أخبار عالميةالأخبار

هذه الصواريخ الفتاكة يمكنها تدمير حاملات الطائرات

قالت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إن الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت تشكل تهديدات هائلة، لأنها تستخدم العديد من المتغيرات، إما على مستوى الإستراتيجية أو التكتيكات أو طبيعة الحمولة، كالرؤوس النووية أو التقليدية، وبالتالي فإن هذه الأسلحة القادرة على تدمير حاملة طائرات تسترعي انتباه جميع قيادات الأركان في العالم، لما تمثله من تحدٍ لجميع الأنظمة الدفاعية العسكرية بفضل قدرتها على المناورة.

 

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم شارل ليكورييه- أن هذه الأسلحة تنطلق بسرعة تصل إلى ما بين 10 و20 ضعف سرعة الصوت على ارتفاع منخفض وفي اتجاه متعرج نحو أهدافها، وهي قادرة على المرور عبر الأجهزة المضادة للصواريخ وإن كانت لم تستخدم حتى الآن في مسرح الحرب، إنها أسلحة لا تقهر كما تقول دراسة لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية صدرت في فبراير/شباط 2022 لتلقي الضوء على هذه الأسلحة وطرق اعتراضها.

 

بدأت البحوث المتعلقة بتكنولوجيا الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت في الثمانينيات من القرن الماضي، ولكنها تسارعت عام 2002 عندما انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ الباليستية وأصبحت حرة في تحسين دفاعها المضاد لهذا النوع من العتاد، مما جعل موسكو تشعر بأن التوازن النووي مهدد، فكان رد الروس البحث عن تطوير ناقلات مثالية قادرة دائما على اختراق دفاعات العدو الأكثر تطورا.

 

وفي هذا الصدد، أطلقت موسكو العديد من البرامج التي أصبحت اليوم عملية، من بينها -كما يقول الكاتب- نظام أفانغارد (Avangard)، وهو عبارة عن طائرة شراعية تحلق بسرعة 20 ماخا (أي 20 ضعف سرعة الصوت)، ويبلغ مداها 6 آلاف كيلومتر، وهي قادرة على حمل شحنة نووية، وكذلك أنظمة زيركون وكينجال، مما يعني أن الروس متقدمون من حيث السرعة في القدرة على الضرب.

 

هل يمكن كشفها؟

 

إن انطلاق الصواريخ الفائقة السرعة يزيد على 5 أضعاف سرعة الصوت، وهي تتحرك على ارتفاعات منخفضة، بين 20 و60 كيلومترا، لكن خاصيتها الأساسية هي قدرتها على المناورة في نهاية المسار، مما يجعل اعتراضها صعبا للغاية، وهي نوعان، إما أن تكون شراعية يتم إطلاقها عن طريق محرك صاروخي يلقي بها على ارتفاع معين لتنطلق منسابة نحو هدفها بفضل شكلها الديناميكي، وإما أن تكون صواريخ باليستية تطلق بواسطة بطارية، وهي تحلق في مستوى أخفض من الشراعية ومداها أقصر منها، كما أنها أقل دقة منها بسبب الهواء الذي يمر من خلال محركها.

 

ومع أن هذه الصواريخ الباليستية الأخيرة تتجاوز سرعتها 20 ماخا فإنه يمكن التنبؤ بمساراتها، كما يمكن التنبؤ بمسار الرؤوس النووية المناورة رغم قدرتها على تعديل المسار في نهاية الرحلة، تماما كما يمكن التنبؤ بمسار أنظمة الصواريخ التقليدية التي يرجع تاريخها إلى الحرب الباردة، وذلك لأنها ترتفع على مستويات عالية تجعل اكتشافها ممكنا، خلافا للصواريخ الشراعية التي تطير تحت غطاء الرادارات.

 

ومع ذلك، لا تعتبر تكنولوجيا السرعة الفائقة -كما يقول الكاتب- خارقة ولا بدون عيوب، لأن هذه الأسلحة تخضع لظروف طيران صعبة للغاية، إذ تتحرك في الغلاف الجوي بسرعة 20 ماخا، مما يولّد ضغوطا ودرجات حرارة قد تصل إلى ألفي درجة مئوية، واهتزازات كبيرة تضع هذه الأنظمة تحت ضغط تجربة شديدة، لأن الهواء المحيط يتحول عند هذه السرعات إلى بلازما تتفاعل بعنف مع سطح الخلية.

 

وبالتالي، فإن الغاز المؤين هذا يمكن أن يمنع التحكم في الصاروخ وقيادته، كما أن أبسط تعديل في تدفق الهواء وأقل مؤثر يمكن أن يزعزع استقرار الرحلة أو يدمرها، خاصة أن الصاروخ الشراعي يفقد مع كل منعطف بعض سرعته، كما يزيد استهلاك الصاروخ الباليستي للوقود، مما يعني أن أي تغييرات هامشية على المعطيات التي تحكم تشغيل هذه الأسلحة تخلق نقاط ضعف لديها.

 

وتقول الدراسة إن أهم أنظمة الدفاع الحالية تتكامل مع نظام اعتراض الصواريخ الباليستية الأميركية الحالية مثل أجيس والثاد وباتريوت، ولكن اعتراض الصواريخ الفائقة لا يمكن حتى الآن إلا في مراحلها الأخيرة عندما تصبح في مدى رؤية الرادار، كما أن الصواريخ الاعتراضية المصممة لأهداف أبطأ ويمكن التنبؤ بها ليست قوية بما يكفي لتدمير هذه الأسلحة تماما، وهي تحتاج إلى قدرة مناورة بمقدار 3 اضعاف قدرتها الحالية للوصول إلى ذلك.

 

كيف يمكن اعتراضها؟

 

ويحتاج اعتراض هذه الصواريخ -حسب الدراسة- إلى تطوير أجهزة استشعار على متن الأقمار الصناعية قادرة على متابعة مسارها بالكامل، ثم إلى تطوير صاروخ اعتراضي قادر على تدميرها أثناء تحليقها، لأنها تكون خلال تلك المرحلة ضعيفة، ومن السهل زعزعة استقرارها بسبب ما تبعثه من أشعة تحت حمراء ولاتباعها خطا مستقيما نسبيا للحصول على أقرب مسار إلى هدفها.

 

ومن المهم إنشاء وسائل دفاعية في عدة مواقع على الطرق المثلى التي تحددها برامج المحاكاة المتقدمة، مما يساهم في إتعاب هذه الصواريخ بإرغامها على المزيد من الالتفاف الذي يزيد وقت الرحلة وبالتالي احتمال إفشال مهمتها، وذلك باتباع أسلوب شبيه بسدود البالونات التي نشرتها بريطانيا حول لندن خلال الحربين العالميتين لإرغام الطائرات الألمانية على التحليق عاليا لتكون بذلك عرضة للأسلحة المضادة للطيران.

 

ويمكن إجراء اعتراض دون الإصابة المباشرة للصاروخ، وذلك من خلال تفجير مقذوف غير بعيد عنه، وهو ما من شأنه إحداث اضطرابات تؤدي إلى انحرافه عن مساره وبالتالي إفشال مهمته بصورة كارثية، وربما يكون هناك حل آخر، بتفريق جزيئات اصطناعية تستمر لدقائق في الجو بحجم كبير بعد وقت قصير من إطلاقه، كما تمت دراسة خيار الليزر أيضا وإن كان لا يبدو قادرا على تدمير سلاح فائق السرعة.

 

وتساءل الكاتب: هل ستؤثر الأسلحة الفائقة السرعة على الردع النووي؟ ليقول إن تقريرا للجنة علوم والتكنولوجيا بحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) يرى أن إضافة سلاح مثل أفانغارد إلى الترسانة الروسية لا يغير الوضع بشكل أساسي، لأن موسكو تمتلك عددا كبيرا من الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، مما يجعل الناتو والولايات المتحدة غير قادرين على منع أي هجوم هائل قد تقوم به.

زر الذهاب إلى الأعلى