أخبار عربيةالأخبار

الجيش المصري يعدم طفلا ومدنيين في سيناء

برزت مقاطع فيديو تظهر فيها قوات موالية للحكومة في شمال سيناء المصرية التي مزقتها الحرب وهي تقتل من تزعم أنهم مسلحون، بمن في ذلك أحد القصر، بعد إلقاء القبض عليهم، بحسب صحيفة “ميدل إيست آي”.

 

يظهر في أحد مقاطع الفيديو غلام، أكدت مصادر قبلية أنه أنس التياها، الذي يبلغ من العمر ستة عشر عاماً وينتمي إلى قبيلة التياها. يشاهد الغلام في الفيديو وهو مصاب ومستلق على بطنه، ربما بعد وقوع انفجار، ويده اليمنى مبتورة.

 

يمكن سماع أحد الرجال وهو يستجوبه حول تردد جهاز الإرسال الذي في قبضته. ثم يشاهد فيما بعد وهو يتعرض لإطلاق نار بثلاث رصاصات في الرأس.

 

تم بث مقطع الفيديو في العشرين من آب/أغسطس، بينما كانت العملية قد جرت خلال الأسبوع الأول من أغسطس، بحسب ما أكدته مصادر قبلية في حديث مع موقع ميدل إيست آي.

 

وفي مقطع آخر تظهر عملية إعدام رجل في منتصف الثلاثينات من العمر، يرتدي جلابية بيضاء ويداه مقيدتان خلف ظهره. يبدو في الفيديو مناشداً آسريه بعدم إطلاق النار عليه، حيث يُسمع وهو يقول: “أرجوكم الرحمة، يا الله الرحمة”، قبل أن تطلق عليه النيران أربع مرات.

 

نُشرت مقاطع الفيديو لأول مرة عبر قناة على تطبيق تيلغرام في السوشال ميديا، تابعة لاتحاد قبائل سيناء، وهو فصيل شبه عسكري موال للحكومة. يشارك اتحاد قبائل سيناء إلى جانب الجيش المصري في قتال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شبه جزيرة سيناء، في حملة تُشن منذ ثمانية أعوام تمخضت عن استئصال الآلاف وتركت العديد من البلدان والقرى مدمرة تماماً.

 

وفي مقطع فيديو سابق، يبدو الرجل ذو الجلابية البيضاء، والذي تقول مصادر قبلية إنها تمكنت من التعرف عليه ولكن رفضت إخبار موقع ميدل إيست آي باسمه، وهو يستسلم، هو وشخص آخر، بينما يسير نصف عار وحافي القدمين باتجاه مجموعة من عناصر المليشيا والجنود النظاميين. يظهر على الفيديو الذي بُث في الثالث عشر من يوليو / تموز، تعليق نصه: “الرسالة واضحة، وهي تقول للفئران في جحورها لن تنعموا بالسلام. فمع كل قطرة دم من دماء أبطالنا، سوف تطير رقاب.”

 

وفي فيديو رابع، يظهر رجل مسن، تقول مصادر قبلية تعرفت عليه إن اسمه أبو طارق، ويشغل موقعاً وسيطاً في تنظيم الدولة الإسلامية. في الثاني من يوليو / تموز نشرت مواقع تابعة لمختلف المجموعات شبه العسكرية الموالية للحكومة مقطع فيديو لأبي طارق بينما يتم استجوابه من قبل مقاتلين في المليشيات وفي الجيش النظامي.

 

تقول “ميدل إيست آي”، إنه يمكن رؤية أبي طارق وهو يرتدي صدرية زرقاء. وفي تدوينة لاحقة على قناة تيلغرام التابعة لاتحاد بئر العبد شبه العسكري، رفعت صور لنفس الرجل بعد قتله بالرصاص، وعليها العبارة التالية: “تمت التصفية”.

 

تم تأكيد صدقية مقاطع الفيديو من قبل ثلاثة مصادر قبلية. إلا أنها رفضت التصريح بمعلومات إضافية حول الرجال الذين تم التعرف عليهم، واكتفت بالقول إن أبناء قبيلة التياها يجري استخدامهم من قبل تنظيم الدولة كعناصر استطلاع، بينما الرجل ذو الجلابية البيضاء وأبو طارق هم من المسلحين.

 

وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال مصدر من قبيلة السواركة في سيناء إن فيديو قتل التياها أثار سخطاً عارماً في أوساط قبائل المنطقة. وقال إنه في وقت مبكر من هذا الأسبوع، زار وفد رفيع المستوى من المخابرات الحربية، برفقة بعض نواب البرلمان، عدداً من القبائل لتهدئة الخواطر والتأكيد لهم على الفوائد التي سيجنونها بعد إلحاق الهزيمة بمتمردي تنظيم الدولة الإسلامية.

 

انعدام الالتزام

 

لم تنشر أي من وسائل الإعلام المصرية شيئاً عن مقاطع الفيديو. وقال مصدر عسكري في تصريح لموقع ميدل إيست آي إنه يتم حالياً التحقيق في مقاطع الفيديو، ولكنه رفض تأكيد أو نفي محتواها. وأشار المصدر إلى وجود بعض الاستياء في أوساط كبار المسؤولين تجاه سلوك اتحاد قبائل سيناء، بما في ذلك استخدام التنظيمات شبه العسكرية التابعة له لوسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار نشاطاتها وعملياتها، متهماً إياها “بانعدام الالتزام”.

