أخبار عالميةالأخبار

هجوم بوتين على أوكرانيا سيغير لندن إلى الأبد

نشرت صحيفة “إندبندنت” (Independent) البريطانية تقريرًا للكاتب بن جودا أوضح فيه كيف تحول العديد من المصرفيين والمحامين والمحاسبين وجماعات الضغط من جميع الأشكال والأحجام من أصحاب أعلى الرواتب في لندن على مدى عقود إلى جيش يدافع عن مصالح الكرملين ويتستّر على أصوله.

 

ورأى بن جودا أن الهجوم الروسي على أوكرانيا سيغيّر هذا الوسط إلى الأبد، فقد قامت حزمة العقوبات ضد الكرملين -التي أعلن عنها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مجلس العموم أمس السبت- بتجميد الأصول في جميع البنوك الروسية الكبرى، وفرضت هذه الحزمة قرار تجميد أصول مماثلة على أكثر من 100 شركة ورجال أعمال روس فضلا عن حظر السفر.

 

ويذكر الكاتب أن هذه العقوبات ستؤدي إلى تقويض “لندن غراد”، وهي عبارة تستخدم للدلالة على الملاذ الذي توفره مدينة لندن للمستثمرين ورجال الأعمال الروس. فالحدّ من مقدار الأموال التي يمكن للمواطن الروسي إيداعها في حساب مصرفي بالمملكة المتحدة ومنع الشركات الروسية من جمع التمويل في أسواق المملكة والكرملين من إصدار ديون سيادية في الأسواق  سيتسبّب في تعطيل سوق لندن خلال ما تبقى من عهد بوتين.

 

وإذا نجحت بريطانيا في إخراج روسيا من نظام الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) فسيكون هذا الملاذ على وشك الانتهاء تمامًا.

 

ويبيّن الكاتب أن لندن أصبحت مركزًا عالميًّا لخدمات الفساد بسبب عقود من القوانين البريطانية المتساهلة، والتطبيق الضعيف للقوانين القائمة، وعدم اتخاذ مؤسسة الحكم أي قرارات صارمة.

 

ويلفت إلى أنه على الرغم من الضغوط الشديدة من الناشطين والكرملين التي أدت إلى تحسين القوانين البريطانية في السنوات الأخيرة، فإن المملكة المتحدة تدير نظام مكافحة غسيل أموال يبدو حقيقيًّا للوهلة الأولى إلا أنه قابل للاختراق بسبب عدم دعم القوانين المكتوبة من خلال إنفاذ القانون أو العقوبات أو الملاحقات القضائية.

 

نتيجة لذلك -يضيف الكاتب- فقد قدرت منظمة الشفافية الدولية أن ما يزيد على 100 مليار جنيه إسترليني يتم غسلها سنويًّا في المملكة المتحدة، وهو أكثر من الضعف ونصف الضعف لما تنفقه بريطانيا سنويًّا على ميزانية الدفاع، مبينًا أن الأمر السخيف في هذا هو أن كثيرا من هذه الأموال تتسبب في زعزعة استقرار الدول الهشة أو تمويل أنظمة استبدادية معادية.

 

ويشير الكاتب إلى أنه يتعين على بريطانيا أن تفعل ما هو أكثر من مجرّد طرد أصدقاء بوتين من لندن ووقف سلسلة غسيل الأموال هذه، مؤكدا أنه على الرغم من سنوات من الإجراءات ضد غسيل الأموال في العقارات فإن أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني من الممتلكات في إنجلترا وويلز لا تزال مملوكة لأطراف مجهولة.

 

ويبيّن الكاتب أن النخبة السياسية الكازاخستانية التي تلطخت أيديها بالدماء في حملة القمع الأخيرة التي دعمها بوتين، لديها أكثر من 530 مليار جنيه إسترليني من الممتلكات في لندن وحدها.

 

ويرى أن من المهم أن يقوم الناشطون والسياسيون الآن بالضغط على بوريس جونسون للوفاء بوعوده بإنهاء “التأشيرات الذهبية”، وإصلاح هذا النظام في مشروع قانون الجرائم الاقتصادية القادم بما في ذلك الإصلاحات في “بيت الشركات” (Companies House) ، وهو سجل لملكية العقارات في الخارج، فضلا عن تكوين خلية جديدة في وكالة الجريمة الوطنية لكشف التهرب من العقوبات والأصول الروسية الفاسدة المخبأة في المملكة المتحدة.

 

ثروة نظيفة

 

ويشدد بن جودا على أنه يجب على وكالة الجريمة الوطنية ألا تنتظر جرائم الحرب لبدء التحقيق مع هؤلاء الفاسدين الذين لديهم ثروة غير مبررة، بل يتعين على بريطانيا أن تضع قوانين تُقيّد مقدار الأموال التي يتقاضاها السياسيون البارزون من الدول الفاسدة حتى يتمكنوا من إثبات أن مصادر ثروتهم نظيفة، ثم يجب أن تبدأ تنظيف النظام بتشريع جديد لوقف التمويل بأجندات خبيثة ينتهي بها المطاف بتمويل الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة.

 

يضاف إلى ذلك عزل الحياة السياسية البريطانية عن موضوع “الوظائف الثانية” التي ينالها النواب وأقرانهم لدى الفاسدين والمستبدين وشركاتهم ومصالحهم المملوكة للدولة.

 

وإذا لم تفعل بريطانيا ذلك -يضيف جودا- فإن دورها سيكون مقتصرًا على طرد الفاسدين الروس من لندن، ولن يشمل أولئك المتورطين مع جميع الأنظمة الأخرى في أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، التي تستخدم النظام المالي البريطاني والملاذات الضريبية الخارجية الموجودة في بريطانيا لتحقيق مصالحها، مبيّنا أنه يجب ألا يقتصر الأمر على ملاحقة الفاسدين، بل أيضًا ملاحقة الداعمين البريطانيين من المصرفيين والمحامين وأعضاء جماعات الضغط الذين يديرون أموالهم ويخفون ثرواتهم ويسعون لإسكات الصحفيين في ما يتعلق بقضايا التشهير غير القانونية ويسعون لتلميع صورتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى