أخبار عربيةالأخبارالمغرب

الملفات الاجتماعية في المغرب تؤرق حكومة عزيز أخنوش

مع مطلع العام الميلادي الجديد، تطفو على السطح الملفات المطروحة على الجهاز التنفيذي، والمتعلقة بالصحة والتعليم والشغل والتفاعل الإيجابي مع الحركات الاحتجاجية السلمية وتكريس دولة القانون والالتزام بقضايا الحريات وحقوق الإنسان، علاوة على تكريس مفهوم «العدالة المجالية»، من خلال السعي إلى تحقيق تنمية متوازنة بين مختلف المناطق، عوض التركيز على الأقاليم الكبرى ذات الجاذبية الاقتصادية.

 

في هذا الصدد، يرى الباحث المغربي الدكتور إدريس الكنبوري أن الحكومة التي أفرزتها انتخابات 2021 فاجأت الناخبين والرأي العام، بالنظر إلى بعض الإجراءات التي اتخذتها وكانت لها انعكاسات اجتماعية سلبية، مثل تسقيف سن ولوج مهنة التعليم في ثلاثين سنة، ما كان له الأثر الكبير على صورة هذه الحكومة لدى المواطنين، وما سيكون له أيضا من انعكاسات على الملف الاجتماعي في السنوات المقبلة وقضية التشغيل، وعلاقة التعليم بسوق الشغل. هذا علاوة على الاحتجاجات الاجتماعية التي أثارها موضوع جواز التلقيح، والتي عمت مختلف أقاليم المملكة.

 

وأضاف قائلا: هناك ملف قد يعيد الإسلاميين في حزب العدالة والتنمية إلى الواجهة مجددا، وهو ملف الحريات الفردية التي أعلن وزير العدل، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، دعمها وتعديل القانون الجنائي بحيث يتم حذف بعض البنود ذات الارتباط بالعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الأسرة، والإفطار في رمضان.

 

وأعرب المتحدث عن اعتقاده بأن ذلك سوف يكون هدية إلى حزب العدالة والتنمية الذي يبحث عن ورقة يعود بها إلى الشارع ويستعيد بها عافيته.

 

وقال أيضا: من القضايا التي سوف تطرح نفسها السنة الجديدة، وربما تتحول إلى موضوع نقاش وطني، قضية عودة المقاتلين المغاربة في صفوف التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق، خصوصا تنظيم الدولة الإسلامية، وأفراد عائلاتهم الموجودين حاليا في السجون العراقية، لأن الحزب الثاني في الحكومة الحالية، الأصالة والمعاصرة، هو الذي قاد قبل الانتخابات مبادرة داخل البرلمان من أجل تشكيل لجنة استطلاعية برلمانية لبحث الموضوع، واليوم هذا الحزب لم يعد في المعارضة، بل هو طرف مهم في الحكومة.

 

أما بالنسبة للآفاق، فيعتقد إدريس الكنبوري أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تنفيذ «النموذج التنموي الجديد» وهو مشروع ملكي بامتياز، ينظر إليه الكثيرون باعتباره خشبة خلاص لإخراج المغرب من الأزمة الاجتماعية وفتح سبل المستقبل أمام الشباب، وفي نفس الوقت يعتبر هذا النموذج اختبارا حقيقيا لنوايا الدولة في الشق الاجتماعي، لجهة قدرتها على تنفيذه واقعيا، وتجاوز الأخطاء التي طالت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعلن عنها الملك عام 2005 وفق تعبير الباحث نفسه.

 

أما رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، فيتحدث بتفاؤل عن مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، حيث قال في اجتماع لحزبه «التجمع الوطني للأحرار» إن الحكومة استطاعت في ظرف وجيز استكمال الترسانة القانونية لتمكين حوالي 11 مليون مغربي ومغربية من الانخراط في نظام التغطية الصحية الإجبارية عن المرض لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

 

وأفاد البيان أن الحزب المذكور نوه باحترام الحكومة الدقيق للجدولة الزمنية للتنفيذ التدريجي للورشة الاجتماعية وترشيد الزمن السياسي، باعتباره نقلة نوعية كبيرة، وتوجها يكرس تدعيم وترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، ومدخلا أساسيا لا محيد عنه للنهوض بالعنصر البشري، لكونه الحلقة الأساسية في التنمية وبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية، التي ما فتئ العاهل محمد السادس يؤكد عليها.

 

كما جدد أعضاء المكتب السياسي دعم الحزب القوي للأغلبية الحكومية، التي قال إنها تقوم بإصلاحات مهمة، ونوهوا بالتنسيق الدائم والمستمر بين مكوناتها وعملها المشترك.

 

وأشاد بمبادرة الحكومة الرامية الى ضخ 13 مليار درهم لأداء متأخرات الضريبة على القيمة المضافة إلى غاية آذار/ مارس 2022، وذلك لتمكين المقاولات خاصة الصغرى والمتوسطة، من التوفر على سيولة مهمة في خزينتها، من أجل الصمود في وجه الأزمة.

 

وقال البيان إن أعضاء المكتب السياسي للحزب عبّروا عن عميق ارتياحهم بهذا القرار، الذي يؤكد سعي الحكومة الجاد إلى إنعاش الاقتصاد الوطني، ولتقوم المقاولات بدورها في مجال الاستثمار والتشغيل والتنمية الاقتصادية، على اعتبار أنها النواة الأساسية والمحرك الفعلي لكل تنمية اقتصادية واجتماعية، كما نوهوا باعتماد الحكومة على مواردها الذاتية دون اللجوء إلى الحلول الكلاسيكية والسهلة، التي كان يُلجأ إليها في هذا الإطار.

 

في حين تقدم المعارضة قراءة مغايرة للمشهد السياسي الحالي في المغرب، ففي آخر اجتماع لحزب «التقدم والاشتراكية» تحدث بيان عن حجم الأضرار التي لحقت، وما زالت تلحق، بقطاعاتٍ اقتصادية واجتماعية وثقافية وخدماتية، وبالفئات المُستضعفة والفقيرة، من جراء التدابير الاحترازية الصحية الضرورية.

 

وأثار انتباه الحكومة إلى وجوب التوفيق بين مستلزمات الوضع الصحي من جهة، وبين متطلبات المواكبة والدعم والعناية إزاء كافة القطاعات والفئات التي تئن أكثر من غيرها تحت وطأة الانعكاسات الوخيمة للجائحة، من جهة ثانية. وبالمناسبة، يُجدد حزبُ التقدم والاشتراكية نداءه لإطلاق حملة وطنية جديدة للتضامن من أجل التمكن من تمويل إجراءات المواكبة والدعم، خاصة من طرف الفئات الميسورة.

 

كما يدعو الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تتأسس على مقاربة مرنة وميسرة من طرف مديرية الضرائب تجاه القطاعات الأكثر تضررًا من الجائحةِ وتدابيرِ مواجهتها، لا سيما وأنّ عددا مهما من الوحدات الاقتصادية والمقاولات الصغرى والمتوسطة توجد في وضعية التّهدّد بالإفلاس، مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من مآس اجتماعية بالنسبة لعدد كبير من المواطنات والمواطنين.

 

ويسجل حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» من جهته، أن البرنامج الحكومي، لا يوجد فيه ما يعطي الانطباع بأن الحكومة جادة فعلا في الاستجابة لانتظارات سكان الأرياف والجبال، والإنصات لنبض هذه المناطق، وأن تجعل منها فضاءات لخلق الثروات ولتحقيق الاندماج الاجتماعي والاقتصادي وفق منظور قائم على الاستدامة.

 

ويدق الحزب ذاته ناقوس الخطر حول تدهور الوضع في المناطق الريفية والجبلية التي تزداد عزلتها مع فصل الشتاء وتساقط الأمطار، مما يجعل عشرات آلاف الأسر تعيش في محنة مستدامة عوض التنمية المستدامة.

 

ويعتبر أن سكان تلك المناطق ما زالوا يعانون من اختلالات بنيوية تهم مجالات أساسية كالفلاحة والتعليم والصحة والطرق والبنيات التحية والولوجية، وكل المرافق العمومية الحيوية بالإضافة إلى ضعف الاستثمارات، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على تنافسية الاقتصاد القروي وعلى بنياته الإنتاجية والاجتماعية وبالتالي على المستوى المعيشي للساكنة.

 

من جهة أخرى، أثار فريق حزب «الاتحاد الاشتراكي» في البرلمان قضية الحق في العلاج، معتبرا أن مجموعة من الحواجز تحول دون تحقيقه لفائدة المرضى، خاصة الحاملين لبطاقة المساعدة الطبية «راميد»، أي الفئات الفقيرة أو الهشة التي تجد صعوبات متعددة للولوج إلى الخدمات الصحية المختلفة.

 

ونبّه إلى أن مجموعة من المستشفيات الإقليمية ترفض استقبال المرضى المستفيدين من البطاقة، القادمين من أقاليم أخرى، وهي المعضلة التي يعاني منها الكثير من المواطنين، الذين يجدون أنفسهم خارج مدنهم أو داخل المدينة الواحدة، لكن بعيدا عن الحي الذي يقطنون به، كما هو الحال بالنسبة للدار البيضاء أو الرباط أو طنجة وغيرها من المدن مترامية الأطراف.

زر الذهاب إلى الأعلى