أخبار عالميةالأخبار

هل غيرت إلهان عمر مواقف الحزب الديمقراطي من إسرائيل والعدالة للفلسطينيين؟

نشرت مجلة “بوليتكو” تقريرا للصحافي أندرو ديسيديريو قال فيه إن إلهان عمر بدأت تجربتها في الكونغرس كناقدة وحيدة لعقود من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وبعد 6 أشهر من دورتها الثانية بات لدى النائبة الديمقراطية من مينيسوتا حلفاء جدد و متنوعون.

ولاحظ الكاتب أن المستوى الأخير الغاضب داخل الحزب بسبب النزعة التقدمية للسياسة الخارجية التي أبدتها عمر، قد هدأ. وهو تحول ملحوظ لنائبة يواصل الحزب الجمهوري جهوده لتقديمها على أنها رمز لميول الحزب الديمقراطي إلى أقصى اليسار.

 

وفي حين أن تعليقات عمر الأخيرة لم تكن خفيفة بشكل مباشر كما كانت في الماضي، فإن الديمقراطيين أظهروا ارتياحا أكثر لدعمها، لا سيما وهي تضغط على الحكومة الإسرائيلية بطرق تخالف تقاليد الحزبين القديمة في واشنطن.

 

ويشير هذا الموقف المتقبل أكثر لعمر إلى أن موقف حزبها المتغير في نظرته لدور أمريكا في الشرق الأوسط ليس تغيرا قصير المدى وله علاقة فقط بالصراع الأخير الذي استمر 11 يوما بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة.

 

وقال الكاتب إن عمر، وهي واحدة من أول امرأتين مسلمتين تم انتخابهما لعضوية الكونغرس ولاجئة صومالية المولد، تعتبر رمزا لاتجاه يختلف كثيرا عن الاتجاه الذي يصوره منتقدوها الجمهوريون: وجهة نظرها تتماشى مع منظور الديمقراطيين الأصغر سنا، داخل وخارج الكونغرس، الذين يريدون تركيز السياسة الأمريكية الإسرائيلية بشكل أكبر على احتياجات الفلسطينيين.

 

وقال النائب الديمقراطي عن نيويورك، جمال بومان: قد يصف البعض تعليقات عضو الكونغرس عمر بأنها مؤذية أو حادة. لكنني أعتقد أنها حادة فقط لأننا تجنبنا النقاش، في هذه المسائل، لفترة طويلة. مضيفا: لقد عاشت فظائع حقوق الإنسان، لذا فإنها ستنتقدها عندما تراها. ونحن كحزب يجب أن ندعمها وعلينا أن ننتقد (انتهاكات حقوق الإنسان) أيضا عندما نراها، سواء كانت إسرائيل أو أي جزء آخر من العالم.

 

ويعلق الكاتب أن عمر تواجه الإدانة منذ عامين عندما استخدمت ما اعتبره العديد من زملائها مجازات معادية للسامية على تويتر. وانتقد الديمقراطيون، وخاصة الأعضاء اليهود الحزب، خطابها في ذلك الوقت واستمروا بمراقبة انتقاداتها المستمرة للأنشطة الاستيطانية من قبل الحكومة الإسرائيلية التي عطلت حياة الفلسطينيين بشكل غير متناسب.

 

وخلال حرب الشهر الماضي في غزة، انتقدت عمر إسرائيل مرة أخرى لما وصفته بانتهاكات حقوق الإنسان. كما نشرت رسائل ضد معاداة السامية وسط تصاعد الهجمات على اليهود الأمريكيين. وعندما دعت عمر لإجراء تحقيق دولي في معاملة إسرائيل للفلسطينيين، جمعت إسرائيل وأمريكا وحماس وطالبان لتقول إن الأربعة ارتكبوا فظائع لا يمكن تصورها.

ورد عدد من أعضاء مجلس النواب اليهود من الديمقراطيين بتصريح ينتقد عمر بسبب المقارنة “الجارحة” و “المضللة” التي “تعطي غطاء للجماعات الإرهابية”؛ كما قام 6 من كبار قادة الديمقراطيين في مجلس النواب بالرد على عمر لأنها “قامت بمقارنات زائفة” وطلبوا منها توضيح ملاحظتها مشكورة.

 

وأثارت تلك النيران الصديقة على عمر تكهنات بأن مجلس النواب قد يتحرك لمعاقبتها، لكن لم يتحقق أي تهديد ملموس. في الواقع، دافع عدد كبير من الزملاء – بمن فيهم الديمقراطيون اليهود وتجمع السود في الكونغرس – عن عمر وأصروا على أنها كانت مستهدفة بشكل غير عادل لأنها امرأة مسلمة.

 

وقال النائب الديمقراطي عن ولاية كنتاكي، جون يارموث ، وهو يهودي أمريكي سبعيني مما أكد أنه لن يواجه رد فعل عنيف مماثل لاتفاقه مع تعليق عمر: إنها تظل تحت تدقيق أكثر بكثير من أي شخص، كشخص مثلي. الناس على استعداد لتحليل كل كلمة تقولها. وأعتقد فقط أن هذا غير عادل. وأضاف: فكرة أنه لا يمكنك ذكر أمريكا وإسرائيل وحماس في نفس الجملة دون اتهامك بمعاداة السامية؟ هذا مجرد سخافة.

