أخبار عربيةالأخبارموريتانيا

خوف عام في موريتانيا بعد مقتل أستاذ جامعي وتسجيل حالات انفلات أمني

يعيش سكان العاصمة الموريتانية ليومهم الثاني وسط ذعر وخوف شديدين بعد أن اغتال ثلاثة موريتانيين أحداث السن، بالسكاكين، الأستاذ الجامعي الشهير محمد سالم ولد الداه وهو في طريقه بين منزله بحي توجنين شمال شرق العاصمة والدكان المجاور.

 

فقد ارتاع سكان العاصمة لمقتل الأستاذ وتواصلت التظاهرات الاثنين أمام منزله مطالبة بتطبيق القصاص حدا في حق قاتليه وهم ثلاثة شبان منحدرين من مجموعة “الحراطين” الموريتانية المستعربة ذات الأصول الزنجية.

 

وأعلنت الإدارة الجهوية لأمن ولاية نواكشوط الشمالية الاثنين أنها تمكنت من إلقاء القبض على العصابة الإجرامية التي ارتكبت جريمة قتل بحق المواطن محمد سالم ولد التاه، مؤكدة أن العصابة تتألف من ثلاثة عناصر، وأنها نفذت عمليتها الإجرامية بعد ترصد المجني عليه وتحت تأثير المسكرات، كما أنها نفذت في نفس الليلة عدة عمليات تلصص وحرابة في أماكن متفرقة من مقاطعة توجنين.

 

وقد أدت هذه الحادثة مضافة لسلسة اعتداءات بالأسلحة البيضاء تم تسجيلها في أحياء متفرقة من العاصمة بينها اعتداء عصابة من ثلاثين شابا على نزيل بأحد فنادق العاصمة، لتوجيه انتقادات لاذعة للخطة الأمنية المطبقة في العاصمة.

 

وتم اليوم تداول صور للرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني وهو يتفقد فجر الإثنين وحدات تأمين العاصمة مصحوبا بمدير الأمن ووزير الداخلية اللذين شرحا له تفاصيل خطة تأمين العاصمة والوسائل المخصصة لها.

 

ولاقت صور الرئيس وهو يتفقد مواقع الأمن استحسان الساسة والمدونين لكنهم أعربوا عن أملهم في أن يصحب تلك الرسالة، عمل ميداني على أرض الواقع تضع من خلاله السلطات يدها على من يزعزع الأمن ويروع المواطنين الآمنين في بيوتهم، وألا يقتصر الأمر على صورة في الشارع مع قادة الأجهزة الأمنية.

 

وبينما طالب البعض بإقالة وزير الداخلية ومدير الأمن، وفيما نصحهما البعض الآخر بالاستقالة المشرفة على غرار ما يحدث في حكومات العالم، انصبت الضغوط على الحكومة وعلى القضاء لتطبيق حد القصاص في قتلة الأستاذ الجامعي.

 

واعتبر الشيخ محفوظ ولد الوالد أنما تعرفه البلاد من انفلات أمني، وارتفاع في جرائم القتل، والسرقة، والاعتداء على الحرمات الخاصة والعامة، يرجع إلى عدة أسباب أهمها، تقصير بعض الجهات الرسمية المعنية بتوفير الأمن، والتدابير الوقائية لمنع هذه الجرائم قبل وقوعها، وضعف أداء بعض أجهزة الشرطة في متابعة المجرمين، لإلقاء القبض عليهم، وتقديمهم للعدالة، بعد ارتكاب هذه الجرائم، وتساهل بعض الجهات القضائية بعدم الحكم على المجرمين بالأحكام الشرعية الرادعة، والعقوبات الزاجرة، وتخفيف العقوبة بدلا من ذلك، وتعطيل الجهات التنفيذية لإقامة الحدود والعقوبات الشرعية الصادرة عن القضاء ضد المدانين بهذه الجرائم.

 

وقال: ما لم يتم تدارك الأمر بتحمل المسؤولية، وتحكيم الشرع، وإقامة الحدود، وتحقيق العدالة، فسيظل القتلة والمجرمون يعبثون بحياة، وأعراض، وممتلكات الناس دون وازع من دين، او رادع من عقوبة.

 

وكتب الإعلامي أحمد محمد المصطفى: تحتاج إعادة الأمن في هذه الربوع إلى إجراءات حاسمة، ومستعجلة، وقرارات واستراتيجيات على المدى المتوسط والطويل.

 

وأضاف: بالنسبة للإجراءات الاستعجالية، يجب تنفيذ الأحكام القضائية النهائية، وخصوصا في قضايا القتل (ولكم في القصاص حياة)، والقتل أنفى للقتل، وعدم قتل القاتل احتراما لحقه كإنسان تضييع لحق إنسان آخر قتل ظلما وعدوانا، بل وتشجيع للقتلة على قتل آخرين.

 

واقترح أحمد المصطفى إلغاء القرارات الارتجالية ذات الطابع الانتقامي الشخصي، بانتزاع صلاحيات الشرطة منها، وتوزيعها على أجهزة أخرى لم تكوَّن عليها، بل إن الأمر، للأسف، يضيف المدون، أوجد تنافسا بين الأجهزة الأمنية لدرجة اتهام بعضها بتنفيذ أو تسهيل وقوع جرائم في مناطق اختصاص الأجهزة الأخرى حيث توزع مقاطعات نواكشوط الآن بين ثلاثة أجهزة أمنية، حيث تتولى الشرطة مقاطعات تيارت، ولكصر، تفرغ زينة، ويتولى الحرس السبخة، والميناء، والرياض، ويتولى الدرك عرفات وتوجنين ودار النعيم.

 

وتابع: يجب إعادة مسؤوليات الشرطة إليها، وتعيين قائد لها من سلكها، وإنهاء “تمدد” جنرالات الجيش والحرس والدرك خارج مجالات عملهم التقليدية، مع تنقية الأجهزة الأمنية، وخصوصا الشرطة من أصحاب السوابق الإجرامية، وإعداد لائحة بأصحاب السوابق، وتوزيعها على كل الأجهزة الأمنية، والعدلية، وتسريع الإجراءات القضائية لتخفيض أعداد المحبوسين احتياطا، فلا يعقل أن يكون نصف نزلاء السجون في البلاد برآء (لأنهم لم يمثلوا أمام أي تشكيلة قضائية والمتهم بريء)، في حين أن المجرمين يسرحون ويمرحون ويقتلون.

 

وطالب المدون بإقالة ومعاقبة المسؤولين الحاليين عن الأمن، من الوزير إلى مفوضي المفوضيات التي تتبع لها المناطق التي وقعت فيها جرائم القتل الأخيرة، واتخاذ إجراءات استعجالية وصارمة، بمشاركة كل الأجهزة الأمنية لوضع حد للانتشار المفزع للمخدرات، وخصوصا في صفوف المراهقين، وتوجيه ضربة قاضية لشبكاتها، من المهرب إلى الموزع.

 

أما القرارات متوسطة أو طويلة المدى، يضيف المدون، فبوابتها إصلاح التعليم، وأُسُّها معالجة المظالم، والتوزيع العادل للثروات.

زر الذهاب إلى الأعلى