 

وصفت عايدة السواركة، عضو البرلمان عن شمال سيناء والتي تنتمي إلى قبيلة السواركة التي تتخذ بشكل عام موقفاً مؤيداً للجيش، مقاطع الفيديو بأنها “دعاية مضادة” من إنتاج تنظيم الدولة الإسلامية بهدف التأثير سلباً على معنويات مقاتلي القبائل.

 

وقالت في تصريح لموقع ميدل إيست آي: “في أي حرب، هناك الجبهة المادية والجبهة النفسية. تحاول داعش إحراز نقاط من خلال فبركة الأحداث ونشر الأكاذيب.”

 

وقالت النائبة، وهي عضو في لجنة الدفاع والأمن الوطني البرلمانية، إن أي “نشاطات عسكرية” من قبل اتحاد قبائل سيناء يتم تنسيقها من قبل جهاز المخابرات الحربية.

 

وأضافت: ينسق الاتحاد والجيش فيما بينهما جميع الهجمات والكمائن، وقد دعوا عناصر المجموعة الإرهابية إلى الاستسلام واعدين إياهم وعائلاتهم بمنحهم العفو.

 

وتحدثت عن ست وعشرين حالة استسلم فيها مسلحو الدولة الإسلامية إما بشكل فردي أو مع عائلاتهم، وذلك خلال شهر يوليو / تموز وحده.

 

تحمل سكان شمال سيناء وطأة الحملة المستمرة منذ ثماني سنين في المنطقة ما بين القوات المسلحة المصرية وإمارة سيناء، الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية. وكان مسلحو التنظيم قد بدأوا بشن الهجمات في 2011، حينما كانوا ينتمون إلى القاعدة، ثم فيما بعد بايعوا تنظيم الدولة الإسلامية وبدأوا يعلنون عن أنفسهم باسم إمارة سيناء.

 

لا توجد إحصائيات رسمية بعدد الضحايا الذين سقطوا في الصراع، ولكن بحسب تقارير أعدها باحثون مستقلون يحافظون على سريتهم لضمان سلامتهم، قتل ما يزيد عن 1500 من عناصر الجيش في الفترة من 2011 إلى 2018.

 

وفي هذه الأثناء تقول منظمة هيومان رايتس ووتش إن ما يزيد عن مائة ألف من مواطني شمال سيناء الذين يبلغ تعدادهم 450 ألفاً هجروا أو هاجروا من المنطقة منذ عام 2013.

 

منذ عام 2017، عندما بدأت قبائل سيناء بحمل السلاح والعمل عن قرب مع الجيش لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، شاركت المجموعات شبه العسكرية في شن كمائن وهجمات ضد المسلحين وكذلك في جمع المعلومات الاستخباراتية.

 

يتكثف القتال في شمال سيناء حالياً في قرية جلبانة القريبة من قناة السويس، ويتكبد الجيش المصري خسائر أسبوعية تقريباً. ولكن بسبب الرقابة المشددة لا يُسمح لأي من وسائل الإعلام المحلية بنشر أخبار ذات علاقة بنشاطات الجيش.

 

ومع ذلك تنظم لضحايا الجيش جنائز عسكرية كل في مقر إقامته. وبحسب ما تقول مصادر عسكرية فإن آخر الجنود الذين لقوا حتفهم هو محمد الحرباوي، وهو ضابط توفي في الثالث والعشرين من أغسطس في جلبانة. وكان الحرباوي يخدم في وحدة الصاعقة 103، والتي تتصدى للهجوم في تلك المنطقة.

 

مطالبات بالتحقيق في عمليات القتل خارج نطاق القانون

 

تعليقاً على مقاطع الفيديو، بادرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، التي تتخذ من لندن مقراً لها، بمطالبة السلطات المصرية بفتح تحقيق مباشر ومستقل وشفاف في عمليات القتل هذه وفي جميع عمليات القتل السابقة خارج نطاق القانون وبتقديم الجناة إلى العدالة.

 

وأضافت المجموعة الحقوقية: “ينبغي على السلطات توجيه أوامر وتعليمات واضحة ولا غموض فيها إلى جميع المجموعات القبلية التي يتم تسليحها من قبل الجيش المصري وتشارك في القتال خلال الشهور الأخيرة بأن العمل العسكري ينبغي أن يتم طبقاً للقانون، وأن الانتهاكات غير مقبولة، وأن من يرتبكون الانتهاكات سوف يقدمون للمحاكمة.”

 

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها القوات المصرية بارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القانون أثناء “القتال ضد الإرهاب”.

 

ففي شهر مايو / أيار من عام 2018، أثار مقطع فيديو، يقال إنه لجنود مصريين يعدمون شاباً في جزيرة سيناء، انتقادات من النشطاء الذين قالوا إن الجيش يخوض في المنطقة قتالاً تحت غطاء من السرية التامة. إلا أن الحادث المذكور لم يخضع للتحقيق لا من قبل النائب العام ولا من قبل مدعي عام الجيش.

 

وكانت مصر قد أعلنت الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2013، عندما أطاح جنرال الجيش السابق بسلفه محمد مرسي، الرئيس المنتخب ديمقراطياً.

زر الذهاب إلى الأعلى