أخبار عربيةالأخبارالجزائر

دبلوماسي جزائري: صراع داخل الجيش يهدد أمن البلاد

أكّد محمد العربي زيتوت الدّبلوماسي الجزائري السّابق وعضو أمانة حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة، أن الصراع بين أجنحة الحكم في الجزائر عاد مجددا في شكل صراع حاد في قيادات الجيش، ليكشف عن نفسه في شكل تسريبات تميط اللثام عن حيثيات الإرهاب والفساد والتصفيات الجسدية التي عرفتها الجزائر في العقود الثلاثة الأخيرة.

 

وذكر زيتوت أن التسجيلات التي بثها على مدى الأيام الثلاثة الماضية، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “يوتيوب”، لقرميط بونويرة السّكرتير الخاص السّابق لقائد أركان الجيش الجزائري ونائب وزير الدّفاع الرّاحل أحمد قايد صالح، حقيقية، وتتضمن معلومات خطيرة ونادرة تكشف حقيقة الصراع بين دوائر الحكم في الجزائر.

 

ووفق زيتوت، فإن بونويرة، الذي اشتغل مع الراحل قايد صالح لـ 15 عاما، تمكن من تسريب التسجيل الصوتي، من داخل حبسه بالسّجن العسكري في مدينة البليدة، بمساعدة جهات أمنية واستخباراتية، وهو مُؤشر قوي على صراع كبير بين مراكز القرار داخل المؤسسة العسكرية.

 

وأكد زيتوت، أن ما تضمنه التسريب من معلومات يؤكد ما هو موثق لديه منذ عدة سنوات ويمتلك دلائل على صحته.

 

وتضمّن اعتراف بونويرة، وفق زيتوت، اتهامات خطيرة لقائد أركان الجيش الحالي الفريق السّعيد شنقريحة وعدد كبير من الضّباط السّامين داخل المؤسسة العسكرية في الجزائر.

 

ويكشف زيتوت النقاب عن أن “الجماعات الإسلامية كانت مخترقة منذ تكوينها في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وتم التحكم فيها بشكل عملي عندما تم إيصال جمال زيتوني لقيادة الجماعة الإسلامية المسلحة في أيلول (سبتمبر) 1995، ويبدأ جمال زيتوني ومساعده الذي عرف بفريد جيه، وكان ضابطا بالمخابرات بتصفية قيادات الجماعة بمن فيهم كبار القادة مثل الداعية الإسلامي محمد السعيد”.

 

وأضاف: موضوع الجماعات المسلحة موضوع طويل ومعقد، لكن ما هو مهم أن بونويرة يؤكد أن أمن البلاد ومخابراتها بدلا من أن تحمي الجزائر، كانت تخترق هذه الجماعات أو تصنعها أو تضع قنابل بنفسها، ويذكر بونويرة في التسريبات جنرالات كبارا كانوا يقومون بهذه الأعمال على رأسهم الفريق التوفيق (ظل مديرا للمخابرات لمدة ربع قرن) وكبار مساعديه مثل الجنرال جبار مهنا والجنرال حسان. وهؤلاء كلهم كان قد سجنهم القائد صالح في ما مضى وعادوا اليوم لهرم السلطة بمن فيهم جبار مهنا الذي أنشئت له إدارة عامة داخل المخابرات سميت بـ “الإدارة العامة لمكافحة التخريب.

 

ومن بين التهم التي وجهها بونويرة الكاتب الخاص للقائد صالح، وفق زيتوت، أن حرائق الغابات التي شهدتها الجزائر الصائفة الماضية وأدت إلى موت المئات من الناس حرقا، والتي اتهم فيها المغرب إضافة إلى تنظيمين جزائريين، كانت من تدبير الجنرال حسان والجنرال جبار مهنا.

 

وتابع زيتوت: أنا أعرف بعض هذه الحقائق منذ عدة أعوام بما فيها الحرائق كانت لدى الكثير من الجزائريين أن المخابرات هي التي تقف وراءها. كثير مما ذكره بونويرة، التي يبدو أنها خرجت من سجنه العسكري شديد الحراسة في نهاية نوفمبر الماضي، كان قد بعث لي بها دون أن أعرف هوية الباعث في تموز (يوليو) 2020.. قبل أن يعيد بونويرة تأكيدها في الفيديو المسرب، حتى وإن كان فيه بعض المشاكل الفنية لجهة انطباق الصوت على الصورة.

 

وذكر محمد العربي زيتوت، في ختام حديثه أن الجهة التي أرسلت الفيديوهات المنسوبة لبونويرة، أخبرته أن لديها فيديوهات أخرى تتضمن معلومات غاية في الدقة والخطورة ستصله تباعا.

 

وأضاف: أنا شخصيا أمتلك أكثر من 120 وثيقة من الحجم المتوسط، مكتوبة بخط يد بونويرة، وقد تحدثت في قناتي على اليوتيوب عن جزء منها وسأكسف في مقبل الأيام عن المزيد من المفاجآت، التي تؤكد في النهاية أن الجزائر محكومة بمافيا عسكرية عن طريق ذراعها المخابراتي الإرهابي، وهو شعار رفعه الجزائريون بقوة بداية من ذكرى انطلاق الحراك في فبراير الماضي.

 

واعتبر زيتوت، أن هذه التسريبات من حيث الخطورة وتداعياتها تعتبر الأهم في تاريخ الصراع على السلطة في الجزائر.

 

ولم يصدر أيّ ردّ فعل من السّلطات الجزائرية أو تعليق على هذا التسريب. كما لم يصدر لحد الآن، أي تعليق في الصحافة الجزائرية، العمومية أو الخاصة، أو القنوات التلفزية، أو الطبقة السّياسية حول التسريب، بالرغم من خطورة الحدث.

 

وكانت مصادر إعلامية جزائرية قد كشفت النقاب عن أن المحكمة العسكرية في مدينة البليدة (50 كيلومترا غربي العاصمة) قضت يوم الإثنين الماضي، بإعدام المساعد الأول قرميط بونويرة، السكرتير الخاص السابق لقائد أركان الجيش السابق أحمد قايد صالح، كما حكمت بالمؤبد على كل من قائد الدرك الأسبق الفار الجنرال غالي بلقصير، ومحمد العربي زيتوت، الدبلوماسي السابق المنشق المقيم في لندن، وعضو أمانة “حركة رشاد” التي تصنفها السلطات الجزائرية كـ “حركة إرهابية.

 

ووفق صحيفة “الوطن” الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية، فإن المتهمين الثلاثة يُتابعون بتهم تتعلّق بالخيانة العظمى وإفشاء أسرار من شأنها الإضرار بمصالح الدولة.

 

يذكر أن غالي بلقصير فرّ إلى الخارج في 2019، وقد أصدر القضاء العكسري أربعة أوامر بالقبض الدولي عليه بعدة تهم بينها الفساد و”الخيانة العظمى”. بينما يقيم الدبلوماسي السابق المنشق في تسعينيات القرن الماضي، محمد العربي زيتوت في لندن بعد لجوئه إليها قادما من ليبيا، حيث كان يعمل في السفارة الجزائرية في طرابلس.

 

أما قرميط بونويرة، الذي يوصف بـ “خزنة أسرار” قائد أركان الجيش السابق الراحل أحمد قايد صالح، فقد فرّ إلى تركيا بعد وقت قصير من وفاة الأخير في 23 كانون الأول (ديسمبر) 2019، وظل هناك لأشهر قبل أن تسلمه أنقرة السنة الماضية بطلب رسمي جزائري جاء بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

زر الذهاب إلى الأعلى