أخبار عالميةالأخبار

روسيا تحكم سيطرتها على شرق أوكرانيا وتخنقها اقتصاديا من البحر الأسود

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده كل من مايكل شوارتز ومارك سانتورا ومايكل ليفنسون قالوا فيه إن الواقع الجغرافي للحرب في أوكرانيا يشير إلى سيطرة الروس على معظم الشرق.

 

وفي تقرير من مدينة بكوروفسك، شرقي أوكرانيا قالوا فيه إن مضي ثلاثة أشهر على حرب تخللها التخطيط المعيب والمعلومات الأمنية الإستخباراتية والبربرية والتدمير الوحشي، إلا أن هذا أخفى ما حققته روسيا من مكاسب على الأرض.  وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم الثلاثاء إن قواتها في شرق اوكرانيا تقدمت إلى الحدود بين دونستك ولوهانسك، الإقليمين المتحدثين بالروسية حيث دعمت موسكو الإنفصاليين في حربهم ضد الجيش الأوكراني ومنذ 8 أعوام. وقوت تأكيدات وزارة الدفاع الروسية منظور إكمال روسيا سيطرتها على المنطقة المعروفة بدونباس، مقارنة ما كانت تسيطر عليه قبل الحرب في 24 شباط/فبراير وهو الثلث. ويظل هذا أقل من طموح ومخططات الرئيس فلاديمير بوتين والسيطرة على مناطق واسعة من أوكرانيا، بما فيها العاصمة كييف وكذا الإطاحة بالحكومة المعادية لموسكو واستبدالها بنظام تابع له.

 

ومهما يكن الأمر، فالسيطرة على دونباس والغزو الروسي الناجح لجنوب أوكرانيا وضمه شبه جزيرة القرم 2014 سيعطي بوتين ورقة ضغط مهمة في أية مفاوضات لوقف النزاع. هذا بالإضافة إلى العامل البحري الهام وسيطرة روسيا على البحر الأسود، المنفذ التجاري الوحيد لأوكرانيا على العالم، فقد أسهم الحصار الذي فرضته البحرية الروسية في حرمان كييف من التجارة وفاقم من أزمة الغذاء العالمي. وأشارت الصحيفة للشهادة التي قدمتها مديرة الإستخبارات الوطنية أفريل دي هينز أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ حذرت فيها من حرب طويلة يخطط لها بوتين وتحقيق السيطرة على أراض بعيدا عن دونباس، بما في ذلك خلق جسر بري مع الشاطئ الأوكراني على البحر الأسود. إلا أن هينز حذرت من أن بوتين قد يواجه صعوبات في الحصول على هذه المكاسب بدون عملية تعبئة واسعة وتجنيد، وهو أمر يتردد في عمله بالوقت الحالي. ونظرا لتناقض طموحات بوتين المناطقية مع قدراته العسكرية المحدودة، فقد قالت هينز إن الحرب يمكن أن تدخل في الأشهر المقبلة “مسارا من المحتمل أنه تصعيدي ومن الصعب التكهن به”، مما يزيد من احتمالات لجوء بوتين للخيار النووي.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن الأسابيع الماضية حيث خاضت القوات الروسية والأوكرانية حربا استننزاف شرسة، والنزاع الضاري على مناطق صغيرة وقرى يسيطر عليها الروس اليوم ليستعيدها الأوكرانيون بعد أيام.

 

ويعتمد الأوكرانيون وبشكل متزايد على شحنات الأسلحة والمساعدات الإنسانية القادم معظمها من الولايات المتحدة. ومرر مجلس النواب يوم الثلاثاء حزمة مساعدات طارئة بحوالي 40 مليار دولار. وقال الجنرال سكوت دي بيريير، مدير وكالة الإستخبارات الدفاعية بالبنتاغون والذي كان إلى جانب هينز، لا ينتصر الروس ولا الأوكرانيون ونحن في حالة جمود هنا.

 

ولكن روسيا حققت واحدا من أهم أهدافها وهو السيطرة على جسر بري يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم. وعندما أمر بوتين بالغزو، تدفق أفضل جنوده المدربين من القرم وجنوب روسيا وسيطروا على شريط من الأراضي على طول بحر أزوف. ولم يبق سوى مقاومة بسيطة وتتلاشى في مصنع الفولاذ “أزوف ستال” حيث لا يزال يتحصن فيه بضعة مئات من المقاتلين الجوعى في الخنادق الارضية. إلا أن جهود روسيا لبناء جسر بري تواجه صعوبات نتيجة نشر القوات الأوكرانية على الجبهة الشرقية- الغربية التي تتخللها حقول القمح وتتبتلعها أحيانا القرى والبلدات.

 

ورغم استمرار القصف المدفعي الروسي والمقذوفات الصاروخية بترويع المحليين وتدمير البيوت إلا أن روسيا لم تنشر قوات كافية كي تحرك الجبهة بشكل مهم أو تهدد المركز الصناعي في زابورزهيا، أكبر مدينة واقعة قرب جبهات القتال، كما قال العقيد أوليغ غونشاروك، قائد الكتيبة الهجومية المنفصلة 128 في مقابلة معه الشهر الماضي. وقال “سيحاولون منع قواتنا من التحرك أماما ويحاولون تقوية مواقعهخم” و “لكننا  لا نعرف الأوامر لديهم أو ما يريدون تحقيقه”. إلا أن القتال الشرس هو في دونستيك ولوهانسك. ففي مستشفى كراماتورسك، المدينة في دونستيك لا يتوقف تدفق سيارات الإسعاف التي تحمل الجرحى من الجبهة والذي يتحدثون عن إصاباتهم بسبب القصف المستمر. وهناك 80% من المرضى في المستشفى أصيبوا بسبب الإنفجارات والألغام والقصف المدفعي كما يقول الكابتن ادوارد أنطوفسكي، نائب قائد الوحدة الطبية في المستشفى. ولهذا السبب فقلة من المرضى يعانون من جراح خطيرة، فإما أنك بعيد عن الإنفجار لكي تنجو أو أنك قريب فلا تنجو. وإما أن تصاب بجراح طفيفة أو تموت.

 

ويسيطر الروس على 80% من منطقة دونباس، حسب مسؤولين أوكرانيين ويركزون جهودهم الآن على جيوب خاضعة للأوكرانيين ومركزها كراماتورسك. ويسمع في كل أنحاء المدينة دوي قتال بعيد ودخان كثيف مثل غيمة صباحية.

 

وتقوم القوات الروسية وبشكل يومي بإطلاق مقذوفات صاروخية وغارات جوية على المدينة نفسها، إلا أن العقاب الشديد ينال تلك الأماكن القريبة من مدى المدفعية الروسية. وبعيدا عن كراماتورسك بمسافة 62 ميلا، بلدة سيفردونستك، حيث تم نصب المدفعية الروسية على مسافة خمسة أو ستة أميال خارج المدينة ولا يتوقف القصف إلا نادرا مما يجعل من الصعوبة أمام سكانها البالغ عددهم 15.000 نسمة الخروج من مخابئهم.

 

وقال قائد شرطة منطقة لوهانسك، أوليغ غريغوروف إن الوضع يشبه ما حدث لستالينغراد أثناء الحرب العالمية الثانية  عندما حرفت القوات الروسية ميزان الحرب ضد النازيين ولكن بعد تكبدها خسائر فادحة. وقال غريغوروف “لن تنتهي أبدا” وتم تدمير أحياء بكاملها، ولأيام وأسابيع لم يتوقف القصف، وهم يبيدون البنى التحتية والسكان المدنيين عن قصد.

 

ولم يتوقف حصار روسيا لأوكرانيا من البحر الأسود، إلا أنه لم يخفف من طموح الكرملين للسيطرة على أوديسا، أهم ميناء في أوكرانيا والذي تعرض لعدة هجمات جوية. وفي آخر هجوم آطلق الروس سبع صواريخ ضربت مركز تسوق ومخزن للبضائع الإستهلاكية، مما أدى لقتل شخص وجرح آخرين، حسب المسؤولين الأوكرانيين. وجاء الهجوم بعد ساعات من زيارة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشل المدينة  وعندما أجبر على البحث عن مخبأ بسبب هجوم آخر. وانتقد ميشيل الذي التقى رئيس الوزراء الأوكراني دينس شايمال روسيا بخنق عمليات تصدير القمح الأوكراني.

 

وقال ميشل “شاهدت صوامع مليئة بالقمح والذرة جاهزة للتصدير” و “هذا طعام يحتاج إليه لكنه معطل بسبب الحرب والحصار الروسي المفروض على موانئ البحر الأسود تاركا تداعيات خطيرة على الدول الضعيفة”. ودعا الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي المجتمع الدولي الضغط على روسيا لرفع الحصار. ومن المتوقع انكماش الإقتصاد الأوكراني بنسبة 30% هذا العام، حسبما قال البنك الأوروبي للتنمية والإعمار يوم الثلاثاء.

زر الذهاب إلى الأعلى