أخبار عالميةالأخبار

التحالف بين الحزب الجمهوري الأمريكي يتعمق مع أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا

أشارت صحيفة “واشنطن بوست” في مقال رأي كتبه إيثان ثارور عن العلاقة المتزايدة بين الحزب الجمهوري الأمريكي وجماعات اليمين المتطرف. وقال إن قمة مهمة عقدت نهاية الشهر الماضي في هنغاريا وحلّ عليها ضيفا بارزا، وهو نائب الرئيس السابق مايك بنس الذي انضم إلى رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان وزمرة من القادة القوميين غير الليبراليين من القارة الأوروبية في مؤتمر كان شعاره “قيم العائلة” والديمغرافيا.

 

ويعد المنبر في العاصمة بودابست الذي بدأ عام 2015 واحدا من المجالات التي يدافع فيها أوربان عن ماركته من القومية المسيحية- وشجب الغرب الليبرالي والمهاجرين غير الأوروبيين وجماعات المثليين. وقال: يجب على هنغاريا الدفاع عن نفسها لأن الجناح اليساري الغربي يهاجمها، ويحاول كما يقول: جعل فكرة العائلة نسبية، وأدواته هي أيديولوجية الجندر وجماعات الضغط عن المثليين والتي تهاجم أطفالنا.

 

ومضى ووقّع على إعلان مع قادة اليمين في بولندا ودولة التشيك وسلوفينيا الذي أكد على أن “زيادة عدد الأطفال الأوروبيين ضروري للحفاظ على الثقافة الأوروبية المسيحية والتقاليد الدينية الأخرى للأجيال المقبلة”. وحذر البيان قادة الاتحاد الأوروبي بأن “الهجرة يجب ألا ينظر إليها الوسيلة الوحيدة لمعالجة التحديات الديمغرافية”. وكان بنس سعيدا لكي يدلي بدلوه في المسألة حيث قال: “نرى أن هناك أزمة جمعتنا هنا، أزمة تضرب في قلب الحضارة نفسها” حيث ردد نفس المخاوف من تآكل العائلة النووية التي دفعها انخفاض معدلات الزواج وارتفاع معدلات الطلاق والإجهاض الواسع وتراجع معدلات الولادة.

 

واستخدم المنبر في بودابست لتوجيه تحية للمحكمة العليا التي رفضت غالبيتها المحافظة الحماية الفدرالية لحقوق الإجهاض.

 

ولا يعد نائب الرئيس السابق وحيدا في النظر لهنغاريا على أنها مصدر تشجيع في المعركة الأيديولوجية الأوسع التي تمسك بزمام الغرب، فمقدم البرامج في فوكس نيوز، تاكر كارلسون التقى مع أوربان الذي يعد الأطول حكما من بين قادة الاتحاد الأوروبي في هنغاريا. وستكون بودابست في العام المقبل المضيف لـ”مؤتمر العمل السياسي المحافظ” الذي يعتبر التجمع السنوي الرئيسي لليمين المتطرف في الولايات المتحدة.

 

وكتب إدوارد لوس في صحيفة “فايننشال تايمز”: “يعرف أوربان كيف يدير أزرار القوى غير الليبرالية”، وفصّل لوس الكيفية التي تحوّل فيها أوربان من زعيم غير ليبرالي صغير إلى ما يصل لحد مستبد حقيقي تلاعب بنظام البلد الديمقراطي كي يتمسك بالسلطة، وشنّ في الوقت نفسه حروبا ثقافية لا تتوقف. وقال لوس: “تم استبدال فلسفة الحرية بسياسة السخط”. وتم التخلي عن الهوية الأوروبية مقابل الحديث والدفاع عن الحضارة المسيحية الهنغارية، فأوربان الجديد بات عدوا للصحافة المستقلة والمحاكم والجامعات، وأصبح كبش الفداء للمهاجرين إلى أوروبا.

 

ولكن عمق العلاقات تمتد أبعد من هنغاريا، فقد شهد نصف العقد الماضي علاقات متواصلة على جانبي الأطلنطي والتي وصلت ذروتها بصعود وسقوط الرئيس السابق دونالد ترامب وربما عودته من جديد، وأصبحت أكثر ظهورا من خلال التعاون بين السياسيين والناشطين من اليمين المتطرف. وبعض هذه الجهود وصلت إلى حد الملهاة مثل الجهود التي قادها مستشار ترامب السابق ستيف بانون الذي حاول بناء جبهة موحدة لليمين المتطرف في أوروبا وعلى نفس الخطوط الترامبية. وهناك تعايش مستمر في وقت باتت الرموز البارزة ترى أنها تقف على نفس الجبهة وتواجه ذات المعركة. وقال القاضي السابق وعمدة مدريد السابق مانويلا كارمينا: تركت الترامبية أثر مهما ليس في أمريكا ولكن في أوروبا وإسبانيا.

 

وفي فرنسا وإسبانيا وعدد آخر من الدول الأوروبية، فقد موضع الساسة ومن كل الأطياف أنفسهم من خلال الحروب الثقافية على الطريقة الأمريكية، فيما يتعلق بالهوية السياسية وكيفية التعامل مع التاريخ الوطني. وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” رحّب اليميني الفرنسي المتطرف إيريك زمور والذي يشاع أنه سيرشح نفسه للانتخابات الفرنسية في نيسان/ أبريل وزادت شعبيته في استطلاعات الرأي، رحّب بالعلاقات مع ترامب، قائلا: “من الواضح أن هناك نقاطا مشتركة. ومن ناحية أخرى، فشخص قادم كليا من خارج النظام الحزبي وليس له مسيرة سياسية وأكثر من هذا، يعرف أن مشاكل الطبقة العامة الكبرى نابعة من الهجرة والتجارة”. ولا يوجد ما يقابل هذه الروابط بين اليسار الأوروبي ونظيره الأمريكي. وقالت مسؤولة أوروبية اشتراكية ديمقراطية في زيارة لواشنطن، إن المؤسسة الديمقراطية قد تجد علاقة مع يمين الوسط الأوروبي أكثر من يسار الوسط الأوروبي. ويعتبر الحزب الجمهوري الأمريكي وفي الشروط الدولية، حزبا ينتمي لليمين المتطرف.

 

وقام معهد “في- ديم” بجامعة غوتنبرغ بالسويد الذي لديه مؤشر يرصد مئات الأحزاب السياسية في 169 دولة، بناء على منظور مشترك، بمتابعة مسار الحزب الجمهوري. وبناء على هذا الرأي، فالتحول نحو القومية المتطرفة التي تمظهرت عبر الترامبية جعلت الحزب أقرب إلى الفصائل الميالة للشمولية الحاكمة في دول مثل هنغاريا وتركيا وجعلته أكثر تطرفا وبعدا عن الليبرالية من الأحزاب المتطرفة في أوروبا الغربية مثل التجمع الوطني في فرنسا وفوكس في إسبانيا. وظهر في نهاية الأسبوع السناتور الجمهوري عن ولاية تكساس تيد كروز في تجمع افتراضي في مدريد عقده حزب فوكس، حيث تحدث بعبارات وردية عن “القيم المشتركة” بينه وزعيم الحزب سانتياغو أبسكال الذي يتبنى سياسة شرسة مناهضة للمهاجرين ومعادية للمسلمين والناشطات الأنثويات.

 

وهاجم أبسكال البابا فرنسيس لانتقاده إسبانيا وخطايا الاستعمار في الأمريكيتين، وعبّر عن حنينه لماضي البلد الفاشي. وأخبر كروز الحضور قائلا إن الهدف الموحد يجب أن يكون هو “الترويج والدفاع عن المبادئ التي تعلم رؤيتنا لعالم يزدهر فيه الناس الذي يؤمنون بمبادئنا”، وما لم يقله كروز هو ماذا سيحدث لمن لا يتفق مع هذه المبادئ.

زر الذهاب إلى الأعلى