أخبار عربيةالأخبارتونس

مخاوف من أزمة غذاء في تونس

لم يعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الشغل الشاغل للتونسيين، في ظل أزمة جديدة تتعلق بفقدان مواد أساسية مدعمة من السوق، كالسكر والطحين والزيت، في وقت حذر فيه خبراء من أن الأمن الغذائي بات مهددا مع استيراد تونس أكثر من 80% من احتياجها من القمح من أوكرانيا وروسيا وأوروبا.

 

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك لا يخفي العديد من التجار الذين تحدثت معهم الجزيرة نت مخاوفهم من حدوث انقطاعات في التزود من مواد أساسية كالزيت والسكر والدقيق والطحين والبيض والأرز، رغم التطمينات الحكومية.

 

نقص المواد المدعمة

 

ويؤكد نضال إبراهيم وهو صاحب فضاء تجاري أن اللهفة التي عاينها في هذا الشهر من قبل التونسيين وإقبالهم على شراء وتخزين مواد أساسية لا سيما المعجنات (المعكرونة والباستا ومشتقاتهما) والزيت رغم ارتفاع أسعارها لم يعهدها في الأشهر الماضية، وعزاها إلى مخاوف بخصوص تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

 

الإقبال غير المسبوق على الشراء أكده مسؤول في الديوان التونسي للتجارة، في تصريح للإعلام المحلي، معتبر أن نسق المبيعات المتعلقة بمادتي السكر والأرز شهد في الأسبوع الأول من شهر مارس/آذار ارتفاعا بلغ حدود 100%، وهو ما جعل هذه المواد تختفي من السوق في وقت وجيز.

 

وكان الرئيس التونسي قد أعلن منذ أيام خلال لقائه بوزير الداخلية عن شنّه “حربا بلا هوادة” على المحتكرين ومن يتلاعبون بقوت الشعب، معتبرا أن النقص الحادث في المواد الغذائية هو بفعل فاعل لضرب السلم الاجتماعي في البلاد.

 

وحذر خبراء في الاقتصاد من أن معالجة أزمة نقص المواد الغذائية لا يكون باعتماد مقاربة أمنية وشنّ حملات عشوائية على التجار وفضاءات التخزين حتى القانونية منها، بل بخطط اقتصادية تتضمن إشراك جميع الهياكل والوزارات المتداخلة بعيدا عن منطق المؤامرات.

 

قرار حكومي بتخفيض التزويد بالقمح

 

ويرى وزير التجارة السابق محسن حسن -في حديثه للجزيرة نت- أن فقدان مواد أساسية من الأسواق التونسية لا سيما المعجنات منها والخبز ليس كله مفتعلا، بل يعود جزء من ذلك إلى قرار حكومي غير معلن بتخفيض تزويد المطاحن من مادة القمح بنسبة 20%.

 

وأرجع الوزير السابق هذا القرار إلى عجز الدولة عن تسديد مستحقاتها من الشراءات لمادة القمح التي تستوردها من الخارج، محذرا في السياق ذاته من أزمة أمن غذائي إن لم تتخذ الدولة احتياطاتها في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

 

وتابع قوله “تستورد تونس 84% من احتياجها من مادة القمح اللين و50% من القمح الصلب من أوكرانيا وروسيا وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، وهناك خشية حقيقية من نقص هذه المادة في ظل إعلان روسيا وأوكرانيا إيقاف التصدير”.

 

وحث حسن الحكومة على إيجاد بدائل حقيقية في ما يتعلق باستيراد مادة القمح، والبحث عن حلول للبواخر الأجنبية المحملة بأطنان من القمح والراسية منذ أشهر في موانئ تونسية بسبب عدم قدرة الدولة على خلاصها بالعملة الصعبة، فضلا عن ضعف طاقة التخزين.

 

ودفعت سلسة المداهمات الأمنية لمخازن السلع والمواد الغذائية التجار وهياكلهم النقابية إلى إطلاق صيحة فزع محذرين من جملة انحرافات شابت الحملة وشملت المخازن القانونية تحت ذريعة مكافحة الاحتكار.

 

ونبهت “الغرفة الوطنية لتجار المواد الغذائية بالجملة” -في بيان رسمي- إلى أن استمرار ترويع التجار وتشويههم سيكون له تداعيات خطيرة على هذه الحلقة الرئيسة من التوزيع وعلى قوت المواطن وعلى النسيج الاقتصادي ككل.

 

وطالبت الغرفة النقابية وزارة التجارة بوضع حلول نهائية لتجاوز النقص الفادح في المواد الغذائية المدعمة، كما طالبت بمصارحة هياكل الدولة والشعب بالظرف الصعب الذي تعيشه البلاد والذي أدى إلى نقص كبير في المواد الأساسية بخاصة المدعمة.

 

ارتفاع نسب التضخم

 

وعلى صعيد متصل، أعلن المعهد الوطني للإحصاء في تونس ارتفاع نسبة التضخم لشهر يناير/كانون الثاني 2022 لتبلغ مستوى 6.7% ليتواصل نسق الارتفاع للمرة الرابعة على التوالي، وسط تحذيرات خبراء من بلوغه أرقاما قياسية في ظل أزمة سياسية واقتصادية عالمية.

 

ورأى الخبير المالي آرام بلحاج -في حديثه للجزيرة نت- أن ارتفاع معدل التضخم كان متوقعا نظرا لارتفاع أسعار المواد الأولية على نطاق عالمي، وهو ما سينتج عنه انخفاض القدرة الشرائية للمواطن وهبوط الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية.

 

وحذر بلحاج مما وصفها بوضعية “الركود التضخمي” المترافق مع نمو اقتصادي ضعيف جدا يعقّد عمليات الإنعاش الاقتصادي، مقرًّا بصعوبة الوضع، وداعيا الحكومة لاتخاذ إجراءات عاجلة في مجال مراقبة مسالك التوزيع والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

 

ويشار إلى أن الوكالة العالميّة للتصنيف الائتماني “فيتش رايتنغ” أعلنت الجمعة تخفيض الترقيم السيادي لتونس إلى “CCC” مع آفاق سلبية، وأوضحت الوكالة أن هذا التخفيض مردّه إلى ازدياد مخاطر السيولة المالية الخارجية في ظل التأخير الحاصل في إبرام الدولة اتفاقا جديدا مع صندوق النقد الدولي.

زر الذهاب إلى الأعلى