أخبار عربيةالأخبارمصر

كيف تفاعل مصريون بالخارج مع خطط حكومية السيسي لجذب أموالهم؟

رفض مصريون مقيمون في الخارج مساعي حكومة بلادهم لجلب أموال منهم بالخارج بالعملات الصعبة، وتحقيق أكبر استفادة منها عبر أوعية ادخارية بنكية خاصة بهم، أو المشاركة بمشروعات قومية، أو المساهمة بشركة خاصة بالمصريين في الخارج.

 

الحكومة المصرية بدأت بالفعل التجهيز لإنشاء شركة مساهمة للمصريين بالخارج في مختلف الأنشطة الاقتصادية، مع طرح أسهم في المشروعات القومية، والتواصل مع المستثمرين المصريين بالخارج.

 

وتخطط القاهرة للحصول على كعكة مالية تقدر بنحو 32 مليار دولار سنويا، هي حجم تحويلات المصريين بالخارج، والتي تقارب قيمة صادرات البلاد، وتتخطى إيرادات قطاع السياحة، ومدخلات قناة السويس، وفق مراقبين.

 

شركة.. وأسهم

 

في هذا الإطار، عقد رئيس الهيئة العامة للاستثمار، محمد عبد الوهاب، اجتماعا بوزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، سها جندي؛ لبحث آليات تنفيذ مقترح الوزارة بإنشاء شركة مساهمة للمصريين بالخارج، وطرح أسهم لهم بالمشروعات القومية.

 

تلك الخطوات تأتي في ظل سعي حكومي لتوفير بدائل تمويلية تحصل بها على الدولار الأمريكي بشكل خاص لدفع التزاماتها في استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية، ودفع أقساط وفوائد الدين الخارجي البالغ 157.8 مليار دولار، في آذار/ مارس الماضي.

 

وتشهد البلاد انخفاضا في متحصلات النقد الأجنبي بنسبة 1.7 بالمئة، وفق النشرة السنوية لإحصاءات متحصلات ومدفوعات النقد الأجنبي، (2020/ 2021) الصادرة مطلع آب/ أغسطس الماضي، وذلك بنحو 126.7 مليار دولار مقابل 128.9 مليار دولار في (2019/ 2020)

 

لكن، الأرقام الرسمية المعلنة عن تحويلات المصريين بالخارج كانت سببا في الخطط الحكومية المذكورة، خاصة مع ما كشفه البنك المركزي عن ارتفاع التحويلات في 2021/ 2022، مسجلة 31.9 مليار دولار، بنسبة نمو 1.6 بالمئة، مقابل 31.4 مليار دولار في 2020/ 2021.

 

كما أن الأرقام المعلنة عن عدد المصريين بالخارج مثلت إغراء آخر للحكومة المصرية للتوجه نحو أموالهم، إذ أنه وفي 28 كانون الثاني/ يناير 2022، أكدت وزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم، أنهم ما بين 10 إلى 14 مليونا.

 

وهناك نحو 5 ملايين بالدول العربية الخليجية بينهم 3 ملايين بالسعودية وحدها، ونحو 31 بالمئة منهم في الأمريكيتين وفق تقدير لعام 2020، التي سجلت فيه أوروبا نسبة 12.8 بالمئة من عدد المصريين بالخارج.

 

اهتمام حكومي

 

وتمثل تحويلات المصريين العاملين بالخارج موردا مهما للنقد الأجنبي، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد مع هروب نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر، وتراجع حركة السياحة، وزيادة فاتورة الاستيراد، بتأثير الحرب الروسية الأوكرانية.

 

وذلك إلى جانب زيادة الطلب على العملة الصعبة وتراجع قيمة الجنيه، ما دفعت جميعها الحكومة للبحث عن مصادر تمويل أخرى بجانب الاقتراض من صندوق النقد الدولي.

 

لذا شهدت الفترة الأخيرة اهتماما حكوميا وإعلاميا لافتا بجذب وتحويل أموال المصريين من الخارج.

 

منتصف آب/ أغسطس الماضي، عقدت وزارة الهجرة المؤتمر الثالث للكيانات والمصريين بالخارج، في العاصمة الإدارية الجديدة، لمناقشة المبادرات والمقترحات والطلبات لجذب تحويلات ومدخرات واستثمارات المصريين بالخارج.

 

وفي 2 أيلول/ سبتمبر الجاري، استقبل محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبد الله، وزيرة الهجرة سها جندي، لبحث طرق التيسير على المصريين بالخارج في الأوعية الادخارية، وطرح محفزات لزيادة مشاركتهم بالمشروعات القومية.

 

وفي 7 أيلول/ سبتمبر الجاري، انضم بنك القاهرة لمساهمي شركة أيباج (IBAG) لخدمات تحويل الأموال، بعد شراء حصة من شركة الأهلي كابيتال القابضة التابعة للبنك الأهلي، وبنك مصر، لتسهيل إجراءات تحويلات المصريين العاملين بالخارج.

