أخبار عالميةالأخبار

الجفاف الأسوأ منذ 500 سنة في أوربا.. لماذا شحت المياه في أوروبا؟

ظلت كلمة “الجفاف” مصطلحا غريبا على الأوروبيين إلى غاية الأسابيع القليلة الماضية بعد أن تحولت القارة العجوز إلى كرة من اللهب تسجل درجات حرارة قياسية أدت لتراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى في القارة، وتحويل المساحات الخضراء إلى أراضٍ جرداء.

 

وتعيش القارة الأوروبية حالة من الجفاف غير المسبوق هو الأسوأ منذ 500 سنة، وفق ما أعلن مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية.

 

وحسب توقعات المصدر نفسه، فإن “الجفاف الحاد” أصاب 47% من القارة الأوروبية، كما أن ثلثي مساحة القارة باتت مهددة بالجفاف، علما أنه لحدود منتصف يوليو/تموز الماضي كانت 15% من مساحة أوروبا ضمن تصنيف “الجفاف الحاد”.

 

الوضع في أوروبا

 

فرنسا: أعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن عن تشكيل فريق للتعامل مع موجة الجفاف الأسوأ في تاريخ البلاد منذ 64 عاما، كما أن 100 منطقة في فرنسا باتت تعاني من غياب تام للمياه الصالحة للشرب، ومن المتوقع أن يستمر الوضع خلال الأشهر المقبلة.

 

وأعلنت شركة الكهرباء الفرنسية “إي دي إف” (EDF) عن تخفيض حجم الطاقة التي ينتجها أحد مفاعلاتها النووية بسبب ارتفاع درجة حرارة الماء الذي يتم استعماله لتبريد المفاعلات.

 

إسبانيا: أصبح مخزونها من المياه 40% فقط، وهو أدنى مستوى له بالتاريخ، وتتناقص هذه النسبة بحوالي 1.5% مع كل أسبوع تستمر فيه الحرارة المفرطة وتغيب فيه التساقطات المطرية، وحسب الحكومة الإسبانية فإن هذه السنة هي الأكثر جفافا منذ 60 عاما.

 

إيطاليا: رسميا، أعلنت الحكومة الإيطالية أن هذه السنة هي أكثر سنة جافة في تاريخ البلاد، وحسب الجمعية الإيطالية للأرصاد الجوية فإن ما يحدث في البلاد لم يتم تسجيله منذ أكثر من 230 سنة.

 

ومن أبرز مظاهر حالة الجفاف في البلاد الحالة المزرية لنهر “بو” الذي كان يبلغ طول تدفقه 652 كيلومترا، وتراجع إلى 10% عن المعتاد.

 

ألمانيا: يعتبر نهر “الراين” من أهم الأنهار في العالم، وعبره تمر أكبر حركة تجارية في أوروبا، ويربط ألمانيا بالموانئ الكبرى، خصوصا روتردام في هولندا، والموانئ في بريطانيا، وتراجع مستوى المياه في النهر أدى لتباطؤ حركة السفن فيه، وبلغ مستوى التأخير حوالي 132 يوما، وباتت بعض السفن تستوعب 25% فقط من قدرتها تجنبا للجنوح في النهر، وهو ما يؤدي لارتفاع تكاليف الشحن.

 

بلجيكا: سجلت بلجيكا أكثر سنة جافة في تاريخها منذ سنة 1885، كما تراجع منسوب المياه في عدد من أنهارها.

 

بريطانيا: أعلنت الحكومة البريطانية عن دخول 8 مناطق بالبلاد في حالة “جفاف حاد”، كما تم تسجيل أسخن صيف في تاريخ بريطانيا منذ سنة 1976، وكان يوليو/تموز الماضي الشهر الأكثر حرارة منذ سنة 1935 بعد أن تجاوزت درجة الحرارة 40 درجة مئوية في بعض المناطق، وحسب صحيفة “غارديان” البريطانية فإن بعض منابع نهر “التايمز” قد جفت، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد.

 

ما أسباب الجفاف؟

 

الجواب الأول الذي يقدمه العلماء هو التغيرات المناخية التي أدت لارتفاع درجات حرارة الأرض بنسبة درجة واحدة، إضافة إلى تراجع التساقطات الثلجية خلال فصل الشتاء، مما أدى لتراجع حجم المياه التي تتدفع عادة من الجبال، كما ارتفع منسوب استهلاك النباتات للماء لأنها تعاني من الجفاف وتراجع خصوبة الأرض.

 

لكن دراسة أخرى نشرت في موقع “نيتشر” (Nature) تقول إن درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا وما يصاحبها من جفاف سببه التغيرات في التيارات الهوائية التي تدفع الهواء الساخن من شمال أفريقيا نحو أوروبا.

 

كما أن الوضع قد يزداد سوءا بسبب ما يبدو أنه تراجع أوروبي عن هدف تقليص انبعاثات الغاز بنسبة 55% بحلول عام 2030، ذلك أن أزمة الطاقة تدفع الحكومات الأوروبية إلى العودة للأساليب القديمة، بما فيها الاعتماد على الفحم والوقود الأحفوري.

 

ما التكلفة الاقتصادية للجفاف والحرارة؟

 

تتسبب درجات الحرارة العالية وموجات الجفاف في خسائر كبيرة للاقتصاد الأوروبي، وحسب دراسة لعدد من الخبراء الاقتصاديين الأوروبيين، فإن موجات الحرارة الطويلة ستؤثر على الناتج الداخلي الخام لأوروبا، وتوقعت الدراسة نفسها أن نمو الناتج الداخلي الخام الأوروبي سيتراجع بنسبة 0.5% مقارنة بالسنوات العشر الماضية.

زر الذهاب إلى الأعلى