أخبار عالميةالأخبار

مدفوعات الغاز بالعملات المحلية.. خطوة روسية صينية لتخلص من الدولار

مرة أخرى، أضافت روسيا والصين، خطوة جديدة نحو إزالة الدولار الأمريكي من مدفوعات التجارة البينية للبلدين، ضمن جهود لتخفيف أثر تذبذب الدولار على اقتصاديهما.

 

وقالت شركة غازبروم الروسية هذا الأسبوع، إنها وقّعت اتفاقاً لبدء تحويل مدفوعات إمدادات الغاز لبكين إلى اليوان والروبل بدلاً من الدولار.

 

ويُعدّ هذا التحول جزءاً من دفعة من جانب روسيا لتقليل اعتمادها على الدولار واليورو والعملات الصعبة الأخرى، في نظامها المصرفي والتجارة، وهو دافع سرّعته موسكو منذ أن تعرضت للعقوبات الغربية رداً على الحرب في أوكرانيا.

 

والصين شريك تجاري رئيس مع روسيا، ولديهما علاقات اقتصادية وثيقة، بل إنّ بكين أصبحت المنقذ لروسيا لتصريف صادرات موسكو للطاقة الأحفورية.

 

وسهّلت الصين وروسيا تداول زوج العملات في أسواقهما منذ سنوات، عندما كان كلاهما يسعى لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

 

وبدأت بورصة Micex في موسكو تداول اليوان مقابل الروبل في عام 2010، وهو نفس العام الذي سمحت فيه الصين للزوجين بالتداول في الداخل.

 

وانخفضت حصة الدولار في الصادرات الروسية إلى الصين إلى نحو 40 في المئة الآن من ما يقرب من 100 في المئة في عام 2013.

 

وبينما لا تتوفر معلومات دقيقة عن حصة الدولار واليورو في مدفوعات التجارة الروسية، إلا أن خبراء في بلومبرغ يُقدّرون النسبة بـ80 في المئة.

 

إجراء مفيد ولكن!

 

من الناحية النظرية، قرار البلدين مفيد لاقتصاديهما، ويسهل الحسابات ويصبح مثالاً للشركات الأخرى ويعطي دفعة إضافية لإزالة الدولار من مدفوعات التجارة والحسابات الجارية ككل.

 

تأتي هذه الخطوة، بعد أن أجبر الرئيس فلاديمير بوتين في وقت سابق من هذا العام، العملاء الأوروبيين على فتح حسابات بنكية بالروبل لدى Gazprombank والدفع بالعملة الروسية إذا أرادوا الاستمرار في تلقي الغاز الروسي.

 

القرار المشترك، سيحافظ على وفرة النقد الأجنبي، بالتحديد الدولار، في الدورة الاقتصادية لكلا البلدين، وسيقلل من تخارجهما على شكل مدفوعات ولكن ضمن سقوف معينة.

 

وبحسب بيانات منظمة التجارية العالمية، يشكل الدولار نحو 85 في المئة من مدفوعات التجارة حول العالم، بينما النسبة المتبقية تتوزع على باقي العملات، وهي نسبة تظهر حجم قوة الدولار كعملة تجارة رئيسة.

 

إلا أن تذبذبات سعر صرف الدولار قد تكون تحت السيطرة، ومقبولة لدى أطراف التجارة العالمية، أكثر من التذبذبات التي تشهدها العملتان الروسية والصينية.

 

وما يزال الروبل الروسي “القوي” عُرضة لتذبذبات ومحاولات من البنك المركزي الروسي لإضعافه، بعد أن ارتفع بقوة أمام الدولار إلى قمة تزيد على ثلاثة أعوام، خلال وقت سابق من يونيو/حزيران الماضي، عند قرابة 55 أمام دولار.

 

وفي الأسبوع الأول من مارس/آذار الماضي، تراجع سعر صرف الروبل إلى 150 أمام الدولار، قبل أن يرتد صعودا بفعل إجراءات قادها البنك المركزي الروسي، مقارنة مع 76 روبل عشية الحرب.

 

اليوان هو الآخر، يشهد تذبذبات لكن أقل من العملة الروسية، وهي إشارة إلى أن مدفوعات التجارة قد تجري على أسس أسعار صرف ثابتة طيلة فترة الاتفاقية بين البلدين، حتى لا يقع البلدان عرضة لتذبذبات أسعار الصرف.

 

في مارس/آذار 2018، قال البنك المركزي الروسي إن 14 في المئة من احتياطياته الأجنبية مقوّمة بعملة اليوان الصيني، لكن حتى منتصف 2019، خسر اليوان 6.4 في المئة من قيمته، بسبب الحرب التجارية مع واشنطن.

 

بينما في 2020، تراجعت احتياطات البنك المركزي الروسي المقوّمة باليوان إلى 12 في المئة من إجمالي الأصول الاحتياطية، وهو مثال حي على آثار تذبذبات العملة.

 

وبنهاية 2020، بلغت نسبة الاحتياطات العالمية المقوّمة باليوان لدى صندوق النقد الدولي 2.25 في المئة، مقارنة مع 56 في المئة لعملة الدولار، إذ لم يساعد الحجم الهائل للاقتصاد الصيني في زيادة الصورة العالمية لعملته الوطنية.

 

الصين اليوم، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية، تمثل 13.5 في المئة من الصادرات العالمية و11.4 في المئة من الواردات العالمية، لكن اليوان يمثل 1.7 في المئة فقط من التسويات الدولية في 2021.

 

لكن الحاجة العالمية لروسيا، كمصدّر للغاز الطبيعي والنفط الخام والفحم، يجعل من احتمالية تذبذبات النقد الأجنبي غير واردة، إلا إن تعرّضت موسكو لعقوبات أمريكية، كتلك التي تعرّضت لها إيران.

 

على الأرض وفي موازين القوى، فإن روسيا ليست كإيران، إذ تملك موسكو قوة عالمية تجعل الحاجة الدولية لها أمراً لا مفر منه، بسبب الطاقة.

 

روسيا هي ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العامل، وتستحوذ على 11 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط، وأكبر منتج للغاز الطبيعي وتستحوذ على 17 في المئة من الإنتاج العالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى