحدود، أشار الفصيل إلى أنه يقوم بذلك من خلال “الخطط العسكرية المحكمة والتنسيق العالي مع الأصدقاء في التحالف الدولي”، وفق المصدر نفسه.

 

وتقدّر وزارة الخارجية الأميركية انتشار نحو 300 عنصر من فصيل “مغاوير الثورة” في المنطقة العازلة المحيطة بالقاعدة. وكانت القوات الأميركية دربت الفصيل منذ ترسيخ وجودها في القاعدة، وتتعاون معه حاليا في مهام مكافحة تنظيم الدولة والمهمات الإنسانية.

زر الذهاب إلى الأعلى