ملفات ساخنة

تركيا تقتحم مجال المحركات.. تَعرّف محرك “رامجيت” الذي تفوق سرعته سرعة الصوت

على مدار سنوات طويلة من البحث والتطوير من أجل إنتاج محرّك تركي محلي الصنع بالكامل يتميّز بمواصفات منافسة حقيقية، نجحت تركيا مؤخراً باجتياز هذه المعضلة التي أرّقتها لسنوات طويلة، وباتت على مقدرة من تصنيع محركات خاصة للصواريخ وأخرى للدبابات والمركبات المدرّعة، ومحركات المروحيات والطائرات المُسيّرة، بالإضافة للمحرّك الخاصة بالطائرة الوطنية المقاتلة الذي سيكون جاهزاً للتشغيل لأول مرة بحلول عام 2023.

 

وخلال جلسات مناقشة الميزانية العامة داخل البرلمان التركي بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال وزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى فارانك: “لقد وصلنا إلى المرحلة النهائية في مشروع رامجيت الذي يعمل بالوقود السائل، والذي سيُغيّر مفهوم الحرب بعد الآن”، وأضاف: “سنكشف اللثام في عام 2022 عن النموذج الأوّلي لمحرك رامجيت الذي سيعمل بسرعات تفوق سرعة الصوت”.

 

وفي مقابلة له مع المنسق العام لـ”SETA برهان الدين دوران في عدد فبراير/شباط من مجلة “Criterion”، أدلى الوزير فارانك بتصريحات بخصوص مكانة تركيا في سباق التكنولوجيا وخريطة الطريق الخاصة بها، وقال “إننا نعتبر التحرّك التكنولوجي الوطني كفاحاً وطنياً ونعمل بجد لجعل بلدنا جهة فاعلة عالمية في مجال التكنولوجيا والصناعة”.

 

جهود حكومية ونجاحات وطنية

 

بالتزامن مع النجاحات التي حقّقَتها في مجال الصناعات الدفاعية، واجهت تركيا معضلة عجز شركاتها الدفاعية عن تطوير وإنتاج محركات محلية بإمكانيات وطنية خالصة، واكتفت بالاعتماد على المحركات القادمة من الخارج لتزويد منتجاتها الدفاعية بها، الأمر الذي كان يستخدمه البعض في التشكيك في نجاعة المنتجات الدفاعية التركية، فضلاً عن رفضهم اعتبار منتجات الشركات التركية منتجات وطنية، لكونها تستورد أهمّ الأجزاء من الخارج.

 

وحتى وقت قريب كان عجز شركات الصناعات الدفاعية في إنتاج محركات تركية سبباً في كبح المساعي الحكومية من التحرر الكامل عن الخارج، فضلاً عن القيود التي تمنع التقدّم في صادرات المنتجات الدفاعية الوطنية. كما تعرّضت تركيا من وقت إلى آخر لضغوط سياسية خارجية من خلال التلويح بحظر إرسال محرّكات ومنتجات أخرى تستخدمها في صناعاتها الدفاعية، بهدف الإضرار بصفقات تصدير ضخمة كانت قد أُبرِمَت في أوقات سابقة.

 

وتزامناً مع حدّة الضغوط السياسية التي انتهجتها البلدان الغربية مؤخراً في محاولتهم كبح جماح الصناعات الدفاعية المحلية، ذلّلَت الحكومة التركية كلّ الصعاب أمام الشركات الدفاعية من أجل البدء في صناعة محركات بقدرات تنافسية عالية بإمكانيات وطنية خالصة.

 

تركيا تقتحم مجال المحركات

 

لم يمضِ وقت طويل على انطلاق برامج التشجيع والدعم الحكومية السخية، حتى بدأت جهود الشركات التركية تؤتي أُكُلها، إذ أُعلن في السنوات القليلة الماضية نجاح أكثر من محاولة محلية لصناعة محركات وطنية بقدرات تنافسية عالية، وتوزّعت هذه الإنجازات على مختلف أفرع الصناعات الدفاعية، من المركبات البرية والمدرّعات مروراً بالمروحيات والمُسيّرات ووصولاً إلى محرّك “رامجيت” الذي أُعلن بناء نموذجه الأوّلي مؤخراً.

 

ويُتوقع لهذا التطوّر الملحوظ في صناعة المحرّكات أن يغلق باب الضغوط الغربية على تركيا ويفتح الباب أمام التحوّل الحقيقي لإنتاج أنظمة ومنتجات دفاعية بإمكانيات وطنية خالصة 100%، إلى جانب فتح أبواب الفضاء أمام تركيا التي تواصل الاختبارات على محرّك الصاروخ الهجين الذي ستنطلق من خلاله إلى الفضاء قريباً.

 

وفي سياق متصل، صرّح الوزير فارانك بأنهم بدؤوا اختبارات إطلاق صواريخ جو-جو من طرازي “GÖKDOĞAN” و”BOZDOĞAN” وقال: “عندما نبدأ الإنتاج الضخم، سنكون واحدة من الدول السّبع التي لديها تكنولوجيا الصواريخ هذه”. وأكد فارانك أنه بعد مرور 100 عام على قيام الجمهورية، سيجمعون فرص الإنتاج الوطنية ويكافحون ليكونوا رواد العالم في التقنيات الرقمية المتقدمة وصناعة السيارات والكيمياء والطب والذكاء الاصطناعي والعديد من القطاعات الأخرى.

 

 

ما محرك “رامجيت”؟

 

“رامجيت” (Ramjet)  الذي يُشار إليه أحياناً باسم أنبوب الطهي أو الأنبوب الطائر، هو شكل من أشكال المحرّكات النفاثة التي تتنفس الهواء وتستغل الحركة الأمامية للمحرّك لضغط الهواء الوارد بدون ضاغط محوري أو ضاغط طرد مركزي.

 

ونظراً لأن المحركات النفاثة لا يمكن أن تنتج قوة دفع عند سرعة جوية صفرية، فلا يمكنها تحريك الطائرة من حالة التوقف التام. لذلك، تتطلب المركبات الجوية التي تعمل بالطاقة النفاثة إقلاعاً مدعوماً مثل الصاروخ المساعد لتسريعها إلى سرعة حيث تبدأ إنتاج قوة الدفع.

 

وتعمل محركات “رامجيت” بكفاءة عالية بسرعات تفوق سرعة الصوت بنحو 3 ماخ (3700 كم/ساعة) ويمكن أن تعمل حتى سرعات 6 ماخ (7400 كم/ساعة).

 

ويُستخدم هذا النوع من المحرّكات التي تمتاز بوزنها الخفيف وامتلكها نسبة دفع عالية إلى الوزن، في التطبيقات التي تتطلب آلية صغيرة وبسيطة للاستخدام عالي السرعة، مثل الصواريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى