أخبار عربيةالأخبارالأردن

تفاصيل مواجهة أردنية سورية مكتومة عنوانها تهريب السلاح والمخدرات

ما من مبالغة إن قلنا إن الحدود السورية الأردنية المشتركة التي يزيد طولها على 365 كيلو مترا، تشهد هذه الأيام مواجهة مكتومة بين سوريا والأردن، بسبب ارتفاع عمليات تهريب المخدرات والسلاح من الجارة الشمالية باتجاه الأراضي الأردنية.

 

تقول مصادر أردنية رفيعة للجزيرة نت إن الحدود التي لطالما تسببت بتوتر بين عمان ودمشق، تشهد اليوم توترا هو الأشد وطأة بين البلدين منذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011.

 

وتضيف المصادر -التي اشترطت عدم الإشارة إليها- أن حرس الحدود الأردني كان فيما مضى يواجه على خاصرته الشمالية الشرقية مع سوريا مجموعات صغيرة من مهربي السلاح والمخدرات، لكنه اليوم يواجه مجموعات ضخمة ومدربة، تحظى بحراسة ميليشيات مسلحة.

 

أحد المصادر الأردنية تحدث بحذر شديد للجزيرة نت، بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، قائلا “المؤكد أننا نواجه اليوم الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري التي يقودها ماهر الأسد (شقيق الرئيس السوري بشار الأسد) إضافة إلى ميليشيات شيعية موالية لإيران”.

 

تقارب واتهامات غير صريحة

 

المصدر نفسه، اعتبر أن مطبخ القرار السياسي والعسكري والأمني في عمان، لا يريد توجيه اتهامات صريحة لدمشق، في ظل التقارب السياسي الذي اشتدت وتيرته بين البلدين أواخر العام الماضي، وتوج بالإعلان عن اتصال هاتفي بين بشار الأسد والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وسبقته سلسلة لقاءات بين مسؤولين سوريين وأردنيين في العاصمة الأردنية.

وثمة قريبون من دوائر القرار الأردني، يرون أن الرئيس السوري لم يكن يرغب بتلك المواجهة، وأنه ربما يفقد السيطرة على الفرقة التي يقودها شقيقه.

 

وكانت الجزيرة نت جالت على حدود البلدين، ووصلت إلى المنطقة العسكرية الأردنية المسماة بالوشاش، التي تعتبر أقرب نقطة حدودية بين الجارتين، ورصدت أجواء التوتر والحذر الذي لا تخطئه العين، إضافة إلى الإجراءات العسكرية الأردنية المشددة في تلك المنطقة.

 

وفي تلك الجولة، وجّه مدير الإعلام العسكري في الجيش الأردني، العقيد مصطفى الحياري، للمرة الأولى أمام عدد من الصحفيين اتهامات علنية لجهات رسمية سورية، قائلا إن القوات المسلحة “تمتلك صورا وإثباتات تؤكد تورط بعض المخافر السورية على الحدود ومعها ميليشيات منظمة بتسهيل مهام مهربي السلاح والمخدرات”.

وأضاف الحياري أن بلاده “تخوض حربا غير معلنة مع المهربين ومن يقف خلفهم”.

 

العين الحمراء

 

وجاء حديث القائد العسكري، بعد يومين من زيارة الملك عبد الله إلى الواجهة الحدودية، تفقد خلالها الأوضاع العسكرية هناك.

 

وظهر الملك في بزته العسكرية، متحدثا إلى قوات من حرس الحدود، قائلا لهم “بدي أشوف منكم العين الحمرا”. وبدا أن زيارة الملك تحمل الكثير من الرسائل الحاسمة إلى الجهة المقابلة.

 

وكان الجيش الأردني أعلن عن تزويد الحدود مع سوريا بكتائب مشاة إضافية، وآليات خفيفة، ووحدات استطلاع مزودة بكاميرات مراقبة، إضافة إلى وحدات مدفعية متوسطة وثقيلة. كما تحدث عن جهد استخباري مكثف تسانده أجهزة واستشعارات حرارية على طول الحدود.

 

سلاح ومخدرات بكميات ضخمة

 

وكشفت القوات المسلحة الأردنية في وقت سابق عن مقتل ضابط وإصابة 3 أفراد من قوات حرس الحدود بنيران مهربين انسحبوا إلى العمق السوري، كما أكدت قتلها منذ بداية العام 30 مهربا، وضبط أكثر من 17 ألف كفِّ حشيش و16 مليون حبة مخدرة.

 

وكشف مسؤول رفيع في الجيش الأردني للجزيرة نت عن أن الكميات المضبوطة أخيرا تقدر بثلث الكميات التي ضبطت طيلة العام الماضي، ما يؤشر إلى ارتفاع وتيرة التهريب على الحدود. وفي 2021، أُعلن عن إحباط نحو 361 محاولة تسلّل وتهريب من سوريا إلى الأردن، وضبط ما يقارب 15.5 مليون حبة مخدرات، و760 كيلوغراما من الحشيش.

 

وأكد مصدر أردني آخر للجزيرة نت أن بلاده كانت أطلعت الجانب السوري على تفاصيل التحديات عند الحدود مع سوريا، وذلك خلال زيارة وزير الدفاع السوري إلى عمان قبل شهور، تبعها إرسال رسائل أردنية حاسمة إلى السوريين مفادها، إن لم تتصرفوا فسنحمي حدودنا، وبناء على تلك الرسائل حصل ضبط مؤقت ومتقطع لعمليات التهريب من جانب الطرف السوري.

 

تغيير قواعد الاشتباك

 

وأشار المصدر إلى أن تراخي الجانب السوري على الحدود دفع القوات المسلحة الأردنية إلى تغيير قواعد الاشتباك، والتعامل مع كل من يقترب إلى حدود المملكة كهدف مشروع للقتل والتدمير.

 

رئيس الوزراء الأردني السابق عبد الرؤوف الروابدة، قال -في تصريحات لافتة خلال ندوة أقيمت بأحد المراكز البحثية في عمان- إن “الدولة الأردنية تحاول أن تصنع علاقة جديدة مع الأشقاء السوريين لأن فيها مصلحة ثنائية للطرفين، ولن تكتمل هذه المصلحة إلا إذا فتحت الحدود الشمالية مع تركيا”.

 

حزب الله وقوى داخل سوريا

 

وأضاف “أعتقد أن ما يجري على الحدود الأردنية السورية حاليا ليس بترتيب من النظام السوري، وإنما هي قوى داخل الدولة السورية خارجة عنها، تشجع المهربين المدعومين من جهات معينة”. وتابع “كميات السلاح والمخدرات والأساليب المتبعة على الحدود لا يمكن وصفها بأعمال تهريب.. من المعيب أن نضعها في هذا الإطار.. هناك جهات أو دول متورطة فعلا فيما يجري”.

واعتبر الروابدة أن تلك الجهات “لا تريد للقاء الأردني السوري أن يحدث بالفعل”.

 

من جهته، اتهم اللواء المتقاعد من الجيش الأردني والخبير في الشأن العسكري فايز الدويري، حزبَ الله اللبناني وبعض المليشيات المقربة من إيران والفرقة الرابعة بالوقوف وراء تهريب المخدرات والسلاح إلى المملكة.

 

وقال الدويري للجزيرة نت “لا نقول إن النظام السوري هو من يقوم بالتهريب، لكن من يقوم بهذا الأمر جهات ترتبط بالنظام، وهي أشبه بعصابات داخل المنظومة السورية، تقوم بتهريب المخدرات لجني الأموال والثروات بطريقة غير مشروعة”.

 

وزاد “التهريب انتقل من التسلل عبر الأودية إلى إطلاق النار تجاه نقاط المراقبة الأردنية لإشغالها”.

 

ووفق الدويري فإنه “لا يمكن توقع ما سيحصل في المرحلة المقبلة، فقد تأخذ الأمور منحى تصعيديا”.

زر الذهاب إلى الأعلى