أخبار عربيةالأخبارتونس

المرزوقي: الحسابات الخاطئة للنهضة أوصلت سعيّد لحكم

قال الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، إن الحسابات الخاطئة لحركة النهضة هي التي أوصلت الرئيس قيس سعيّد إلى سدة الحكم، داعياً البرلمان إلى عقد جلسة جديدة يتم من خلالها محاولة جمع 145 صوتاً لعزل سعيد.

كما اعتبر أن تونس في ظل حكم الرئيس الحالي تواجه خطر الإفلاس، وهي لم تعد دولة مستقلة وإنما تابعة لما سمّاه “محور الشر العربي”، محذراً من محاولة سعيد إلحاقها بقطار الدول المطبّعة مع إسرائيل.

وقال المرزوقي في حوار خاص مع جريدة القدس العربي: مشروع تصفية مكتسبات الثورة الديمقراطية لسنة 2011 متواصل: تفكيك هياكلها؛ أي البرلمان والمؤسسات المستقلة والقضاء المستقل، وأخيراً إلغاء الدستور نهائياً عبر ما يسمى الاستشارة الإلكترونية واستفتاء جاهزة نتائجه.

 

البحث عن بديل

 

الهدف هو العودة للحكم الفردي والنموذج السيسي. السؤال: هل سيترك الشعب التونسي هذا الدخيل على الثورة والوطنية يعبث بأحلام وتضحيات نصف قرن للمرور من دولة الشخص والعائلة إلى دولة القانون والمؤسسات؟

واعتبر أن تونس تواجه حالياً أزمة اقتصادية متفاقمة قد تفضي لإفلاس الدولة، متسائلاً: “إلى متى ستضخ السعودية والإمارات أموالاً تدرك أنها مثل سقي الرمل لا تنتج شيئاً؟”، في إشارة إلى مواصلة دعم الرئيس قيس سعيد.

لكنه أشار أيضاً إلى أن الدول الغربية التي أصبحت واثقة أن الرجل لا يَصلح ولا يُصلح، وهي لن تقبل مدّه بالأموال الكافية لإسكات غضب الشارع طويلاً. لذلك لا نجاة له من كارثة اقتصادية سيواصل محاولة وضعها على الفاسدين، لكن الشعب سيقول له: نسمع جعجعة ولا نرى طحناً. كل السلطات بأيديك فلماذا لا يتوقف الفساد؟ ومهما فعل الرجل فهو في ورطة دون مخرج. قناعتي أن من يسندونه من الخارج ومن الداخل يعملون بجدية على بديل مقبول دولياً وحتى داخلياً، ينجح أين فشل هذا المسكين فشلاً ذريعاً.

وحول اتهامه بـ”الخيانة العظمى” من قبل سعيد بعد دعوته المجتمع الدولي للكف عن دعم “الانقلاب”، قال المرزوقي: الخيانة العظمى هي الحنث بالوعد والخروج على الدستور الذي أتى به (في إشارة للرئيس سعيد) للحكم، وضرب وحدة الشعب ورهن استقلال تونس للدعم المصري السعودي الإماراتي. عندما يكون له عُشر تاريخي في النضال من أجل تونس يمكنه أن يعطيني دروساً في الوطنية. سيخرج من قصر قرطاج لا كما خرجتُ مكرماً معززاً، لكن ذليلاً مطروداً كما خرج بورقيبة وبن علي.

كما أشار إلى أن الطبقة السياسية عموماً، وحركة النهضة بشكل خاص، تتحمل مسؤولية الوضع القائم في تونس.

وأوضح بقوله: لولا الحسابات الخاطئة للنهضة لما وصلنا لهذه المهزلة/المأساة، لكن كما يُقال: الملام بعد القضاء بدعة. كل أملي أن تراجع النهضة وبقية الأحزاب الديمقراطية حساباتها وأن تستعد لقيادة مقاومة مدنية حقيقية ضد الاستبداد، وألا تعود للصفقات والحوارات المغشوشة التي كلفتنا ما كلفتنا.

وكان البرلمان التونسي عقد الشهر الماضي “جلسة افتراضية” للاحتفال بالذكرى الثامنة لختم الدستور، أثارت جدلاً واسعاً في تونس.

وعلق المرزوقي على ذلك بقوله: كانت شيئاً إيجابياً ويجب الآن انعقادها مجدداً والعمل على تجميع الـ145 صوتاً من أصل 217 نائباً لعزل المنقلِب. وسيكون للأمر وقع هائل وتأثير على المؤسستين الأمنية والعسكرية، وهما بحاجة لأي سند قانوني للتخلص من رجل تعرفان أصدق المعرفة أنه غير سويّ وخطير على مستقبل تونس.

وفسّر دعوته لرئيس البرلمان راشد الغنوشي للاستقالة، بالقول: استقالة الغنوشي ليست إدانة وإنما لتسهيل عملية التخلص من المنقلب. فهناك جزء كبير من النواب على استعداد للتقدم في قضية عزل سعيد، لكنهم يحجمون لعدم قبولهم الغنوشي كرئيس مؤقت كما يفرض ذلك الدستور. (وستكون الاستقالة) تسهيلاً للانتقال الديمقراطي إذا حدث وطرحت الفكرة، ولا معنى أو هدفاً لها غير هذا.

ويتم الحديث حالياً عن زيارة قريبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تونس، فضلاً عن زيارة أخرى (لم يتم تأكيدها) للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت يرى فيه مراقبون أن تونس انضمت رسمياً إلى المحور السعودي- الإماراتي- المصري، وخاصة مع تواصل دعم هذه الدول للرئيس قيس سعيد.

 

إنجازات دكتاتورية حمقاء

 

وعلّق المرزوقي على ذلك بقوله: تونس لم تعد دولة مستقلة كأغلب دول الربيع العربي التي دمرتها الثورة المضادة بقيادة محور الشر. وعندما تعرف أن المخابرات المصرية أصبحت ترتع في تونس، تقيس عمق التدهور الذي وصلته دولة كانت في نادي الديمقراطيات وأخرجت منه، وكانت دولة ذات سيادة فأصبحت دولة تابعة ومتسولة. (هذه) إنجازات دكتاتورية حمقاء.

كما وجّه انتقادات للرئيس قيس سعيد الذي لم يستبعد محاولته التطبيع مع إسرائيل، وأوضح بقوله: الرجل الذي رفض استقبال موفد من حماس عزل دبلوماسياً تونسياً مثّلنا في مجلس الأمن، لأنه أخذ على محمل الجد صراخه حول فلسطين. الرجل الذي قال إنه لم يتدخل في الحكم عليّ بأربع سنوات سجناً والناس كلها شاهدته، يأمر خادمته وزيرة الظلم بالقانون بمحاكمتي، والذي قال إن مليون وثمانمئة ألف تونسي خرجوا لتأييده (وكانوا بضعة آلاف) هو ذاته الذي قال إن التطبيع خيانة.

وأضاف: انتظروا منه كل شيء، لكن أملي أن الشعب التونسي سيضع حداً لهذه المهزلة/المأساة التي اسمها رئاسة سعيد، قبل أن يرتكب هذا الخطأ الآخر (التطبيع مع إسرائيل).

وكان المرزوقي دعا أخيراً لتفعيل الجبهة الديمقراطية التي أعلن عنها قبل أشهر، بمشاركة عدد من الأحزاب السياسية، وتهدف إلى إسقاط “الانقلاب” بوسائل سلمية.

وقال إن هذه الجبهة ستقوم على قاعدة لا حوار مع الانقلاب إلا حول نهايته، وحول خطة قيادة المقاومة المدنية للحظة إسقاط الانقلاب، والإعداد لتقديم عرض سياسي للشعب التونسي، فيه نقد ذاتي وتعهدات وبرنامج لبناء دولة القانون والمؤسسات تحت راية دستور الثورة.

وحول الأطراف المعنية بالمشاركة فيها، قال المرزوقي: هي التي رفضت بوضوح الانقلاب على النظام الديمقراطي، ولا يهم ما فرّق بين الناس في الماضي. النقاشات الآن تتم على قدم وساق، وسأفعل كل ما بوسعي لكيلا تتباطأ (الجبهة الديمقراطية) كثيراً، لأن الانقلاب يهترئ بسرعة، والخوف من انقلاب داخل الانقلاب يسكّن الأوجاع لكنه لا يعالج المرض، وإنما يزيد في مدته.

وتعيش تونس أزمة سياسية متواصلة منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن “تدابير استثنائية”، قام من خلالها بتجميد عمل البرلمان وتعطيل أغلب فصول الدستور، فضلاً عن إشرافه بشكل مباشر على السلطتين التنفيذية والقضائية (بعد حل المجلس الأعلى للقضاء)، وهو ما قوبل بموجة استنكار واسعة داخل البلاد وخارجها، وسط مخاوف دولية من عودة البلاد إلى مربع الاستبداد.

زر الذهاب إلى الأعلى