 

عندما هاجم الجمهوريون عمر متهمين إياها بمعاداة السامية، سرعان ما أصبح واضحا أن غالبية الديمقراطيين كانوا يحاولون تجاوز هذه المسألة. فلم يدفع المشرعون الـ 12 الذين أدانوا عمر في البداية بالقضية إلى أبعد من ذلك. ولم يواصل الجمهوريون خططهم الأولية بالتصويت على طردها من لجنة الشؤون الخارجية.

 

كما واستغل عدد أكبر من الديمقراطيين هذه اللحظة للتأكيد على أنهم لا يرون أن انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية بذاته تحيزا ضد الشعب اليهودي.

وقال النائب الديمقراطي عن ميتشغان، آندي ليفين، وهو يهودي أمريكي: إن كنت تؤمن بالمساءلة عن حقوق الإنسان وعن جرائم الحرب؟ فكيف يمكنك أن تؤمن به للجميع ما عدا نفسك أو أصدقاءك؟ .. هذا ما قالته النائبة عمر في الواقع. هذا كان موقفي لسنوات عديدة، فلماذا يهاجمها الجميع عندما تقول ذلك؟.

 

ويعلق الكاتب أن العدد المتزايد من المدافعين يمثل انتصارا لعمر ورفاقها التقدميين، الذين يقولون إن رسائلهم بشأن إسرائيل تزداد قوة وتجذب المزيد من الدعم من جميع أنحاء التجمع والحزب.

وكان التقدميون في البداية غاضبين من أن النخبة العليا في القيادة الديموقراطية كانت سريعة جدا لانتقاد تصريحات عمر. ومع ذلك، رفضت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية عن كاليفورنيا، نانسي بيلوسي في وقت لاحق وصف هذا الرد بأنه “توبيخ”، واعتبر الجمهوريون التهدئة وكأن خصومهم يتنازلون فعلا عن هراوة سياسية ممكنة.

 

وقال السيناتور عن فلوريدا ريك سكوت، الذي يرأس ذراع حملات الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ: إن الحزب الديمقراطي لم يعد يدعم إسرائيل، وهم راضون في مساعدة منظمة إرهابية. هذا هو ما وصلوا إليه. إنها قضية جيدة بالنسبة لنا.

 

وحاول الجمهوريون بشكل دائم ربط الديمقراطيين بعمر واستخدام خطابها كعصا سياسية لتصوير الحزب بأكمله على أنه متطرف. خلال الجولة الأخيرة من القتال بين إسرائيل وحماس، ذهب بعض المشرعين الجمهوريين إلى حد اتهام الديمقراطيين بدعم حماس لأنهم كانوا يضغطون علانية من أجل وقف إطلاق النار في تحد لرئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو.

 

ويرد الليبراليون بالقول إن موقفهم منطقي سياسيا، حيث أدى الانقسام بين الأجيال داخل الحزب الديمقراطي إلى دعوات المشرعين الشباب إلى إعادة تقويم السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل. يجب على الديمقراطيين التفكير في عقيدة سياسة خارجية تأخذ في الاعتبار انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة من قبل حلفاء أمريكا، كما يقول الأعضاء الأصغر سنا، ويجب على قيادة الحزب التي يهيمن عليها شخصيات في الثمانين من عمرها أن تشجع حوارا كهذا.

 

وقالت النائبة الديمقراطية عن نيويورك، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز: “ينظر الشباب حقا إلى هذا من خلال وجهة نظر علمانية وغير عرقية أو ثقافية أو قومية.. الشباب يقولون، لماذا نمول هذا؟ لماذا ندعم هذا؟”. وأضافت أوكاسيو-كورتيز، حليفة عمر منذ فترة طويلة والتي دعت إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة مع إسرائيل، إنها تسمع في كثير من الأحيان الشباب الأمريكيين اليهود الذين “نشأوا على سردية واحدة” حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أنهم “لا يريدون ربط هويتهم بهذا الظلم”. وأشارت أوكاسيو-كورتيز، وهي واحدة من عدة تقدميين يضغطون لفرض شروط على المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، وهو أمر بالغ الأهمية لبقائها في المنطقة، إلى أنها دعت منذ فترة طويلة إلى اشتراط أموال المساعدات الأمريكية لمختلف البلدان المشتبه في ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان وليس إسرائيل فقط.

 

وفي الوقت نفسه، غالبا ما يضيف التقدميون الذين يرغبون في الاستمرار في إعادة تقييم العلاقة بين أمريكا وإسرائيل عنصر العدالة الاجتماعية إلى رسائلهم، مما يؤكد أن أسلوبهم مناهض للمؤسسة. وينظر التقدميون والديمقراطيون الشباب على وجه الخصوص إلى مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن – التي ضمت غالبية من كلا الحزبين – على أنها قوة مدمرة.

 

وبعد الحرب الأخيرة التي شهدت تحفظات عدة أبداها الديمقراطيون من استراتيجية الرئيس جو بايدن المتمثلة في “الدبلوماسية الهادئة والمكثفة” لوقف النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، يشعر الليبراليون برغبة ملحة لتحدي النوع التقليدي من السياسة الخارجية التي يجسدها بايدن.

 

وقال النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا رو خانا إنه تحول جيلي لإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان والتركيز على حقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأمريكية.. وهو بالتأكيد اعتراف بأن هذه الحقوق تشمل حقوق الإنسان الفلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى