أخبار عالميةالأخبار

اكتشاف بكتيريا آكلة للحديد

كلما تسارعت وتيرة التطورات التكنولوجية واحتياجنا إليها، زادت الحاجة إلى استخراج المعادن، فالهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون وأجهزة التدفئة وأواني الطهي تصنّع من معادن مثل النحاس والزنك والبلاتينيوم وغيرها.

 

وأشار تقرير للبنك الدولي إلى أن الانتقال إلى الطاقة النظيفة سيشعل الطلب على بعض المعادن، مثل الألمنيوم والنحاس والكوبلت وخام الحديد والليثيوم وغيرها لتصنيع بطاريات تخزين الطاقة المتولدة من المصادر المتجددة، كالرياح والطاقة الشمسية.

 

لكن التنقيب عن المعادن يفرض تحديات بيئية جسيمة على الدول الغنية بها؛ فالنفايات الناتجة عن عمليات التعدين تؤذي البيئة وتمثل خطرا على صحة البشر والحياة البرية. ولا يوجد في الوقت الحالي وسائل أو تقنيات لمعالجة هذه النفايات من دون إلحاق ضرر بالبيئة، وقد ينتهي بها المطاف في الغالب في البحار أو الصحراء.

 

وهذا ما حدا بباحثة التكنولوجيا الحيوية “ناداك ريليز”، من بلدة أنتوفاغاستا الصناعية في تشيلي، إلى إجراء تجارب على بعض الأنواع من البكتيريا التي تأكل المعادن، على أمل القضاء على مخلفات قطاع التعدين بالبلاد.

 

وتعدّ تشيلي أكبر منتج للنحاس في العالم، ويمثل تعدين النحاس ما يبلغ 15% من الناتج المحلي الإجمالي لها.

 

شرعت ريليز في البحث عن كائنات حية في بيئات قاسية لا تصلح لإيواء كائنات حية، واكتشفت نوعا من البكتيريا يسمى “ليبتوسبريليوم” (Leptospirillum)، وهو نوع من البكتيريا التي تؤكسد الحديد.

 

وتنمو هذه البكتيريا في الظروف الحمضية، وتتحمل التركيزات المعدنية المرتفعة في الينابيع الحارة بحقل “التاتيو” (El Tatio) في صحراء أتاكاما التي تُعرف بالصحراء الأكثر جفافا في العالم، وتتغذى هذه البكتيريا على الحديد إذا لم تجد غذاء بديلا.

 

كانت ريليز في بادئ الأمر تجري تجارب لاستخدام هذه الكائنات المجهرية لتحسين استخراج النحاس، ولكنها تقول في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية “أدركت أن ثمة استخدامات عديدة (لهذه الكائنات المجهرية) في قطاع التعدين، فهناك مثلا النفايات المعدنية”.

 

وبينما يمكن إعادة تدوير بعض النفايات المعدنية في المصاهر، فإن بعضها الآخر لا يمكن إعادة تدويره ويلقى في صحراء أتاكاما في تشيلي، التي تحتضن الغالبية العظمى من أنشطة التعدين في البلاد.

 

كانت البكتيريا في البداية تلتهم مسمارا واحدا في نحو شهرين، لكن ريليز اكتشفت أنها عندما تمنع عنها الغذاء فإنها تبذل مزيدا من المجهود لتكسير المعادن في وقت أقصر.

 

وبعد اختيار الباحثة السلالات الأكفأ من البكتيريا وتحسين الظروف التي تحفظها فيها، لم يكد يمضي عامان حتى استطاعت ريليز أن تقلل المدة التي تستهلك فيها البكتيريا المعادن، والتهمت البكتيريا بالفعل المسمار في 3 أيام فقط.

 

وقد أسست ريليز شركة “روداناك بيوتك” (Rudanac Biotech) التي وضعت نصب أعينها تطوير حلول للاستجابة لتحديات قطاعي الصناعة والتعدين بالقضاء على النفايات المعدنية غير القابلة لإعادة التدوير.

 

وتقول الشركة على موقعها إن المحلول القرمزي الناتج عن عملية تحلل المعادن باستخدام البكتيريا له مزايا عديدة، منها أنه يساعد في استخلاص النحاس بكفاءة من الخامات الكبريتيدية، وأنه قد يحلّ محل المذيبات الكيماوية السامة، والأهم من ذلك أن التجارب أثبتت أن هذه البكتيريا لا تؤذي البشر أو البيئة.

 

بمعنى أن هذا السائل قد يستخدم في استخلاص النحاس من الصخور بطريقة أكثر استدامة بمراحل مقارنة بالأساليب الحالية التي تعتمد على استخدام الكيماويات.

زر الذهاب إلى الأعلى