 

وعقدت معظم الصحف الحكومية والتابعة لأجهزة سيادية إلى جانب برامج “التوك شو” الرئيسية بالفضائيات جلسات نقاش وتقارير صحفية عن ضرورة الاستفادة من أموال المصريين بالخارج، وتقديم بعض التسهيلات لهم في تجديد الأوراق وغيرها.

 

ذكريات سلبية

 

لكن تلك المقترحات والتوجهات تصطدم بذكريات سلبية لدى مصريين بالخارج مع النظام الحالي، وخاصة أزمة شهادات استثمار البنوك التي اشتروها ضمن مشروع حفر تفريعة قناة السويس الجديدة ودفعوا نحو 64 مليار جنيه مصري (8 مليارات دولار) حينها.

 

بعدها عاني الكثير من المودعين في الحصول على فوائد أموالهم، التي خسرت الكثير من قيمتها مع قرار الحكومة المصرية تعويم الجنيه عام 2016 بطلب من صندوق النقد الدولي، ليخسر المودعون نحو نصف قيمة مدخراتهم، مع انخفاض العملة المحلية من نحو 8 إلى 20 ثم إلى 16 جنيها مقابل الدولار.

 

كما أن ذلك المقترح يأتي بعد أيام من مقترح برلماني بجمع أموال من المصريين العاملين بالخارج لفك أزمة الدولة المصرية مع السيولة في العملات الأجنبية، ما اعتبره مقيمون بالخارج محاولة للسطو على أموالهم.

 

وفي 27 آب/ أغسطس الماضي، اقترح عضو مجلس النواب مجدي الوليلي تجميع 25 مليار دولار من المصريين بالخارج عبر مساهمة 10 بالمئة منهم تبلغ 25 ألف دولار بالإيداع أو التنازل عنها بالسعر الرسمي للبنك المركزي، بدلا من الاقتراض من صندوق النقد الدولي.

 

حينها لاقى المقترح رفضا من المصريين بالخارج، الذي أكد بعضهم حينها أنهم يعانون كثيرا في تحويل أموالهم إلى مصر، وتضطرهم القيود الحكومية والبنكية إلى التعامل مع سماسرة لتحويل أموالهم.

 

كما لفتوا إلى معاناتهم مع تعقيدات مشروعات الإسكان وطرح الأراضي بالدولار والعملات الأجنبية والتي طرحتها المجتمعات العمرانية الجديدة ووزارة الإسكان قبل سنوات، إلى جانب أزمات أبنائهم في التعليم ومع تجديد أو استخراج أوراقهم الثبوتية.

 

رد فعل المصريين

 

وتم التواصل مع عدد من المصريين العاملين بالسعودية والكويت وأوروبا وأمريكا، وطرح عليهم تساؤلاتها حول مدى قبولهم لمقترح إنشاء شركة مساهمة للمصريين بالخارج، واحتمالات قبولهم المشاركة في المشروعات القومية عبر شراء أسهم بها، وعن مخاوفهم وأوجه اعتراضهم.

 

وأجمع المتحدثون على مخاوفهم من انخفاض قيمة أموالهم بالادخار بالبنوك المصرية خاصة مع التراجع المتواصل لقيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية وهي الأزمة المستمرة، وذلك إلى جانب مخاوفهم من الاستثمار بوطنهم لغياب عناصر الأمان والشفافية وعدم الثقة في الحكومة.

 

المغيبون فقط

 

لن يقبل بهذه التوجهات إلا المغيبين من أتباع نظام السيسي، الذي عودهم على تقديم مشاريع (الفنكوش) والتي خسروا فيها أموالهم من قبل، كان هذا رأي المغترب المصري (ت. ب) بإحدى الدول العربية.

 

وأكد أنها طريقة جديدة لسرقة أموال المغتربين بالباطل لسد العجز الموجود بالميزانية ولسداد القروض المستحقة آخر العام الجاري.

 

انعدام الثقة

 

رغم حبي الكبير لبلدي إلا أنه بالطبع لن أقبل وكثيرون مثلي بهذه التوجهات”، مضيفا أن “الدولة لم تفعل أي شيء للمصريين بالخارج ودائما تثقلهم بالأعباء ولا توجد ثقة فيهم نهائيا”، كانت تلك كلمات المهندس “ع. ر”.

 

وتساءل: كيف لدولة لم تقدم للمغتربين أية خدمات، وعلى العكس ترهقهم بالعراقيل في كل موقف وخطوة وإجراء وخدمة وورقة رسمية، أن تطلب منا تسليم نتيجة شقائنا وشقاء السنين لها بدون أي ضمان أو ثقة سابقة.

 

ليقدموا أولا عربون محبة للمغتربين، كأن يسمح لمن مر عليه 5 سنوات بالخارج أن يجلب سيارة له إلى مصر بدون جمارك أغلى في بعض الأحيان من ثمنها، وفق مهندس مصري.

 

ويرى أنهم بعيدا عن الشركة التي ينوون طرحها، فإنهم حتى لو فتحوا باب شراء الأسهم في مشروعات قومية مثلما حدث أثناء حفر تفريعة قناة السويس، أو شراء أسهم في شركات بالبورصة بالدولار، فإنهم في النهاية سوف يسرقوها، ناهيك عن انعدام ثقة المغتربين فيهم.

 

وقال إن ما يجري معنا في السفارات وعند العودة إلى مصر من ابتزاز مالي كفيل بأن تنعدم الثقة، خاصة مع ما يتم خصمه من الموظفين الحكوميين من ضرائب وتأمينات ورسوم عند الحصول على إجازة للسفر للخارج وتجديدها، أو تجديد أوراق السفر.

 

ولفت إلى أنه عند تجديد جوازات السفر الجديدة له ولأسرته دفع 1950 جنيها (100 دولار) للفرد، بحجة التأمين على المسافرين لشركة أمان (شركة تحصيل إلكتروني تابعة لوزارة الداخلية).

 

لا مرحبا بهم

 

المغترب المصري، “ر. ع”، أكد أن هناك “أزمة ثقة يعززها فشل اقتصادي ذريع”، مشيرا إلى أزمات تغلب الفساد وعدم الشفافية وتغليب مصلحة الكبار على مصالح ملايين المصريين.

 

وأضاف: بصرف النظر عن رفض نحو 90 بالمئة من العاملين بالخارج للنظام بدليل تصويتهم المرتفع بالانتخابات إبان ثورة ٢٠١١، والعزوف عقب الانقلاب عن المشاركة، فإن سوء إدارة البلاد عموما والاقتصاد خصوصا يثير التساؤلات حول نجاح أي مشروع تديره الحكومة الحالية.

 

وأشار إلى أن القروض المعلنة تخطت 157.8 مليار دولار خارجيا، بخلاف الدعم الخليجي الذي تعدى الـ50 مليار دولار، ذهبت جميعها أدراج الرياح ولم نر لها ثمارا حقيقة سوى هياكل خرسانية تباع في صورة شقق لا يقدر على ثمنها سوى الأغنياء.

 

وأكد أن المصري بالخارج يحتار أين يستثمر أمواله؟ ولعله أقبل على الأراضي المطروحة بالدولار كونها أصل ثابت يضع يده عليه، أما الاستثمار بشركات يسهل إعلان إفلاسها أو لا تحقق أرباحا في ظل تاريخ معلوم لشركات الحكومة ثم بيعها بثمن بخس، يحيط الفكرة، بالريبة.

 

ويرى أن الدولة تعاني غياب استراتيجية نمو واضحة ذات أبعاد محددة، ولا تهتم بالمشاريع الصناعية والإنتاجية، فضلا عن استحواذ جهاز المشروعات الوطنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة على المشاريع الكبرى واحتكار قطاعات بعينها.

 

ويعتقد أن ذلك ينطوي على انعدام الشفافية، وسرية الميزانية، وتجهيل مصادر التمويل، وأوجه الإنفاق، بزعم حماية الأمن القومي”، خاتما بقوله: “لذلك فلا مرحبا بهم ولا بأوهامهم.

 

فساد متجذر

 

وقال مغترب رابع إن المجتمع الاقتصادي نفسه يقوم على مجموعة من المحتالين، والاقتصاد وعجلة التنمية يدوران على الرشى والنصب خاصة قطاعات العقارات والاستثمار.

 

(م. ع) أضاف: لكي تحصل على أي تسهل وجب عليك دفع نسب لمن هم في أعشاش الدبابير، ولتقوم بمشروع وتحتاج تسهيلات حكومية لا بد أن تكون تابعا للدولة بشكل مباشر، ومن ييسر لك الأمر يحصد نسبة ما بين 40 و60 بالمئة في بعض الأحيان.

 

وأكد أنه بالتالي أنت في مجتمع لا يعاني من قلة السيولة بقدر ما يعاني من شدة النهب ومن حجم بشع من السرقات، وفي الوقت الذي تموت فيه الدولة هناك مشروعات بمليارات الجنيهات تسير بمنتهى الأريحية.

 

ويرى أن البيئة غير صالحة للاستثمار أو أن تضع فيها أمولا كادخار”، موضحا أنه “لو دخل مستثمر بمليون دولار منذ 4 سنوات وقام بتحويلهم للعملة المحلية فكم مكسبه في هذه السنوات؟.

 

ويعتقد أن أي نقود ستضعها في مصر بعد تحويلها للعملة المحلية لن تحصد أرباحا بل ستخسر من رأس المال؛ لذا فالموضوع مرفوض ومنته طالما أن الآليات وطرق العمل والأشخاص فاسدون ليسوا رئيسا أو حكومة فقط، بل إن “السيستم” ذاته له تاريخ متجذر من الفساد.

زر الذهاب إلى الأعلى